السبت 2024/09/14

آخر تحديث: 13:50 (بيروت)

يُعامَلن كـ"مُساعدات للعائلة بلا أجر"...صيّادات تونسيات يواجهن الذكورية

السبت 2024/09/14
يُعامَلن كـ"مُساعدات للعائلة بلا أجر"...صيّادات تونسيات يواجهن الذكورية
التغير المناخي وخرق الصيادين للقانون.. مشاكل إضافية (غيتي)
increase حجم الخط decrease
تسحب سارة السويسي قاربها الصغير على شاطئ جزيرة قرقنة في جنوب تونس، وهي واحدة من نساء قليلات يحترفن صيد الأسماك كمهنة كانت لزمن طويل حكراً على الرجال. ورغم محاولتها من دون يأس كسر تلك الصورة النمطية، باتت تواجه اليوم أيضاً مشاكل بيئية تهدد مصدر رزقها.

وقالت السويسي التي تعشق المهنة منذ مراهقتها، معتمرة قبعة بيضاء: "أحب البحر وأحب صيد الأسماك، لذلك كنت مصرة على ممارسة هذا النشاط حتى لو أن المجتمع لا يتقبل فكرة أن تتولى امرأة" هذه المهمة، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وتؤدي المرأة "دورا نشطاً ومتنوعاً في مختلف فروع" هذا القطاع الحيوي في تونس، والذي يمثل مع تربية الأحياء المائية نحو 13% من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها لا تحظى بالتقدير المستحق، بحسب دراسة حديثة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو". وفي حين لا تتوافر إحصاءات بشأن حجم دور النساء من إجمالي عدد الصيادين البالغ 44 ألفاً العام 2023 بحسب "المرصد الوطني الفلاحي"، فإن 60% من العاملين في الاقتصاد الموازي في البلاد هم من النساء.

وأشارت دراسة "فاو" إلى أن الصيادات "لا يُعتبرن في أحيان كثيرة عاملات فعليات" من نظرائهن الرجال، ولا تتاح لهن مساعدات وفرص تدريب وقروض مصرفية بالقدر نفسه مثل الرجال، بل يُصنفن على أنهن "مقترضات ذات مخاطر عالية". وبحسب الدراسة، ينظر إلى النساء العاملات مع أقاربهن الرجال "على أنهن مساعدات للعائلة بلا أجر".

وفي منطقة رواد، شمالي تونس العاصمة، نظمت "جمعية الصيد المستدام" في حزيران/يونيو الماضي، ورشة تدريب للنساء في مهن الصيد. وقالت منسقة الورشة ريما موسوي أن التدريب يرمي إلى "إيجاد موارد إضافية توازياً مع التكيف مع ظاهرة التغير المناخي وتراجع الموارد البحرية وممارسات الصيد السيئة".

لكن طموح غالبية النساء المشاركات في التدريب يتمثل في كيفية مساعدة الرجال من حولهن، حسبما قالت صفاء بن خليفة، إحدى المشاركات، التي ستساعد زوجها ووالدها في "خياطة شباك الصيد". وعلى نقيضها، تفخر سارة السويسي، وهي أمّ لولدين، باستقلاليتها وبمساهمتها في مصاريف عائلتها مع زوجها الذي يمارس الصيد أيضاً.

وإضافة إلى العقبات المتعلقة بالانحياز الأكبر للرجال على حساب النساء، تواجه النساء أيضاً تحديات مناخية قاسية مثل ارتفاع درجة حرارة مياه البحر في شواطئ جزيرة قرقنة، الواقعة على بعد 300 كيلومتر جنوبي تونس العاصمة. ففي آب/اغسطس، سجل البحر الأبيض المتوسط درجات حرارة قياسية، بمتوسط يومي بلغ 28,9 درجة، ما يجعل مياهه غير صالحة لبعض أنواع الأسماك والأعشاب البحرية.

وعلى الساحل التونسي الذي يبلغ طوله 1300 كيلومتر، يتفاقم التهديد الذي تواجهه الحياة البرية بسبب الصيد الجائر والأساليب غير المستدامة مثل المصائد البلاستيكية المستخدمة لاصطياد الأسماك أو شباك الجر التي تجرف قاع البحر وتتلف مستوطنات الأعشاب البحرية.

وقالت السويسي: "إنهم (الصيادون) لا يحترمون القانون، ويصطادون كل ما في وسعهم، حتى خارج فترات الصيد المسموح بها".  فيما يمثل التلوث مشكلة رئيسية أخرى.

وفي جنوب قرقنة، أنشأ جامعو المحار جمعية العام 2017 لتطوير النشاط في منطقة الصخيرة الساحلية الصناعية، في خليج قابس، على بعد 350 كيلومتر جنوبي تونس العاصمة. وساعدت الجمعية نحو أربعين امرأة على "تحرير أنفسهن من الوسطاء" الذين بسببهم لم تستطع النساء تحصيل سوى عُشر سعر البيع النهائي لمنتوجاتهن في الأسواق الأوروبية، حسبما أوضحت رئيسة الجمعية هدى منصور.

وفي العام 2020، ولمواجهة انخفاض أعداد المنتوجات البحرية التي دمرها التلوث والاحترار المناخي، حظرت الحكومة التونسية جمعها وأغلقت الجمعية أبوابها. ولاحظت منصور التي تعمل في مجال صناعة المرطبات أنهن "لا يحزن شهادات جامعية ولا يمكنهن العثور على وظائف أخرى".

وليس المحار الصنف الوحيد الذي يعاني التلوث وارتفاع درجة الحرارة في خليج قابس الذي لم تعد مياهه "مناسبة للحياة السمكية"، بحسب آمنة بن كحلة، الباحثة في الجامعة بتونس، التي رأت أنه ينبغي العمل من أجل صيد أكثر استدامة لأن الانخفاض العام في موارد الصيد "سيؤدي بلا شك إلى تفاقم البطالة". ورفضت السويسي فكرة ترك مهنة الصيد، وقالت: "البقاء في المنزل والقيام بالأعمال المنزلية؟ مستحيل، أريد مواصلة الصيد".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها