الثلاثاء 2024/07/23

آخر تحديث: 14:41 (بيروت)

حسام الدين محمد...لا تفارقني "قد أتاك يعتذر" لبشارة الخوري

الثلاثاء 2024/07/23
حسام الدين محمد...لا تفارقني "قد أتاك يعتذر" لبشارة الخوري
increase حجم الخط decrease
لا تفارقني منذ أيام قصيدة بشارة الخوري التي غنتها فيروز "قد أتاك يعتذر".
يعود ذلك في ظني إلى جماليات عديدة فيها. أهمها تلك الانتقالات اللطيفة المرهفة بين أصوات المتكلم والمخاطب والغائب، وكلها لم تأت عبثاً، وتحليلها مهم جداً لفهم معاني القصيدة. 
يبدأ الخوري في مقطع القصيدة الأول باستخدام صوت الغائب المجهول لعاشق ومعشوق لكنّ الشعر يشير بقوة الى المتكلم المتخفي وراء اللغة الذكية المبطنة: قد أتاك يعتذر / لا تسله ما الخبر، كلما أطلت له/ في الحديث يختصر، في عيونه الخبر/ ليس يكذب النظر.

تنقلب المقطوعة فجأة لصوتي المتكلم والمجهول لتخديم المعنى الذي يحاول التملص من إسار المجهولية: قد وهبته عمري/ ضاع عنده العمر، حبنا الذي نشروا/ من شذاه ما نشروه، صوحت أزاهره/ قبل يعقد الثمر.

ثم تنقلب في المقطع الثالث إلى صوتي المتكلم والمخاطب وتتفلت لتعبر عن حاجة العاشق المهجور المجروح للتخاطب مع المعشوق الهاجر: عد فعنك يؤنسني/في سمائه القمر. 
تنتهي القصيدة بصوت ضائع بين المتكلم أو المجهول ليضمّن السطر الأخير رسالته الرهيفة ولكن المتهمة الصاعقة: قد وفى بموعده/ حين خانت البشر!

نال الخوري مجداً كبيراً لدى مغني عصره الكبار مثل عبد الوهاب وأسمهان وفريد الأطرش وفيروز، لكنّ اسمه لا يتردد كما يستحق حين تورد أسماء رواد الشعر العربي الحديث، أما تلقيبه بـ"الأخطل الصغير" ففيه تنقيص من قيمته فقصد جمع شاعرين أموي وحديث، فقط لكونهما مسيحيان، هو أمر بائس.

لعل هذا كان في بال أدونيس حين جمع نفسه بالمتنبي في كتابه "الكتاب"، وربما لو تتبعنا هذا الخيط فسنفتح أبواب تابوهات مخفية؟

(*) مدونة نشرها الكاتب السوري حسام الدين محمد في صفحته الفايسبوكية

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها