بعدما تركوا لأقدارهم: العمال الأجانب يطالبون بإجلائهم من لبنان
ويأتي ذلك في وقتٍ أكدّت فيه المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة تزايد حالات تخلي الأسر اللّبنانيّة عن العاملات المنزليات الأجنبيات، وتركهن يواجهن الخطر في ظل النزاع الدائر.
واليوم، وبينما تدور التساؤلات حول إسهامات السّلطات اللّبنانيّة في إغاثة النازحين، وتحتدم النقاشات السّياسيّة والشعبيّة حول المساعدات والتعويضات وخطط الطوارئ الرسميّة، وعن مصادر تمويل أي خطّة تتدرج ضمن هذا السّياق، يغيب موضوع العمّال والعاملات المهاجرين والمهاجرات، كليًّا عن هذه النقاشات، ناهيك عن ظروفهم الإنسانيّة وأعمال الإغاثة والمساعدة لهم في المحنة الإنسانيّة الّتي يعيشها سائر سكّان لبنان.
لا مخرج من لبنان
وفي الوقت الذي أصدرت فيه دول عديدة، أوروبيّة وآسيويّة فضلًا عن كندا والولايات المتحدّة الأميركيّة، تحذيرات رسميّة عبر سفاراتها، ناصحة مواطنيها بمغادرة لبنان على وجه السرعة، كما ونظمت غالبيتها رحلات إجلاء لمواطنيها، فإن قلّة قليلة من العمّال المهاجرين واللاجئين تمكنوا من مغادرة لبنان.
والمعضلة الحاليّة تكمن في مصادرة أصحاب العمل جوازات السفر من العاملين في الخدمة بالمنازل فور وصولهم. وحتى لو كان جواز السفر بحوزة هذا العامل، فهو لا يزال بحاجة إلى تأشيرة خروج من لبنان. وبموجب نظام الكفالة، السيء الذكر، يحق للأفراد أو للشركات توظيف عمال أجانب. ويترك هذا النظام العمال مقيدين بأصحاب العمل كما يقيد حقوقهم. وفي الوضع الحالي في لبنان، تخلى العشرات من أصحاب العمل عن هؤلاء العمّال من دون إعطائهم المستندات الّتي تسمح لهم بمغادرة لبنان. وما يزيد الطين بلّة، أنّه وحتّى في ظل توفّر المستندات، يواجه العديد من العمّال تحديات لمغادرة البلاد، بسبب انحسار خيارات السّفر المتاحة وارتفاع أسعار التذاكر مقارنةً بأوضاع هؤلاء العمّال واللاجئين الصعبة.
وتقوم حاليًّا جمعية كاريتاس، إلى جانب منظمات غير حكومية أخرى، بالتنسيق مع مختلف السفارات والقنصليات لترتيب عودة سلسة لعاملات المنازل الأجنبيات المتضررات إلى بلدانهنّ.
أما رسميًّا، فقد استبعدت الدولة اللّبنانيّة المهاجرين واللاجئين من أي خطة إغاثة، وفوضت مسؤوليتهم كاملةً إلى المنظمة الدولية للهجرة، والمنظمات الأمميّة الأخرى. وقد ذكرت خطة الطوارئ الوطنيّة الّتي أعلن عنها في 31 تشرين الأوّل العام 2023 هؤلاء بشكلٍ عابر ولم تُحدّد كيفية شملهم.
نظام الكفالة والحرب
والجدير ذكره، أن عدد العاملات المنزليّات المهاجرات في لبنان يناهز تقريبًا 250 ألف عاملة (حسب تقديرات وزارة العمل اللّبنانيّة) وتنحدر غالبيتهن من آسيا وأفريقيا. وبالرغم من المطالب المُّتكررة لإنصافهن كعاملات، وتوالي التّقارير الحقوقيّة والإنسانيّة التّي توثق الجرائم والانتهاكات والاستهتار الرسميّ بحقهن، لا يزال المُشرع اللبناني مُصرًّا على إبقاء المادة 7 من قانون العمل، التّي تستثني عاملات المنازل الأجنبيات، بالرغم من كون عملهن يُشكل قطاع عمل خدماتي بحدّ ذاته، ولا تنصفهن بأي حماية أو حقوق كالتي تحق للعمال والعاملات من جنسيات أخرى، أهمها الحدّ الأدنى للأجور، والحدّ الأقصى لساعات العمل، ويوم عطلة أسبوعية، وأجور العمل الإضافي، وحرية تكوين الجمعيات، فضلاً عن حريتهن بترك العمل أو تغييره. ناهيك عن أن القضاء اللبناني لا يحمي هؤلاء عند حصول أي انتهاكات بحقهن من قبل أصحاب العمل ومكاتب استقدام العاملات.