أكدت قيادة الجيش العراقي، السبت، ما ورد في تقارير لوكالات أنباء عالمية، حول مشاركة وحدات من القوات الخاصة الأميركية "كوماندوز"، في عمليات قتالية على الأرض، إلى جانب قوات "مكافحة الإرهاب" العراقية على المحور الشمالي الشرقي لمدينة الموصل.
يأتي هذا التطور غير المسبوق، منذ بدء معركة استعادة الموصل، بعد توقف القتال لِستة أيام متواصلة، على كافة محاور المدينة، قبل أن يُستأنف ليل الجمعة/السبت تحت عنوان "مرحلة الحسم" التي استُهلّت بتقدم ملحوظ على المحورين؛ الشمالي الشرقي والجنوبي الشرقي، وسط إسناد مكثّف من قبل طيران "التحالف الدولي". ويهدف الهجوم إلى تحصين مواقع سيطرة القوات الحكومية، وانشاء خطوط عزل، تفصلها عن ثغرات الالتفاف التي يسلكها مقاتلو التنظيم في شنّ هجماتهم المعاكسة، من خلال تدمير طيران "التحالف الدولي" للجسور الواقعة على نهر الخوصر، الذي يفصل مناطق سيطرة التنظيم عن أحياء البريد والمصارف والقادسية، وشن هجوم من الجهة الشمالية الغربية للنهر، حيث يشارك الكوماندوز الأميركي، للسيطرة على أحياء الحدباء والسكر والبلديات في الشمال الغربي.
وبينما عزت القيادة العسكرية العراقية التوقف، الذي بدأ في 18 كانون الأول/ديسمبر، حتى ليل الجمعة، لضرورات التعبئة وإعادة الانتشار في الاحياء "المحررة" في الجانب الشرقي من المدينة، استعداداً "للمرحلة الحاسمة"، إلا أن الوقائع الميدانية، تبيّن أنّ عجزاً ملموساً عن الاستمرار في التقدم، تتوضح ملامحه مؤخرا، إذ تراوح القوات الحكومية مكانها، في مساحة تقارب 25 في المئة من أحياء الضفة الشرقية للمدينة، تزيد وتنقص يومياً وفقاً لعمليات الكر والفر التي يخوضها مقاتلو التنظيم في عدد من الثغور الرخوة للمناطق "المحررة" على المحورين الشمالي الشرقي، والجنوبي الشرقي، محاولاً استعادة ما خسره منذ بدء العمليات، ما استدعى توقيفا مؤقتاً للقتال، تجنباً للمزيد من الاستنزاف، وللبحث عن حلول سريعة لانقاذ الموقف.
استدعى ذلك من الجانب العراقي، الاستعانة بقوات برية أميركية خاصة، لسد العجز الواضح في القوات العراقية المجهّزة لخوض حرب شوارع، تتطلب مستويات من التدريب والمهارات والأدوات اللوجستية، لا تتوفر سوى لدى فرقة "مكافحة الإرهاب" وهي غير قادرة على تغطية سوى 10 في المئة من مساحة المعركة، بحسب خبراء عسكريين.
مصادر مطلعة أكدت لـ"المدن"، أن اجتماعات مغلقة جرت الخميس والجمعة، في مقر القيادة العسكرية العليا في "المنطقة الخضراء"، جمعت قادة من الجيش العراقي، على رأسهم القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء حيدر العبادي، مع القيادة العسكرية لقوات "التحالف الدولي" بحضور السفير الأميركي في العراق ستيوارت جونز، للوقوف على ترتيبات المشاركة البرية الاميركية، بناء على طلب مباشر من العبادي. وحضر الاجتماع مندوب عسكري عن قوات "حرس نينوى" التي يقودها محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي، والمطلوب للقضاء العراقي بتهمة التخابر مع تركيا.
بالتزامن مع اجتماعات الخضراء، شهدت قاعدة مخمور العسكرية جنوب شرقي الموصل، اجتماعاً ذا طابع ميداني، الجمعة، جمع قيادات عسكرية عراقية وأخرى أميركية. وأضافت المصادر لـ"المدن"، أنّ أوامر قد صدرت من رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى القيادة الميدانية العراقية في قاعدة مخمور، تحضّها على التعاون الكامل مع القوات الخاصة الاميركية، واعتبارها جزءاً مندمجاً من تشكيلات "اللواء الثالث"، وقوات "مكافحة الإرهاب" العراقية.
ويُستبعد أن تُحدث المشاركة البريّة الأميركية، حسماً سريعاً في المعركة، نظراً لقلة عددها، الذي لا يتجاوز 1700 جندي، إلا أنّ هذا التدخل، الذي وُصف بـ"الانقاذي"، لا يهدف إلى أكثر من منع حدوث تراجع ميداني، عما تم انجازه منذ بدء المعارك، وتعزيز "اللياقة الهجومية" للقوات العراقية على محاور محددة، يعتبر حسمها ضرورياً في المرحلة الراهنة من العمليات.
إلا أنّ رغبة أميركا في العودة إلى العراق من بوابة الحرب على "داعش"، قد تدفع بالولايات المتحدة بحسب مراقبين، لأن تضغط على رئيس الوزراء حيدر العبادي، للقبول بالمزيد من التعزيزات البريّة الأميركية، مستثمرةً استمرار التعثّر العسكري العراقي، وانكشاف العجز الكبير في قدرات المؤسسة العسكرية العراقية، عن حسم معركة، تصنّف على أنها الاصعب، ضد تنظيم "الدولة" في العراق، وسط تربص الجانب الإيراني لسدّ الفراغ عبر "الحشد الشعبي" أو قوات من "الحرس الثوري الإيراني"، بعدما كانت إيران قد لوّحت سابقاً بامكانية اشراكها في الحرب ضد "داعش" في العراق.
ومن المتوقع أن تثير استغاثة العبادي بـ"الكوماندوز" الأميركي، عاصفة من ردود الافعال السياسية، المنتقدة لرئيس الوزراء، الذي طالما شدد على عراقية المعركة بريّاً، وحصرها بالقوات المسلحة العراقية، ورفض اي تدخل اجنبي بري، في حين بدأت بعض الاقنية المحسوبة على مليشيا "الحشد الشعبي"، بتوجيه الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن العجز والتقصير، واستبعادهم مقاتلي "الحشد" عن ميدان معركة مدينة الموصل، "خدمة" للجانب الأميركي، بحسب التعبيرات المتداولة إعلامياً.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها