الأربعاء 2024/05/29

آخر تحديث: 20:55 (بيروت)

حملة "كل العيون على رفح"... ماذا لو شاركنا المنشور؟

الأربعاء 2024/05/29
حملة "كل العيون على رفح"... ماذا لو شاركنا المنشور؟
تحركات عالمية تنديداً بالمجازر في رفح (غيتي)
increase حجم الخط decrease
لم يكن هذا المقال ليكتب لولا إحدى الرسائل التي وصلتني عبر منصة "انستغرام" تسألني عما اذا كنت أرى أن مشاركة بوست "كل العيون على رفح" سيكون له أي تأثير؟ على اعتبار أن مشاركة أي منشور يتعلق بالمجزرة الاسرائيليّة في "رفح" لا تحمل تفكيراً وإنما تأتي كسلوك بديهي.

View this post on Instagram

A post shared by @bollywoodarab.fc2


في اليوم الذي تلا مجزرة رفح والتي استشهد فيها 45 من الفلسطينيين الأبرياء في خيم اللجوء، انتشرت صورة تحمل عنوان "العيون على رفح" وفي خلفيتها آلاف من الخيم المنتشرة في صحراء رملية شاسع. لكن سرعان ما أصبحت "ترنداً" عالمياً، حيث حُمِّلَت على صفحات  الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من 43 مليون مرة، مما دفع البعض الى التساؤل حول جدوى مشاركة المنشور.

وكانت هذه عبارة "كل العيون على رفح" قد وجدتها طريقها الى العلن في شباط الماضي على لسان ممثل منظمة الصحة العالمية، ريتشار ريك بابركون، الذي حذر من مصيبة محتملة في رفح اذا قرار الاسرائيلي الدخول الى رفح. 

فرض نفسه كحدث
بعد مشاركة المنشور بهذا الحجم الكبير، تحول هذا الفعل الى حديث وسائل الاعلام الغربيّة، حيث توجهت العيون إلى تغطية الموضوع كحدث عالمي يستدعي الوقوف عنده، وأبرز المؤسسات الاعلامية العالمية التي أفردت مساحة للحديث عن هذه الحملة كانت NBC و"فوربس"، "نيوزويك"، "ذا ناشونال"، "نيويورك تايمز"، و"فرانس 24" و"انديا اكسبر"  و"البياس" الاسبانية وغيرها.

وبالتالي انتقلت المشاركة من فضاءات وسائل التواصل الى المواقع الالكترونية لتمتد الى شريحة أكبر من القراء الذين قد لا يعرفون الكثير عن هذا الحدث، وأجبرت هذه المؤسسات على تغطية هذا الحدث إذ أن الأهمية التي كسبها حولته الى خبر عالمي!


رفح في المقدمة
بالتوجه الى محرك "غوغل" للبحث نجد أن كلمة "رفح" تصدرت لائة البحث في ايطاليا حيث بحث عنها مليون شخص، و500 ألف شخص في الولايات المتحدة، 200 ألف في ألمانيا، ومليونان في الهند، و50 ألف في الدنمارك، و 20 ألف في كينيا، وألفان في الفيليبين.

وبالعودة الى هذه الأرقام، نرى أن هناك تزامناً بين تحول المنشور الى ترند وارتفاع نسبة البحث عن "رفح". اذ أن انتشاره بهذا الشكل الواسع، غذى فضول الملايين حول العالم للبحث عما تعنيه هذه الكلمة، وهنا نستخلص بأنّ هذا الترند ساهم في اثراء الثقافة العالمية حول القضية الفلسطينية والمجازر المرتكبة من قبل اسرائيل.

مؤازة وتضامن
على الرغم من قيام "ميتا" بوضع حد لانتشار الأخبار المتعلقة بالمجازر الاسرائيليّة بحق الفلسطينين بحجة أنّها تحتوي مشاهد عنيفة، أو معاقبة الحسابات الناشرة على اعتبار أن ما تتداوله لا يتوافق مع أخلاقيات المنصة، إلّا أن المنشور المستحدث من قبل الذكاء الاصطناعي تغلب على الخوارزميات نظراً لعدم احتوائه على مشاهد دمويّة.

هذه الرمزية التي اعتبرها البعض بمثابة تعتيم أو تصغير من فظاعة الحدث، نجحت في الاشارة اليه ولو بطريقة ضمنية، مما أبرز حجم التكاتف الاجتماعي. فمع انتشار البوست، غدت قصص المتصفحين مشابهة الى حد كبير، لتبرهن أن العالم ليس منقسماً حول فلسطين بل أكثر من موحد. وساهم تبني المنشور من قبل المشاهير، وأبرزهم في إليسا وأحمد حلمي وفيفي عبدو ومصطفى آغا وأنغام وغيرهم، على صعيد العالم العربي، وكل من جيجي حديد، دووا ليبا، آرون بول، ونيكولا فولان والهندية كارين كابور خان، على الصعيد العالمي، في منح المنشور شرعية على مستوى أكبر.


الذكاء الاصطناعي
منذ اندلاع الحرب على غزة اتخذ الناشطون من وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة في إبراز الحقائق مع تنامي الهجمات الموجهة ضد الصحافيين بهدف إقصاء الرواية الفلسطينية. فكانت وسائل التواصل الاجتماعي المنصة الأولى لنشر ما يحصل في الداخل الفلسطيني رغم كل المعوقات التقنية والبرامجية التي وضعت سقف لمشاهدة ونشر الأخبار المتعلقة بفلسطين.

وقد عمد الناشطون إلى اختلاق طرق للتذاكي على الخوازميات وضمان إيصال صوت الفلسطينيين المقهورين الى العالم، لكن هذه الطرق لم تحظَ بالقوة نفسها التي أحرزتها هذه الحملة. فالمنشور الشهير يشير الى ضعف التدريبات الخاصة بالذكاء الاصطناعي أمام تجنيده لصالح القضية وهنا بتنا نتحدث عن المناصرة "الاصطناعية"! فهل ستستطيع المنشورات الجديدة التي لا تحمل صورة فقط، بل أرقامًا وعبارات تضامن، التغلب مرة أخرى على هذه الهفوة الالكترونية؟ أم سنكون أمام معركة من نوع آخر مع قيام الاسرائيليين بتجنيد الذكاء الاصطناعي لصالحهم؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها