نشرت وكالة "فرانس برس" تقريراً نقلت فيه عن محللين أن استشهاد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، يعطي دفعة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي واجه احتجاجات محلية واسعة وانتقادات خارجية متزايدة.
مع ذلك، يؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن القتال ضد الحزب اللبناني لم ينته بعد، وأثاروا مرة أخرى احتمال التوغل براً، حتى بعد مقتل أحد "ألد أعداء" بلادهم، بحسب الوكالة التي نقلت عن الباحث في معهد دراسات الأمن القومي ومركز الأبحاث ميسغاف إن "هناك إجماعاً واسع النطاق بين الغالبية العظمى من المجتمع الإسرائيلي على تسوية المشكلة مع حزب الله"، وأنه "إذا كان الأمر يستلزم حرباً شاملة، فلتكن حرباً شاملة".
من جهته، يعتبر خبير شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي أن لعملية الاغتيال فائدة إضافية تتمثل في تقديم تحذير قوي لأعداء إسرائيل، مضيفاً أن "تصفية نصرالله هي بمثابة تتويج للجهود". ويوضح أنه بعد العملية "إذا كنت إيران، وإذا كنت سوريا، وإذا كنت الحوثيين، وإذا كنت فصيلاً شيعياً عراقياً، وبصراحة الكثير من الفصائل الأخرى في الشرق الأوسط، فإنك سوف تراقب أمنك عن كثب".
عدو مشترك
في الأشهر الأخيرة، واجه بنيامين نتنياهو ضغوطاً متزايدة من معارضيه الذين يتهمونه بعدم بذل جهود كافية لإبرام اتفاق هدنة من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ورفض شركاؤه اليمينيون المتطرفون في الائتلاف الحاكم الذين يعتمد نتنياهو على دعمهم للبقاء في السلطة، أي اتفاق من هذا القبيل، مطالبين بالتزام الهدف المعلن من الحرب وهو تدمير حماس. وأجبرته المعارضة الشديدة من الأحزاب اليمينية المتطرفة نفسها وغيرها على التراجع في اللحظة الأخيرة عن مقترح لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً مع حزب الله والذي قدمته الولايات المتحدة وفرنسا، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" ذات التوجه اليساري.
ويواجه نتنياهو أيضاً عزلة متزايدة على الساحة الدولية، وهو ما ظهر جلياً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أدان عدد كبير من زعماء العالم في خطاباتهم تصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة.
وفي خطابه أمام الأمم المتحدة الجمعة، رفض نتنياهو الانتقادات، قائلاً إن الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس من شأنها في نهاية المطاف أن تفيد حتى بعض أشد منتقدي بلاده. وقال: "نعم نحن ندافع عن أنفسنا، ولكننا ندافع عنكم أيضاً ضد عدو مشترك يسعى من خلال العنف والإرهاب إلى تدمير أسلوب حياتنا". وأضاف: "لذلك لا ينبغي أن يكون هناك أي ارتباك حول هذا الأمر، ولكن لسوء الحظ، هناك الكثير منه في العديد من البلدان وفي هذه القاعة ذاتها، كما سمعت للتو".
وأدلى مسؤولون إسرائيليون بتصريحات مماثلة قبل اغتيال نصرالله وبعده.
إقليمياً، أدى الموت والدمار الواسع النطاق في غزة إلى تعطيل اتفاق تطبيع تاريخي محتمل مع السعودية، موقتاً على الأقل. لكن مسؤولاً أمنياً إسرائيلياً نفى فكرة أن الحرب تقوض شراكات إسرائيل في الشرق الأوسط، قائلاً إن الكثير من حكام المنطقة ممتنون لاقتصاص إسرائيل من الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، بحسب "فرانس برس".
وقال المسؤول الذي تحدث للصحافيين بشرط عدم كشف هويته، إن "المنطقة تراقب الحرب... إنهم يراقبون عن كثب وبعناية شديدة". وأضاف: "إنهم يعلمون أننا نخوض حربهم الآن".
بدورها، تقول العقيد المتقاعد ميري إيسن، الباحثة البارزة في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان في إسرائيل، لوكالة "فرانس برس" إن استشهاد نصرالله يجب أن يكون موضع ترحيب من "كل شخص يناهض الإرهاب في جميع أنحاء العالم".
وهي ترى أن "الأمر لا يتعلق فقط بإسرائيل والإسرائيليين".
ليست ضربة قاضية
وفي السياق، أشار مسؤولون إسرائيليون السبت إلى إن الضربة الجوية التي شنتها إسرائيل عام 1992 وأسفرت عن استشهاد عباس الموسوي سلف نصرالله، لم تنجح في القضاء على تهديد حزب الله، كما أن الضربة الجوية التي شنتها إسرائيل الجمعة لم تفعل الكثير لمعالجة ترسانة الحزب الضخمة.
في هذا الصدد، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني للصحافيين "لقد رأينا حزب الله ينفذ هجمات ضدنا لمدة عام، ومن الممكن أن نفترض أنه سيواصل تنفيذ هجماته ضدنا، أو يحاول ذلك". ولم يستبعد شوشاني إمكانية التوغل براً في لبنان، ووصفه بأنه خيار من بين "مجموعة واسعة من الأدوات" التي يمكن استخدامها حتى بعد استشهاد نصرالله.
بدورها، تصف إيسن اغتيال نصرالله بأنه "حدث يغيّر قواعد اللعبة على مستوى القيادة"، مشيرة إلى أن العمليات البرية ربما تكون ضرورية على أي حال. وتشير إلى أن "حزب الله لا يزال يملك الكثير من الأصول، وهي لا تختفي بسبب اختفاء القيادة العليا".
وتشدد: "لديهم الكثير من القادة الآخرين الذين سيتولون زمام الأمور. لقد بنوا أنفسهم استعداداً للمدى الطويل".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها