لبنان في حداد.. ومساعدات عربية ودولية بعد "مجزرة البايجرز"

المدن - مجتمع
الأربعاء   2024/09/18
اندفع الآلاف من اللبنانيين للتبرع بالدم (Getty)
بعد يوم دمويّ عاشته المدن اللّبنانيّة، وتحديدًا العاصمة بيروت، وضاحيتها الجنوبيّة، لا تزال آثار الخضّة الأمنيّة تتمظهر في الجوّ العامّ السّياسيّ والشارع اللّلبنانيّ. بيد أن الخرق الأمنيّ الخطير هذا، فتح الباب واسعًا أمام احتمال توسّع رقعة الحرب أو التصعيد، وخصوصًا أنّه تزامن مع التهديدات الإسرائيليّة المستمرة باللجوء إلى الخيار العسكريّ لإعادة السكان إلى الشمال. ذلك رغم التحذيرات الأميركيّة من سلوك هذا الاتجاه، آخرها تلك الّتي نقلها المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، خلال جولته مطلع الأسبوع الحالي في إسرائيل.

اليوم، أقفلت المدارس والثانويات والجامعات ومعظم الإدارات الرسميّة والنقابات أبوابها، حدادًا واستنكارًا لما اصطلح على تسميته بـ"الجريمة الجماعيّة". ووسط الاستنفار الأمنيّ والصحيّ الكبير، تشهد الأروقة السّياسيّة حركة مكثّفة من اللقاءات والاجتماعات والاتصالات، لمناقشة التطورات الأخيرة وتداعياتها وتأثيرها على مسار المواجهات العسكريّة على الجبهة الجنوبيّة، نظرًا لضخامة العملية، التي اعتُبرت بمثابة أكبر خرق لشبكات اتصال حزب الله، ومن شأنها أن تمهّد لعمليات ميدانية أكثر تطورًا وعنفًا في الأيام المقبلة..

جرحى مجزرة الـPagers
حتّى اللحظة، لم تصدر الحصيلة النهائيّة لجرحى وضحايا تفجيرات أجهزة الاتصالات "البايجر" الّتي كان يستعلمها عناصر وكوادر حزب الله للتواصل فيما بينهم؛ وفي وقتٍ نفت فيه وزارة الصحّة الإحصاءات الّتي تُشير إلى ارتفاع عدد الجرحى إلى أربعة آلاف، نعى الحزب رسميًّا 12 عنصرًا من عناصره، وهم: نجيب عبد الحسين علاء الدين "علي مظلوم" مواليد العام 1991 من بلدة مجدل سلم في جنوب لبنان، محمد ياسين "يامن" مواليد العام 1986 من بلدة مجدل سلم، حسين أحمد منتش "صلاح" مواليد العام 1994 من بلدة كفرصير في جنوب لبنان، محمد زكريا عباس "حيدرة" مواليد العام 1986 من بلدة الجيّة في جبل لبنان، عباس بلال منعم "ميرزا مهدي" مواليد العام 1996 من بلدة سحمر في البقاع الغربي، محمد مهدي علي عمار "ذو الفقار" مواليد العام 1985 من بلدة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، حسين علي علاء الدين "زكريا" مواليد العام 1989 من بلدة مجدل سلم في جنوب لبنان، حسين أيوب فقيه "باقر" مواليد العام 1988 من بلدة برج الشمالي في جنوب لبنان، عباس فضل ياسين "أبو الفضل" مواليد العام 1993 من منطقة زقاق البلاط في بيروت، مهدي عباس سمحات "جواد معتوق" مواليد العام 1995 من بلدة الطيري في جنوب لبنان.

ومعظم هؤلاء، سقطوا نتيجة انفجار أجهزة الاتصالات، أما البقية ففي غاراتٍ جويّة نفذها الجيش الإسرائيليّ على جنوب لبنان. هذا وارتفعت حصيلة الضحايا من المدنيين اليوم، إلى 3 أشخاص وهم: عطاء الديرانيّ من بلدة قصرنبا البقاعيّة، الطفل بلال كنج من الغبيريّ، بالإضافة إلى الطفلة فاطمة عبدالله من بلدة سرعين الفوقا الّتي اُستشهدت أمس.

وفيما لم يمتصّ اللّبنانيون حتّى اللحظة هول الحدث هذا، تستمر أعمال الإغاثة في مختلف المستشفيات اللّبنانيّة، الّتي جال عليها وزير الصحّة العامّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، للمرة الثانية بعد جولة أولى له ليلًا، وذلك منذ حوالى السّاعة الثامنة من صباح اليوم، وهي المقاصد، اوتيل ديو، الروم، جبل لبنان وسان جورج الحدت. وهدفت الجولة إلى "الاطمئنان ولتأمين المستلزمات والحاجات الضروريّة لتقديم أفضل الخدمات للجرحى والتأكد من حسن توزيعهم وتسريع علاجهم".

المساعدات الدوليّة والإنسانيّة
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحّة العراقية، صباح الأربعاء، وصول شحنة مساعدات طبيّة إلى مطار بيروت، خصصتها للبنان عقب حادث تفجير آلاف من أجهزة "بايجرز" اللاسلكيّة. وقد سبق وأعلن وزير الصحة العراقي صالح الحسناوي، أمس الثلاثاء، "إكمال تجهيز الشحنة الأولى من المساعدات الطبية وإرسالها إلى دولة لبنان الشقيقة"، فيما أشار إلى استعداد المستشفيات العراقية لاستقبال الجرحى اللبنانيين. وقال الحسناويّ أنّه "أجرى اتصالًا هاتفيًّا بنظيره اللبناني فراس الأبيض وبحث معه احتياجات المستشفيات اللبنانية من التجهيزات الطبية لسد النقص الحاصل؛ نتيجة الإصابات التي وقعت جراء العدوان السيبراني الإسرائيلي الذي استهدف تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية". وأشار إلى إبلاغ نظيره اللبناني بـ"استعداد المستشفيات العراقية لاستقبال الجرحى اللبنانيين".

وأفادت وكالة "بترا" الأردنيّة بأن "طائرة مساعدات تابعة لسلاح الجو الاردني من نوع C130 غادرت باتجاه جمهورية لبنان". وأشارت إلى أن "الطائرة التي أرسلتها القوات المسلحة الأردنية بالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية تحمل مواد غذائية وطبية وإغاثية. وتهدف المساعدات إلى دعم القطاع الصحي في لبنان ومساعدته في تجاوز هذه الحادثة". وأكدت الوكالة ان "هذه الخطوة تعكس عمق العلاقات والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين وتجسد حرص الاردن على تقديم الدعم والمساندة للأشقاء في لبنان في ظل هذه الظروف التي تمر بها".

وكشف رئيس لجنة الطوارئ الحكوميّة الوزير ناصر ياسين، عن اجتماع ستعقده اللجنة اليوم، الأربعاء 18 من أيلول الجاري، في السرايا للاطلاع على مسار عمل وزارة الصحة والقطاع الصحي في معالجة آلاف الجرحى الذين أصيبوا أمس"، مؤكدًا أنّه "ستتمّ إعادة ترتيب الجاهزية أمام سيناريوهات توسع الاعتداءات الإسرائيليّة". وأشار إلى "أنّه بعد وصول مساعدات طبية من العراق، أبدت الأردن ومنظمات أممية استعدادها لمؤازرة لبنان على المستوى الصحي". ورأى "ان ما جرى أكد أهمية خطط الطوارئ الاستباقية التي مكنت القطاع الصحي من تلبية الاحتياجات"، وقال إن التحديات الأساسية في اللجنة هي قطاعات الصحة، الإيواء والغذاء، مؤكدًا أن "العمل متواصل لإعادة تعزيز وتفعيل اللجان في المناطق لتأمين أماكن إيواء للنازحين".

ويأتي ذلك في وقتٍ أكدّت فيه وزارة الخارجية اللبنانية، أمس، أن إيران عبّرت عن استعدادها لإرسال طائرة لإجلاء الجرحى، إضافة لإمكانية تقديم مستشفى ميداني.

هذا وتلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، اتصالًا من رئيس جمهوريّة العراق عبد اللطيف رشيد عبّر خلاله عن تضامنه مع لبنان في هذه المحنة التي يمرّ بها، مؤكدًا ان "العراق يضع كل امكاناته في سبيل دعم لبنان لتجاوز ما تعرض له بالامس". وقد شكر رئيس الحكومة للرئيس العراقي "عاطفته"، مؤكدًا أن" لبنان يقدر للعراق وقوفه المستمر الى جانبه"، كما شكره على ايفاد طاقم طبي وارسال شحنة مساعدات طبية الى لبنان صباح اليوم لدعم جهود الاغاثة.

كذلك تلقى رئيس الحكومة اتصالًا من وزير خارجية تركيا هاكان فيدان، الذي نقل اليه تحيات الرئيس رجب طيب إردوغان وتضامنه مع لبنان في هذا الظرف الصعب، واستعداد تركيا لمدّ لبنان بكل المساعدات اللازمة لتجاوز المحنة الراهنة. وقد عبّر رئيس الحكومة عن" شكر لبنان وتقديره لكل الدول التي عبّرت عن تضامنها معه في هذه الظروف الصعبة وهي الاردن والعراق وتركيا ومصر وسوريا وايران". كما أشاد رئيس الحكومة بـ"الوحدة الوطنية التي تجلّت بالامس بعد الحادث الجلل الذي حصل"، مؤكداً أن "هذه الوحدة هي الرد الأقوى على العدوان الاسرائيلي على لبنان وشعبه".

المشهد السّياسيّ اللّبنانيّ
وفي المشهد السّياسيّ، تتكثف اللقاءات والاجتماعات اليوم لبحث التطورات الخطيرة، وذلك بالتزامن مع حركة استنفار على كافة المستويات، واتصالات دوريّة لمناقشة العدوان الخطير على لبنان، فضلًا عن المساعدات الّتي تنوي بعض الدول تقديمها للبنان، خصوصًا الطبية منها، في ظلّ الأعداد الكبيرة من الجرحى. ومن المُزمع أن يتحدث الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الخامسة بعد ظهر غد الخميس، عن التطورات.

ومساء الأمس، تلقى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب اتصالًا هاتفيًّا في وقت متأخر ، من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، الموجود حاليًا في زيارة عمل لدولة الامارات العربية المتحدة، حيث وضعه الوزير بوحبيب في آخر المعطيات المتعلقة بالهجوم السيبيراني الذي تعرض له لبنان، وما نتج عنه من ضحايا وجرحى. وقد نبَّه الوزير بوحبيب إلى خطورة هذا التصعيد، وجر المنطقة كلها الى حافة الهاوية. بدوره، وعد بوريل بـ "الدعوة الى مشاورات أوروبية لدراسة ما يمكن اتخاذه من خطوات ومواقف تساهم في لجم التصعيد، وخطر الحرب الموسعة".