الجمعة 2024/07/12

آخر تحديث: 12:33 (بيروت)

عن الانتخابات الفرنسية

الجمعة 2024/07/12
عن الانتخابات الفرنسية
increase حجم الخط decrease
حركة "فرنسا الأبية" (العاصية) نموذج لحركة شعبية معارضة جذرية في مواجهة النيوليبرالية. نشأت من خارج احزاب اليسار التقليدية وقوامها عنصر قوي من الشباب وفئات واسعة من جماهير الطبقات المتوسطة والدنيا. بلورت رؤية يسارية وبرنامجاً اجتماعياً يسعى الى استعادة جماهير عمالية وشعبية واسعة متضررة من الإجراءات النيوليبرالية انحازت لليمين الفاشي. ومن أبرز معالم البرنامج فرض الضريبة على الثروات الكبرى، رفع الحد الأدنى للأجور، خفض سن التقاعد، وتعزيز الضمان الاجتماعي والصحي والتعليم الرسمي، الخ. الى ذلك موقفها المميز بل الفريد في الدفاع عن قضية فلسطين، والدعوة الى وقف المجزرة الجماعية في غزة والمطالبة باعتراف فرنسا بدولة فلسطينية. 

وكان لـ"فرنسا الأبية" الدور المبادر في تشكيل "الجبهة الشعبية الجديدة"، التي احيت ذكرى الجبهة (الأولى) بين الشيوعيين والاشتراكيين بقيادة ليون بلوم التي حكمت فرنسا فترة ١٩٣٦-١٩٣٨ ووقعت معاهدة الاستقلال مع سورية ولبنان عام ١٩٣٦. وقد ضمت الجبهة الى فرنسا الابية، احزاب الاشتراكي والشيوعي والخضر، وحظيت بدعم من اكبر اتحادين عماليين ومن اتحادات مهنية وجمعيات اهلية  عديدة. وكوفئت "فرنسا الأبية" بدورها المبادر والجذري بنيلها العدد الاكبر من أصوات الناخبين بين احزاب الجبهة. ومن الواضح أيضا أن التعبئة الشعبية التي اثارها قيام الجبهة أسهم في انتعاش الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وقد زاد الحزبان من أصواتهما ومن الحضور السياسي. لم تحمل نتائج الانتخابات غالبية واضحة لليسار، وصدمت أوهام اليمين الفاشي بالحكم، لكن لا يجوز اغفال حقيقة أن "التجمع القومي" (مارين لوبان) ما زال يتحدث باسم عشرة ملايين مقترع.

يؤشر عدم حصول اي كتلة نيابية على غالبية حاسمة من الاصوات بعودة فرنسا إلى عهود تشكيل الحكومات الائتلافية الشائعة حالياً في سائر أوروبا. لكن المهم في الآتي من الايام أن تستطيع اطراف "الجبهة الشعبية الجديدة" الاتفاق على مرشحها لرئاسة الحكومة وعلى كيفية مواجهة مناورات ماكرون وكتلة الوسط وحملة العداء والشيطنة التي يمارسها اليمين الفاشي.

(*) مدونة نشرها الباحث والمؤرخ اللبناني، فواز طرابلسي، في فايسبوكه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها