السبت 2021/10/30

آخر تحديث: 14:49 (بيروت)

أنقرة المتوجّسة من تفاهم اميركي-روسي..تدفع لإحياء "أصدقاء سوريا"

السبت 2021/10/30
أنقرة المتوجّسة من تفاهم اميركي-روسي..تدفع لإحياء "أصدقاء سوريا"
تسعى لاعادة الحرارة إلى جسد علاقاتها مع الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة (غيتي)
increase حجم الخط decrease
كشفت الدعوة التي وجهتها تركيا من أجل عودة مجموعة أصدقاء الشعب السوري للإجتماع والعمل مجدداً لـ"توجيه رسالة إلى روسيا وإيران، بصفتهما الداعمين الرئيسين للنظام السوري"، عن أزمة بين هذه الدول حول الملف السوري جعلت أنقرة تسعى إلى إعادة ترتيب تحالفاتها مجدداً. 

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال في تصريحات صحافية، يوم الخميس، إنه "يجب أن نوجه من خلال عودة الفعالية للمجموعة الرسالة التالية لروسيا وإيران: رأيتم أن الحل العسكري غير ممكن"، وفق قناة "سي إن إن ترك".

واعتبر أوغلو أن الهجوم "الإرهابي" الأخير في دمشق واعتداءات النظام في إدلب، انعكست سلبياً على محادثات اللجنة الدستورية السورية، مشدداً على أن الحل الوحيد يتمثل في "تفاهمات المعارضة والنظام على مستقبل سوريا وفق القرار الدولي 2254". 


أزمة شاملة
يبدو أن الأزمة التي تواجهها تركيا في الملف السوري تجاوزت شريكيها في رعاية مسار أستانة، إيران وروسيا، لتشمل الصين أيضاً، حيث تبادل مندوبا أنقرة وبكين الاتهامات والانتقادات خلال اجتماع مجلس الأمن يوم الخميس.

وبينما اعتبر المندوب الصيني وجود تركيا في الشمال السوري بمثابة "احتلال"، محملاً أنقرة المسؤولية عن قطع مياه نهار الفرات عن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وقوات النظام في شمال شرق سوريا، رد نظيره التركي باستهجان هذه الاتهامات، وقال إن "تركيا لا يمكن أن تتلقى ملاحظات يوجهها من ينتهك القانون الدولي الانساني"، في إشارة إلى ممارسات بكين بحق أقلية الإيغور في أقليم شيانجغ يانغ/تركستان الشرقية.

وتعكس التطورات والتباينات غير المباشرة، تصاعد التضييق من قبل حلفاء النظام ضد تركيا، سواء على الأرض أو في الميدان السياسي، حيث كان لافتاً دخول الصين على خط التصعيد للمرة الأولى بهذا الشكل.

ويرى السياسي السوري المعارض شادي مارتيني، المقيم في الولايات المتحدة، أن حلفاء النظام يريدون استغلال البرودة الشديدة في العلاقات التركية-الغربية، من أجل إجبار أنقرة على تقديم كل التنازلات الممكنة ومنعها من تحقيق أي مكاسب.

ويقول في تصريحات لـ"المدن"، إن العلاقات الأميركية-التركية في أسوأ حالاتها اليوم، ولا يتوقف الأمر عند رفض الرئيس الأميركي جو بايدن اللقاء بنظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال وجود الأخير في الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويضيف مارتيني: "الجميع هنا يعلم أن ذلك لم يكن سوى رأس جبل الجليد في العلاقات الثنائية بين البلدين، وهذا ما أدركته موسكو وبكين كما هو واضح، فبدأتا بالتصعيد ضد أنقرة بهذا الشكل، وعلى هذا تريد تركيا منع هذا المحور من الاستفراد بها في سوريا، من خلال احياء مجموعة العمل المصغرة حول سوريا المنبثقة عن مجموعة أصدقاء الشعب السوري".
تركيا تقف منفردة
ويبدو أن تعثر المفاوضات الروسية-التركية من جهة، والتركية-الأميركية من جهة أخرى حول رغبة أنقرة في تنفيذ عملية عسكرية جديدة في مناطق سيطرة "قسد" داخل الأراضي السورية، أظهر لتركيا أنها تقف منفردة، خصوصاً مع الحديث المتزايد عن مفاوضات أميركية-روسية أكثر جدية حول سوريا تجري بينهما حالياً.

ورغم عدم تحقيق تقدم أساسي في هذه المفاوضات، حسب مصادر "المدن"، إلا أن ذلك يشعر أنقرة بأن هذا التطور سيكون على حساب مصالحها.

وخلال تصريحاته الأخيرة، أكد وزير الخارجية التركي عدم استجابة واشنطن وروسيا لمطالب بلاده بخصوص إجبار "قسد" على تنفيذ ما تعهدت به سابقاً، وقال: "روسيا وأميركا لم تفيا بوعودهما حيال اجبار قوات حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني على الانسحاب من المنطقة الحدودية مع سوريا، واعتداءات هذه القوات زادت، وفي هذه الحالة يجب علينا القيام بما يلزم". 

لكن لا يبدو أن تركيا قادرة على "القيام بما يلزم" من دون تفاهم مع واشنطن وموسكو، اللتين لم يكن بإمكان أنقرة التحرك ضد "قسد" في العامين 2018 و 2019 من دون ضوء أخضر منهما، في ظل تفاقم الخلافات بينهما، ولذلك يرى البعض أن أنقرة تسعى لإعادة التشبيك مع الغرب.

لكن محمد سالم الباحث في "مركز الحوار السوري" لا يرى في هذه الدعوة التركية أكثر من رغبة بتحريك العملية السياسية، كما أنه لا يتوقع أن تلقى الدعوى استجابة بسبب "التراخي الأميركي تجاه النظام". 

ويقول في تعليقه لـ"المدن": "تأمل أنقرة بتحريك المياه الراكدة في العملية السياسية، خصوصاً بعد الفشل الذريع في الاجتماعات الأخيرة للجنة الدستورية بسبب تعنت وفد النظام، وهذه الدعوة تمثل تأكيداً لموقف أنقرة بضرورة الحل السياسي، وهو ما يشكل تمايزاً عن مواقف بعض الدول الأخرى التي تسارع الى التطبيع مع النظام دون أن يقدم حتى تنازلات شكلية"، مضيفاً: "وفي ذات الوقت لا يُتوقع أن ينتج عن هذه الدعوة إجراءات عملية للضغط على النظام، خاصة مع تراخي موقف إدارة بايدن تجاهه". 

ويتفق ذلك مع تصريح مصطفى كوكصو، السفير التركي لدى قطر، الذي قال يوم الجمعة إن بلاده "تدعم الحل السياسي في سوريا ومحاسبة مجرمي الحرب"، مضيفاً: "إن تركيا وقطر تؤمنان بأنه لا يمكن إنهاء الصراع السوري إلا عبر عملية سياسية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254". 

ويرى منتقدو سياسة أنقرة حيال الملف السوري أنها كانت أحد أبرز أسباب تراجع الاهتمام الدولي بقرار مجلس الأمن 2245 بسبب تبنيها مسار أستانة وإدارة الظهر تماماً لأوروبا والولايات المتحدة، وهي اليوم تحاول اصلاح الموقف بعد أن وصلت مع روسيا إلى نقطة شائكة، ويقولون إن هذا أحد الاثمان المتوقعة لتفضيلها العلاقات مع روسيا والابتعاد عن أوروبا والولايات المتحدة.

بينما يعتقد آخرون أن تركيا لم يكن أمامها طيلة السنوات الأربع الماضية إلا مجاراة الروس في الملف السوري، بسبب تخلي الدول الغربية عن هذا الملف من جهة، ودعمها لعدوها اللدود قوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى.

لكن الجميع يتفق على أن أنقرة ستكون أحد الأطراف الخاسرة في حال توصل روسيا والولايات المتحدة إلى اتفاق ثنائي في الملف السوري، تريد تركيا ألا يكون على حسابها، ولذا فإنها تسعى لاعادة الحرارة إلى جسد علاقاتها مع الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها