الأحد 2024/09/01

آخر تحديث: 11:03 (بيروت)

العمليات في الضفة إنذار لإسرائيل: الصفقة أو خسارة الحرب

الأحد 2024/09/01
العمليات في الضفة إنذار لإسرائيل: الصفقة أو خسارة الحرب
قوات إسرائيلية تقتحم الضفة الغربية (Getty)
increase حجم الخط decrease
تنذر العملية العسكرية الواسعة التي بدأها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، بتحويل الضفة إلى غزة ثانية، في ظل تحذيرات الأمم المتحدة والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين بأن الضفة الغربية على وشك الانفجار. وكان لافتاً اتهام وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في 29  آب/أغسطس، إيران بالعمل على فتح ما سماها "جبهة إرهابية شرقية" عبر تهريب الأسلحة إلى الأردن ومنها إلى الضفة لدعم المقاومة الفلسطينية.
في حال صحت التقديرات وتحولت الأعمال العسكرية المحدودة والمستمرة في الضفة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى حرب واسعة شبيهة بما يحدث في غزة، فإن إسرائيل ستجد أن احتمال خسارتها للحرب ضد حماس ومحور المقاومة ليس بالبعيد أبداً. 

استنزاف وهزيمة
منذ عملية طوفان الأقصى وبدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تحاشت إيران، الداعم الرئيسي لحركة حماس، الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، حتى أن ذراعها الرئيسي، حزب الله في لبنان، حافظ طوال الفترة الماضية على قواعد اشتباك تضمن عدم توسع الحرب. اعتمدت إيران وحلفاؤها استراتيجية حرب استنزاف طويلة الأمد قد تؤدي في النهاية إلى انفجار إسرائيل من الداخل. 
في غزة، وعلى الرغم من  الجهود العسكرية التي بذلها جيش الاحتلال، إلا أن مقاتلي حماس ما زالوا يعودون إلى المدن والأحياء التي ينسحب منها الجيش، ما يؤكد نظرية أن القضاء على حماس غير ممكن، وأن حرب الاستنزاف قد تستمر لسنوات طويلة قد لا تستطيع إسرائيل تحملها. بالإضافة لغزة، هناك عمليات الحوثيين  في البحر الأحمر والتي تضغط على الاقتصاد الإسرائيلي، وجبهة الإسناد التي أشعلها حزب الله جنوب لبنان والتي أدت لنزوح عشرات آلاف الإسرائيليين من المنطقة الحيوية اقتصادياً في الشمال، والآن تهدد الضفة بفتح جبهة جديدة. 
بالنتيجة، مع استمرار الحرب، سيموت الأسرى الإسرائيليون لدى حماس ويستمر الاقتصاد الإسرائيلي في التراجع، بينما تنخفض تصنيفاته الائتمانية الدولية، كما أن المعركة القانونية في المحاكم الدولية ستشتد حدتها على الكيان الإسرائيلي، ما يهدد شرعيته وشرعية الحرب التي يخوضها من وجهة النظر الغربية. كذلك ستشتد التوترات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية التي تسعى للتوصل لوقف لإطلاق النار، مخافة أن يؤدي النزاع إلى حرب إقليمية قد تضطر للتورط بها وتؤثر على الانتخابات الأميركية. 
الأهم من كل ذلك، هو أن استمرار حرب الاستنزاف، تؤثر على الجبهة الداخلية في إسرائيل. ومؤخراً، عانى الجيش الإسرائيلي في محاولة فرض قانون تجنيد الحريديم، كما شاهدنا اقتحام المتطرفين الإسرائيليين لمعسكر سدي تيمان بعد أن أوقفت الشرطة العسكرية 9 من جنود الاحتياط، للتحقيق معهم بشبهة الاعتداء جنسياً والتعذيب والتنكيل بعديد من الأسرى.

نصر لن يتحقق
مع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة غداة عملية طوفان الأقصى، حددت حكومة بنيامين نتنياهو ثلاث شروط للنصر، تأمين حدودها مع قطاع غزة، استعادة الرهائن الذين احتجزتهم كتائب القسام، والقضاء على حركة حماس. وكان أحد أهداف الحرب الإسرائيلية، كما ورد على لسان العديد من المسؤولين، استعادة قدرة الردع بوجه إيران وأذرعها، بعد أن تآكلت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. 
حتى الآن تحقق بعض من أهداف الحرب، فقد استطاعت إسرائيل تأمين حدودها وتوقفت كلياً عمليات التسلل من غزة إلى الأراضي المحتلة. أما استعادة الأسرى فباتت قابلة للتحقيق، وهي مرهونة بصفقة التبادل التي تدور المفاوضات حولها، سواء في القاهرة أو الدوحة. وبعد أكثر من عشرة أشهر من الحرب، استطاع الجيش الإسرائيلي القضاء على جزء كبير من قدرات حماس، سواء عبر اغتيال قادة عسكريين أو تدمير أنفاق وأسلحة ومصانع، كما استعادت إسرائيل الكثير من صورة الردع لديها بعد اغتيال عدد من قادة حزب الله في لبنان والعمليات العسكرية التي استهدفت سوريا، كذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران. مع ذلك، لم توافق إسرائيل بعد على إنهاء الحرب. فبالنسبة لها، تشكل عودة حماس إلى الحكم هزيمة نكراء. وفشل إسرائيل في العثور على بديل عن حماس يحكم غزة يعني أن النصر الكامل لم يتحقق بعد. وبالتالي، فإن حرب الاستنزاف مستمرة وهو ما لا يصب في مصلحة إسرائيل.

شروط جديدة
تشكل صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى التي يجري التفاوض بشأنها حالياً مكسباً لإسرائيل من وجهة نظر العديد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، الذين يدفعون باتجاه الموافقة عليها، من يبن هؤلاء رئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس الشاباك رونين بار ووزير الدفاع يوآف غالانت، إلا أن لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو رأي آخر.
بعد جولة المفاوضات الأخيرة، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن مصادر مطلعة على المفاوضات، أن نتنياهو أرسل فريق التفاوض إلى القاهرة مع مقترح سبق أن رُفض قبل أشهر. تضمّن المقترح حفر قنوات في محور نتساريم لا تسمح بمرور المركبات. وعشية انعقاد جولة القاهرة، انتقد أعضاء في الوفد الإسرائيلي المفاوض تصريحات أدلى بها نتنياهو حول بقاء إسرائيل في محور فيلادلفيا على حدود مصر، داخل قطاع غزة. واعتبروا ذلك محاولة لتخريب المفاوضات. حينها، تظاهر الآلاف في شوارع تل أبيب مطالبين بصفقة تبادل وبرحيل الحكومة الإسرائيلية.

الصفقة أو الهزيمة
عند كل جولة تفاوضية جديدة، يضيف نتنياهو المزيد من الشروط، وبذلك فإنه يطيل أمد الحرب لأسباب سياسية، متعلقة أولاً، بالمحافظة على ائتلافه الحكومي المهدد في حال الموافقة على صفقة مع حماس. وثانياً، أن انتهاء الحرب سيؤدي إلى انتخابات في إسرائيل ومحاسبة المسؤولين عن التقصير في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وعلى رأسهم نتنياهو. 
بغياب النصر الكلي على حماس وعدم توفر بديل لحكم غزة، يتحاشى نتنياهو الدخول في انتخابات يرجّح خسارتها، إلا أن استمرار حرب الاستنزاف في غزة وجنوب لبنان واليمن، ودخول الجيش الإسرائيلي في مستنقع الضفة الغربية، قد يؤدي إلى هزيمة أكبر لإسرائيل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها