رغم قرار الانسحاب الأميركي المفاجئ، دخلت مدينة القامشلي شرقي الحسكة، مساء الخميس، قافلة من "التحالف الدولي" ضمت 75 شاحنة تنقل معدات لوجيستية ووقود الطائرات، قادمة من إقليم كردستان.
واستقرت القافلة في منطقة هجين المحررة حديثاً من تنظيم "الدولة الإسلامية" في ديرالزور. ويُرجح أن تكون لوازم لقاعدة عسكرية جديدة، يعتزم "التحالف الدولي" تأسيسها في بلدة هجين.
ورافقت قافلة "التحالف الدولي" قوة من "بيشمركة روج" إلى معبر الوليد بين سوريا والعراق، من دون أن تدخل معها إلى الأراضي السورية، بحسب ما قاله مصدر قيادي في "بيشمركة روج" لـ"المدن"، ولم يفصح عن سبب عدم الدخول، مؤكداً أنها "مسألة وقت فقط".
سيناريو دخول "بيشمركة روج"، بحسب الأخبار التي تروجها بعض المصادر المقربة منها، جاء ضمن اتفاقٍ بين الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والسعودية، ويقضي بتراجع "قسد" مسافة 20 كيلومتراً عن الحدود التركية، لتحل مكانها "بيشمركة روج" و"قوات النخبة" التابعة لأحمد الجربا، على طول الحدود التركية من عين ديوار إلى كوباني، بقوام 30 ألف مقاتل. وسيكون هناك نقاط مراقبة فرنسية في شركة لافارج وتل أبيض، وباشراف أميركي في تلة مشتى نور في كوباني، ومنطقة تل براك في الحسكة، ومدخل القامشلي الغربي، ومطار رميلان الجديد.
المصدر القيادي أوضح لـ"المدن"، أن السيناريو قابل للتحقق، وقبول "الاتحاد الديموقراطي" به هو الخيار الأخير له، بعد قرار الانسحاب الأميركي، رغم ما سيترتب عليه من قبول بمشاركة ممثلي "بيشمركة روج" السياسيين ("المجلس الوطني الكردي" المعارض المنضوي في "الإئتلاف") في الحكم وإدارة الموارد. وهو ربما ما دفع "الاتحاد الديموقراطي" للبحث عن بدائل، يبدو النظام أحدها. وتحدثت مصادر عن اجتماع رفيع المستوى عُقد بين "الاتحاد" والنظام، الخميس، في المربع الأمني بمدينة القامشلي. ولم تؤكد المصادر حصول اتفاق بينهما، في حين تحدثت عن عرض قدمه مسؤولو "الاتحاد الديموقراطي" على النظام، لحمايتهم من التدخل التركي، مقابل تسليمهم حقولاً نفطية شرقي الفرات.
اجتماع "الاتحاد" والنظام، تزامن مع توجه وفد يضم 23 ممثلاً عن أحزاب وشرائح دينية واجتماعية مقربة من "الإدارة الذاتية" إلى مقر القوات الأميركية في بلدة عين عيسى، للطلب منها البقاء في المنطقة. الضباط الأميركيون قالوا للوفد، إن "القرار من واشنطن ونحن ملتزمون بالتنفيذ".
ويحاول "الاتحاد الديموقراطي" استخدام ما بحوزته من أوراق، لدرء مخاطر الانسحاب الأميركي. وتحدثت مصادر في قيادة "قسد" بأنها تدرس إطلاق سراح الأسرى "الدواعش" لديها، في خطوة تُعتبر تهديداً للدول الأوروبية التي ينتمي إليها هؤلاء الأسرى.
ولدى "قسد" أكثر من سبعة آلاف متهم بالانتماء لـ"داعش"، بينهم أربعة آلاف سوري، و3200 معتقل من الأجانب بينهم 1100 مقاتل من 31 جنسية والبقية نساء وأطفال من 44 جنسية.
وتهدد "قسد" بوضعهم على الحدود التركية، ما يجبر الدول الأوروبية على التعامل جدياً مع التهديدات بعدما رفضت مسبقاً استلام مواطنيها. لدى "قسد" أكثر من 300 أسير حامل للجنسية الفرنسية.
"مجلس سوريا الديموقراطية"، في بيان الخميس، إن اعلان واشنطن سحب قواتها العسكرية، يأتي في "ظل أوضاع غير آمنة وغير مستقرة وتهديدات تركية ستفتح بابا لأزمة جديدة". وأضاف: "ننبه إلى خطورة اتخاذ هكذا خطوة ضمن هذه الأجواء التي من شأنها أن تعقد الأزمة السورية بشكل أكبر، وتفتح الباب لصراعات أكثر دماراً وهلاكاً، وتسنح الفرصة لداعش في استعادة قوتها وإعادة انتشارها، وتهدد الأمن والسلم الدوليين".
وهذه قد تكون الأسباب وراء الزيارة المفاجئة إلى فرنسا، لوفد من "مجلس سوريا الديموقراطية" يضم الرئيس المشترك رياض درار، ورئيسة المكتب التنفيذي إلهام أحمد. ومن المقرر أن يجتع الوفد، الجمعة، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكانت الوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية ناتالي لوازو، قد أعلنت الخميس، أن فرنسا ملتزمة بالبقاء عسكرياً في سوريا.
قرار انسحاب القوات الأميركية قد لا يعني انتهاء دور "التحالف الدولي" في سوريا، إذ أعلنت بريطانيا التزامها بالعمل مع "التحالف الدولي" على إنهاء "داعش"، كما إن التطورات الميدانية تشير إلى ذلك، إذ يؤسس "التحالف" في هذه الأيام قاعدتين عسكريتين جديدتين في بلدتي سلوك وهجين.
قد لا يتغير دور "التحالف الدولي" على الأرض، ولكن جميع السيناريوهات المرشحة للحدوث عقب إعلان الانسحاب الأميركي تقود إلى إضعاف دور الشريك المحلي "قوات سوريا الديموقراطية"، وبشكل خاص "وحدات حماية الشعب" الكردية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها