وسط حالة من الترقب للتطورات التي تشهدها المنطقة الجنوبية، وما يرافقها من تطورات على الساحة الإقليمية والدولية من تصريحات واجتماعات أردنية-روسية-إسرائيلية-أميركية، دفعت قوات النظام بتعزيزات نحو محافظة القنيطرة ونقاط التماس مع فصائل المعارضة في ريف درعا الشمالي الغربي. وتشير هذه التعزيزات، الأولى من نوعها، إلى تحضير للمعركة المرتقبة.
التعزيزات تكونت من أكثر من 15 دبابة ومئات الجنود من تشكيلات "الفرقة الرابعة" و"الحرس الجمهوري" ممن سبق لها المشاركة في معارك الغوطة الشرقية وجنوبي دمشق. ووصلت التعزيزات إلى محيط بلدة حضر في محافظة القنيطرة وإلى منطقة "مثلث الموت" في ريف درعا الشمالي الغربي. ويبدو أنها الدفعة الأولى من التعزيزات، مع استمرار عمليات التحشيد في "الفوج 137" قرب جبل الشيخ، وفي "اللواء 121" قرب بلدة كناكر، لتنضم إلى قوات النظام المتواجدة في هذه المنطقة والمكونة أساساً من "الدفاع الوطني" و"فوج الجولان".
وتُعطي هذه التعزيزات مؤشرات على إمكانية فتح قوات النظام لجبهة قتالية في ريف القنيطرة، على عكس كل التوقعات التي كانت ترجح أن تبدأ المعارك من ريف درعا الشرقي بهدف الوصول إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
(المصدر: LM)
تحضير وتحشيد قوات النظام في هذه المنطقة، يعني ميدانياً استعداداً لشنّ هجوم على بلدة جباتا الخشب في ريف القنيطرة الشمالي، وبالتالي العودة المباشرة إلى الحدود مع الجولان المحتل. ويلتقي ذلك، مع ما أعلن عن هدف الاجتماع المقبل بين وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ونظيره الروسي سيرغي شويغو، والذي سيُناقش "التوصل لتفاهم أمني" حول إعادة سيطرة قوات النظام على الحدود السورية-الإسرائيلية، مقابل طرد "حزب الله" والقوات الإيرانية، بحسب
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
قناة قاعدة حميميم العسكرية الروسية قالت أيضاً: "سيلتقي وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو غداً الخميس نظيره الإسرائيلي في موسكو لبحث تفاصيل العملية العسكرية التي تستعد القوات الحكومية السورية لشنها جنوبي البلاد. المساعي الروسية مع الجانب الإسرائيلي تتمثل في ضمان عدم اعتراض اسرائيل على العملية خاصةً وأنها منطقة متاخمة للحدود الإسرائيلية، فيما تبدي اسرائيل رفضاً قاطعاً لوجود مقاتلين إيرانيبن أو من منظمة حزب الله اللبنانية خلال تلك المعركة".
تحشيد قوات النظام لعناصرها في "مثلث الموت" في ريف درعا الشمالي الغربي، يشير إلى نيتها شنّ عمل عسكري في المنطقة الذي شهدت هدوءً لجبهاتها منذ سيطرة قوات النظام عليها في منتصف 2015. ويعني اشتعال هذه الجبهة مجدداً تزامناً مع جبهة جباتا الخشب، أن قوات النظام تهدف للوصول إلى تل الحارة الاستراتيجي، الذي يساعدها في الإشراف على مساحات واسعة من المنطقة.
ويبرز من ضمن التشكيلات التي دفعت بها قوات النظام إلى المنطقة؛ "قوات الغيث" لقائدها العميد غياث دلة، من ملاك "الفرقة الرابعة". وقد سبق لهذا التشكيل قيادة معركة السيطرة على منطقة بيت جن في ريف دمشق الغربي، أواخر العام 2017. وقد يكون تشابه البيئة الجغرافية لتلك المنطقة مع ريف القنيطرة الشمالي، الدافع الرئيسي خلف التعزيز بهذا التشكيل بالذات.
كذلك يبرز تواجد "لواء القدس" التابع لقوات النظام والمكوّن أساساً من مقاتلين فلسطينيين، إذ شهدت المنطقة خلال الأيام القادمة تواجد قيادات اللواء. وأكد أحد قيادييه، في صفحته في "فيسبوك"، تحضيرهم لانطلاق المعارك في ريفي درعا والقنيطرة قريباً.
ميدانياً، تكتفي قوات المعارضة بالمراقبة وتحافظ على مواقعها وتلتزم باتفاق "خفض التصعيد" الموقع بين روسيا وأميركا، لكنها تتجهز خلف الكواليس استعداداً للمواجهة التي يُتوقع أن تكون الأكبر منذ سنوات. وأعلن المنسق العام لغرفة عمليات "البنيان المرصوص" في مدينة درعا جهاد المسالمة، استعداد فصائل المعارضة للمواجهة، وكتب في "فيسبوك": "ان كانت حرباً فنحن أهلها".
ودمجت المعارضة مجموعة من فصائلها العاملة في ريفي درعا والقنيطرة في تشكيل واحد أُطلق عليه "جيش الإنقاذ"، تُعول عليه في تقسيم جهدها بين قوات النظام و"جيش خالد بن الوليد"، الذي قد يستغل انشغال المعارضة بمعاركها ويباغتها بهجوم جديد، كما فعل خلال العام الماضي، عندما شنّ هجوماً أفضى إلى سيطرته على مواقع عديدة أثناء انشغال فصائل المعارضة في معركة "الموت ولا المذلة" في حي المنشية في درعا البلد.
كذلك، استنفر قائد "هيئة تحرير الشام" في المنطقة الجنوبية "أبو جابر الشامي"، مقاتليه، ونشر بيانًا وُجه إلى عناصره قال فيه إن المنطقة الجنوبية تقع على شريط حدودي وتجاور منطقة البادية، لذلك لا يمكن حصارها، مطالباً عناصره بـ"اشحذوا الهمم وارفعوا العزائم وأعدوا أنفسكم للقاء العدو".
هذه التطورات المتسارعة، ما زالت تضع علامة استفهام على حقيقة الموقف الأردني من اندلاع المعارك على حدوده الشمالية، وما قد تسببه من موجات نزوح تُقدر بعشرات الآلاف وربما أكثر. الغموض في الموقف الأردني قد يُزال خلال الأيام القليلة المقبلة، بعدما استدعت عمان عدداً من قادة أبرز الفصائل العاملة في المنطقة الجنوبية للاجتماع معهم، بحسب ما علمت "المدن" من مصدر مُطلع. وأضاف المصدر أن الاجتماع من المتوقع أن يشهد إبلاغ الأردن للفصائل بموقفه من المعركة المرتقبة، مرجحاً أن يطلب الأردن من الفصائل إبعاد المعارك عن حدوده والوصول إلى حلول سلمية مع قوات النظام.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها