سرعان ما نُقِضَ اتفاق التهدئة بين "هيئة تحرير الشام" و"حركة أحرار الشام الإسلامية"، الذي تم التوصل إليه الأحد، واندلعت اشتباكات ليل الثلاثاء/الأربعاء، في قرية حزارين من ريف مدينة كفرنبل في إدلب، بعدما تعرض حاجز لـ"الأحرار" لإطلاق نار من عناصر "الهيئة".
وبعد بيان أصدرته "الأحرار" وأشارت فيه إلى عدم تنفيذ "الهيئة" تعهدها بإعادة محكمة تل طوقان، هاجمت "الهيئة" 3 حواجز في جبل الزاوية لـ"الأحرار"، وسيطرت عليها. وسرعان ما استقدمت "الأحرار" قواتها من القرى والبلدات المجاورة، واستعادت حواجزها. الاشتباكات أسفرت عن سيطرة "الهيئة" على مدينة حارم في ريف إدلب، بشكل كامل. واعتقلت "الهيئة" قاضي محكمة جبل الزاوية محمد عتيق. "الهيئة القضائية الإسلامية" حمّلت "هيئة تحرير الشام" مسؤولية سلامته، وطالبت بإطلاق سراحه فوراً.
وكانت تظاهرة مدنية في مدينة إدلب قد تعرضت لإطلاق نار بعد رفعها علم الثورة السورية، ما تسبب في مقتل طفل. ولقيت امرأة مسنة حتفها بعيد اصابتها في قرية افس بالقرب من سراقب، جراء الاشتباكات بين الطرفيين. وقُتِلَ 12 مسلحاً في الاشتباكات التي استعملت فيها أسلحة رشاشة من عيار 23 ملم ومدافع الهاون عيار 122 ملم.
"صقور الشام" دخلت على خط المواجهات، وسيطرت على "الكتيبة 555" في جبل الزاوية وتمكنت من أسر 10 عناصر من "هيئة تحرير الشام"، واستخدمت في تلك المعركة الدبابات. الداعية الجهادي عبدالله المحيسني علّق على ما يحصل بالقول: "فمن للحرائر في السجون ومن للاعراض يحميها؟"، و طالب المصلحين بتكثيف جهودهم لوقف القتال. أبرز نقاط الاشتباك كانت في سرمدا وعزمارين وجبل الزاوية وسراقب ومدينة ادلب ومدينة حارم. ونشرت "أحرار الشام" الدبابات في بلدة سرمدا، المنفذ الاقتصادي لإدلب إلى تركيا.
وكان زعيم "جبهة فتح الشام" والقائد العسكري لـ"هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، وزعيم "حركة أحرار الشام" أبو عمار، قد عقدا اجتماعاً الأحد، توصلا فيه إلى اتفاق يقضي بالتوقف عن التحريض الإعلامي بين الطرفين ومنع أي اقتتال داخلي. وخلال الاجتماع أقسم الجولاني على أن لا نية لديه بالإطاحة بـ"حركة احرار الشام". حتى أن زعيم "حركة نور الدين زنكي" توفيق شهاب الدين، سارع على الفور إلى ذبح 20 خاروفاً على "نية التوفيق". وتم الاتفاق أيضاً، على انسحاب "هيئة تحرير الشام" من قرية تل طوقان، وسحب المظاهر العسكرية. تشكيل محكمة شرعية تتولى حل الخلاف بين الطرفين، كان مطلباً أساسياً لـ"الأحرار"، تلكأت "الهيئة" في تنفيذه.
وكان مصدر من "هيئة تحرير الشام"، قد أكد لـ"المدن"، أن أي اتفاق لن يدوم سوى ساعات فقط، بسبب الضغائن التي تكنها "جبهة فتح الشام/النصرة سابقاً" ضد "أحرار الشام". المصدر أشار إلى وجود أوامر لدى عناصر "الهيئة" بعدم الوقوف على حواجز "الأحرار"، والاشتباك معهم بالأسلحة المتوفرة اذا تطلب الأمر ذلك.
وكالة "إباء" الإخبارية التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، أصدرت بياناً شرحت فيه ما حصل، بالقول إن سبب الخلاف هو رفع علم الثورة في قرية إبلين في جبل الزاوية إلى جانب علم "التوحيد" (الخاص بـ"جبهة النصرة")، ما تسبب بمشادة كلامية بين عناصر الطرفين، انتهت بقيام عناصر "الحركة" بتجريد عناصر "الهيئة" من سلاحهم. وتبع ذلك انطلاق أرتال ضخمة لـ"الهيئة" باتجاه مدينة سرمدا، وامتدت الاشتباكات إلى مدينة الاتارب في ريف حلب الغربي.
وكانت الاشتباكات قد توقفت لفترة وجيزة، صباح الأربعاء، بانتظار التقاء الفرقاء مرة أخرى، قبل أن تعود الأمور وتتدهور. واللافت أن أمير "هيئة تحرير الشام" هاشم الشيخ، لم يكن له حضور أو تواجد في الساعات الماضية حتى في وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يشير بحسب بعض المتابعين إلى سيطرة الجولاني على "الهيئة"، بشكل كامل.
الصراعات الداخلية ضمن "هيئة تحرير الشام" كانت قد حدّت من قدرة الجولاني على الإطاحة بـ"الأحرار"، فيما لو أراد ذلك. فلا "حركة نور الدين زنكي"، ولا "جيش الاحرار" المنشق عن "أحرار الشام" والمنضوي أيضاً في "الهيئة"، ولا عشرات المقاتلين الأوروبيين، يرون أي نصر حقيقي عبر قتال أقرانهم في "الحركة". وتتجلى هذه الصراعات بوجود معسكرين داخل "الهيئة"؛ الأول يقوده الجولاني مع المصرييّن أبو الفتح الفرغلي وأبو اليقظان، المنشقين عن "أحرار الشام"، بينما الفريق الاخر يتمثل بالداعية عبدالله المحيسني وأبو ماريا القحطاني وأبو الحارث المصري. ويلعب الفريق الأخير دور الوسيط، بشكل دائم،، لحلّ الخلافات خصوصاً مع "أحرار الشام". وهناك صراع على السلطة ضمن الفريق الأول بين "المهاجرين" و"الانصار"، أي السوريين وغير السوريين، إذ يتصدر المشهد فيه المصريان الفرغلي واليقظان.
ويرى الجهاديون العرب أنهم مسلوبو الحقوق من جماعة الجولاني السوريين، إلا أن الجولاني حاز على رضاهم في حربه ضد فصائل الجيش الحر مؤخراً؛ "جيش المجاهدين" و"الجبهة الشامية"، وأخيراً مع "أحرار الشام". ولا تزال مجموعات كثيرة ضمن "هيئة تحرير الشام" ترفع علم "القاعدة" في مقراتها العسكرية. ويعتقد أن تيار الجولاني يخشى تدخلاً عسكرياً تركياً، لذا فهو يريد التحصن في جبل الزاوية، لكنه سيحاول السيطرة على جميع موارد "أحرار الشام".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها