السبت 2024/08/17

آخر تحديث: 01:37 (بيروت)

"الحزب" ورسائل "عماد4"...هل يوجّهها أيضاً لخصومه اللبنانيين؟

السبت 2024/08/17
"الحزب" ورسائل "عماد4"...هل يوجّهها أيضاً لخصومه اللبنانيين؟
يترك الفيديو مجالاً للتحليل والتقديرات التي ظهرت عند مواليه ومعارضيه (مواقع تواصل)
increase حجم الخط decrease
من حيث الشكل، لم يحمل الفيديو عن نفق "عماد4"، والذي نشره "حزب الله" تحت شعار "جبالنا خزائننا"، أي دلالات رسائل داخلية، وحصرها في سياق المعركة العسكرية ضد اسرائيل. لكن معانيه السياسية، قرأها خصومه بشكل مغاير، إذ وجد البعض فيه "تزييفاً"، كما قال النائب السابق فارس سعيد، و"دعوة للخضوع"، كما رأى الناطق الاعلامي باسم "القوات اللبنانية" شارل جبور. 

والفيديو الذي يتزامن مع تهديدات اسرائيلية بالرد على رد "حزب الله" على اغتيال القيادي البارز فيه فؤاد شكر، يقتصر على مادة بصرية غير مسبوقة، وكشف عن أنفاق ضخمة، فيما يتردد في الخلفية صوت أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ملقياً خطاباً يتوعد فيه اسرائيل بالصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة، وبالمقدرات العسكرية. 


رسائل مكررة؟
ويتكرر هذا المحتوى منذ عملية طوفان الأقصى في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وربما لكل فيديو ينشره "الإعلام الحربي" دلالاته الخاصة المرتبطة بالمرحلة والأحداث، وقد يختلف بعض الشيء المحتوى الأخير، الذي انتشر على المنصات الرقمية، إذ لم يحدّد رسالة حزب الله المباشرة منه، وما إذا كانت مرتبطة بالرد على إغتيال شكر، أم انّه يحمل رسائل أخرى تتعلق بتكتيكاته العسكرية وتموضاعته على الجبهة.

في الواقع، يجهّل الفيديو الرسالة المباشرة، ويترك مجالاً للتحليل والتقديرات التي ظهرت عند مواليه، بعدما وجدوا فيه تهديداً مباشراً لإسرائيل ورسالة عن الاستعدادات للقتال، فيما ذهب آخرون الى قراءة الفيديو كرسالة لمفاوضات الدوحة، ووجد فيه خصوم محليون رسالة سياسية للداخل، عبّر عنها جبور بالقول إنها "محاولة تخويف الشعب اللبناني بأن تسلُّح الحزب لا يترك أمامهم سوى خيار واحد: الخضوع"، وتابع: "لا نخاف، لا نخضع، أرفض العيش مع "عماد 4". 


شرخ سياسي
وبينما يعود ذلك أساساً الى الشرخ السياسي المتواصل، ينفي الباحث السياسي، الدكتور علي أحمد، المدلولات الداخلية. يقول لـ"المدن": "تظهر مواقف خصوم حزب الله عدم قدرتهم على استيعاب الرسائل الاستراتيجية التي تبثّها المقاومة، كما اتضح من ردود أفعالهم على فيديو عماد 4، الذي عرضه الإعلام الحربي".
 

تغيرات إقليمية
بيد أن الإنقسام السياسي الذي تشهده البلاد منذ سنوات طويلة، إضافةً الى الوضع الاقتصادي المُتردّي والذي تعتبره فئة من اللبنانيين نتيجة سياسات حزب الله وحلفائه، يجعل مثل هذا المحتوى مستفزاً، فيعتبر هؤلاء أنفسهم غير معنيين، وبأنّ الهم الأساسي يجب أن يتركز في صون البلاد والنهوض بها. ومن جانب آخر، قد تكون ممارسات ترهيبية سابقة اتُّهم بها أنصار الحزب، دافعاً لإعتبار بعض المواد موجّهة إلى الفئة هذه، كذلك المخاوف من تغيرات سياسية، عبّر عنها النائب نديم الجميل بالتوجس من استقدام قيادات "حماس" الى لبنان. 


لكن أحمد يرى أن الخلاف في موقع آخر، وهو متصل بتغيرات إقليمية وديناميات شعبية تهدد الخيارات السياسية لخصوم حزب الله. يقول: "علّق خصوم الحزب آمالهم على انهيار حركة حماس كوسيلة لإضعاف حزب الله، لكن ما حدث كان بعكس توقعاتهم، إذ شهدنا تصاعداً في الدعم الشعبي لحماس وحزب الله، خصوصاً في الشارع السني الذي عاد ليصنف الحزب كمقاومة، وأن الحزب الذي يُرى كرأس حربة لمحور المقاومة، هو الحزب الوحيد الذي وقف الى جانب غزة ومظلومية أهلها في وجه آلة القتل الاسرائيلية غير المسبوقة في تاريخ الصراع، مما أضعف تأثير حملات التحريض الطائفي والسياسي التي استمرت لعقد من الزمن على خلفية تدخل حزب الله في سوريا والذي دفع الحزب ثمنه غالياً من رصيده الشعبي".
 

حرب نفسية
وتشكّل المواد البصرية أداة مهمة في الحرب النفسية التي يخوضها حزب الله مع إسرائيل، وهو أسلوب لا ينحصر فيه، إذ تُعتبر الحرب النفسية جزءاً من إستراتجيات الحروب والمعارك، فهي ميادين أساسي من ميادين القتال. غير أن الواقع الذي يعيشيه لبنان يدفع إلى قراءة بعض الرسائل بشكل سلبي، خصوصاً على ضوء التجارب والممارسات السابقة، بدءاً من "غزوة" الحزب لبيروت والجبل في 7 أيار 2008، وصولاً الى تهديدات "البيئة الحاضنة" الالكترونية والتي يقول معارضو الحزب إنهم يتلقونها في مواقع التواصل، وتتضمن تخويناً وتنمراً وخطاب كراهية.
 
ويرى أحمد أنّ "الخلاف بين حزب الله وخصومه يتجاوز مسألة السلاح والمقاومة، ليصل إلى أسس أعمق وأهم"، موضحاً أن الاختلاف في الرؤية "يعكس تناقضاً جوهرياً بين الحزب وخصومه، ليس فقط حول وسائل مواجهة اسرائيل، سواء بالعسكر أو بالدبلوماسية، لكن أيضاً حول طبيعة الصراع نفسه وتحديد من هو العدو الحقيقي".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها