"التربية" بلا خطّة وتلقي مسؤولية النزوح على مديري المدارس

وليد حسين
الخميس   2024/10/17
لا جهة رسمية تهتم بالنازحين في العديد من المدارس بل ألقيت المسؤولية على المدير (فضل عيتاني)
طالبت رابطة معلمي التعليم الأساسي في لبنان وزير التربية عباس الحلبي عرض الخطة التربوية عليها مساء أمس. وتتجه روابط التعليم الرسمي (ثانوي ومهني وأساسي) للطلب من الحلبي التباحث حول الخطة أيضاً. ذاك أن وزارة التربية وضعت خطة على الورق من دون استشارة المعنيين على الأرض لمعرفة كيفية وضع خطة يمكن العمل عليها، وتكون مفيدة في تعليم الطلاب بحق، كما أكدت مصادر نقابية لـ"المدن". والأمر لا يقتصر على روابط المعلمين بل إن لجنة التربية النيابية لم تعلم أيضاً بهذه الخطة التي عرضها وزير التربية عباس الحلبي منذ يومين على الجهات المانحة. وثمة مطالب ايضاً، من لجنة التربية بالاطلاع على هذه الخطة، كما أكدت مصادر نيابية لـ"المدن".

رابطة معلمي التعليم الأساسي طلبت في بيان مساء أمس من الوزير عباس الحلبي عقد لقاء "في أسرع وقت ممكن للبحث في الخطة التي أطلقتها الوزارة لاسيّما أننا الشركاء بالأصالة لانطلاق العام الدراسي في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها". وطالبت الرابطة الوزارة بدفع بدل الإنتاجية بقيمة 600 دولار شهرياً للأساتذة، في حال مضت الوزارة في خطتها لإطلاق العام الدراسي في 4 تشرين الثاني المقبل. وطالبت أيضاً بإعادة النظر في انطلاقة العام الدراسي وتأجيله لحين وضوح الرؤيا لضمان انطلاقة سليمة للعام الدراسي.

خطة سرّية باعتراضات كثيرة
تأتي هذه الاعتراضات على "خطة الوزارة" التي لم تعلن، وما زالت سرية، من المعنيين على الأرض نظراً لمعرفتهم بواقع المدارس الرسمية التي تحولت بغالبيتها إلى مراكز إيواء. فالخطة تقوم على التعليم الحضوري، ومن بعد، بحسب كل منطقة، ومدى تصنيفها بأنها آمنة أو أقل أماناً. وسيتم تقسيم الطلاب إلى دوامات عدة قبل وبعد الظهر ووفق نظام المداورة (يتعلم الطالب ليومين أو ثلاثة). لكن الاعتراضات تطال إقدام الوزارة على وضع خطة قبل معرفة خريطة نزوح أو توزع الطلاب في لبنان، لا سيما أن المدارس الرسمية غصّت بالنازحين، الذين افترش بعضهم الملاعب أيضاً.

في الوقت الحالي لا بيانات عن الطلاب للعام الدراسي الحالي ولا عن الأساتذة وخريطة نزوحهم. بل عممت الوزارة يوم أمس على المدارس في المناطق الآمنة ببدء تسجيل الطلاب القدامى والنازحين إليها. وهذه العملية ستستغرق وقتاً طويلاً. فكيف بالإمكان وضع خطة للتعليم من دون بيانات؟ وهل بيانات العام المنصرم لها صدقية كي توضع على أساسها خطة؟ تسأل المصادر.

وتضيف المصادر: أين ستعلم الوزارة الطلاب طالما أن المدارس الرسمية والمهنيات باتت مراكز إيواء؟ وهل ستقبل المجتمعات التي استضافت النازحين أن يتعلم هؤلاء حضورياً فيما طلاب المدرسة الأساسيين من بعد؟ أو هل ستقبل منطقة تحولت مدارسها لمراكز إيواء بتعليم طلابها من بعد، فيما مناطق الجوار يعلمون الطلاب حضورياً نظراً لعدم استخدام مدارسها كمراكز إيواء.

أعباء النزوح والإدارة
الأسئلة التي يطرحها مديرون من مختلف المناطق كثيرة ومتعددة لأن كل المسؤولية تقع على عاتقهم حالياً. فوفق معرفتهم بمدارسهم يؤكدون استحالة تطبيق أي خطة في ظل النزوح الحالي، الذي لم تتمكن الدولة اللبنانية من إحصاء حجمه وتوزعه بعد. وقد قرر المسؤولون في الوزارة كتابة خطة على الورق من دون أي إلمام بواقع المدارس المتروكة لمصيرها.

وتلفت المصادر إلى أن المدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء متروكة بعهدة مدير المدرسة. ولا يوجد أي جهة رسمية تهتم بالنازحين في العديد من المدارس. وعلى مدير المدرسة حالياً تأمين الكهرباء والماء للنازحين، وحل النزاعات التي تحصل بينهم والاهتمام بعدم حصول أي مشاكل مع المحيط. فحالياً لا يحضر إلى المدرسة إلا الجمعيات المدنية التي تساعد النازحين، وفي معظم الأوقات من دون وجود تنسيق مع خلية الأزمة. وغالبية المراكز متروكة من دون حراسة من القوى الأمنية.

الفوضى في المدارس كبيرة وكثيرة، تبدأ بقرارات الوزارة العشوائية ولا تنتهي بترك النازحين لأقدارهم، والمسؤولية عنهم على عاتق مدير المدرسة. فإضافة إلى هذه المهام للاهتمام بالنازحين على المدير القيام بمهامه الإدارية كمدير مدرسة، كما يشكو مديرون. وقد زودت الوزارة المدراء برابط الكتروني يوم أمس كي يسجل كل الطلاب القدامى والنازحين والأساتذة النازحين إلى مدرسته أيضاً. ويوم أمس صدر قرار عن الوزارة بتحجيم لجنة التنسيق في المدرسة (المدير والناظر وأستاذ مساعد وعامل مكننة وعامل نظافة) وطلب منهم الاستغناء عن مساعد المدير (الجهات المناحة لم تمول البدلات الإضافية المخصصة لهذه اللجان التي شكلتها الوزارة). ما يعني أن كل العمل ملقى على عاتق المدير، الذي عليه الاتصال بكل طالب لمعرفة رغبته بالتسجيل في مدرسته، أو إذا بات في عداد النازحين. وهذا سيؤدي إلى تأخير عملية إحصاء الطلاب التي تقوم بها الوزارة، لمعرفة كيفية تعليمهم وفق الخطة.

ويؤكد مديرون من مختلف المناطق أن ما هو حاصل على أرض الواقع يشكل عبئاً كبيراً عليهم، ليس تعباً جسدياً ومادياً فقط بل حتى أمنياً، لأنه مسؤول عن النازحين الموجودين في حرم مدرسته.