4 آب: تظاهرة خجولة مترعة بالألم
تحت شعار "لا للعفو العام"، وبرفقة صور "المطلوبين للعدالة"، أبرزهم وزير المال السابق علي حسن خليل، وبعد مرور عامين على انفجار المرفأ، الذي وقع في 4 آب 2020، استذكر الشعب اللبناني عموماً، وأهالي الضحايا خصوصاً، والجرحى الذي لا تزال أجسادهم موشومة بآثار الجريمة، هذا الحدث الأليم عبر أربع مسيرات. واحدة من تنسيق فوج الإطفاء، انطلقت من الكرنتينا. وثانية من تنظيم جمعية أهالي ضحايا 4 آب، وكانت نقطة الانطلاق من أمام جريدة النهار. والثالثة نظمها والد الضحية الكساندرا النجّار، بول نجّار، بدأت من أمام قصر العدل. أمّا الرابعة فكانت من تنظيم إبراهيم حطيط، وكانت مستقلّة عن التحرّكات الثلاثة الأخرى.
الاتحاد أساس
أوضحت شقيقة الضحية غايا فاضوليان أن المسيرات الثلاث كان متفقاً عليها مسبقاً، والهدف الأساسي من التقسيم هو الضغط على أكثر من منطقة لتوجيه الرسالة الأساسية، وهي تحقيق العدالة. كما أنّهم اتفقوا جميعاً على أن تكون نقطة الالتقاء عند تمثال المغترب أمام الاهراءات التي تهاوى القسم الشمالي منها قبل دقائق قليلة من وصول المسيرات الثلاث بصدفة مريرة كما لو أن اسمنت المرفأ وحديده أرادا أيضاً إحياء ذكرى دمارهما.
انضم بعض النوّاب التغييرين إلى المسيرة: ملحم خلف، رامي فنج، مارك ضو، حليمة قعقور، وسينتيا زرازير.. وتابعوا المسيرة وصولاً إلى المنصة، حيث ألقى بعض الأهالي كلمة تثبيتاً لمبدأ العدالة والقضاء المستقل، وتوعّدوا ببذل الجهود الحثيثة حتى تحصيل الحقيقة ولو بالقوّة.
ليست مجرّد ذكرى
رافعة مشنقة رمزية ومرتدية صورة أخيها، وبعد وصولها إلى نقطة التجمّع، أكّدت ريما زاهد لـ"المدن"، وبإصرار، أن الرّابع من آب ليس مجرّد ذكرى يمكن تلخيصها بمسيرة. مشدّدة على أنّ ما بعد الرّابع من آب ليس كما قبله.
وتابعت زاهد قائلة: "على الجميع أن يعلم أنّ هذا اليوم لنا، نحن أهالي الضحايا ولا يحق لأي أحد استغلاله". وعن استغلال السياسيين لهذا اليوم، أوضحت أنّ من يريد الانضمام إليهم يجب أن يسير وراءهم. معتبرة أنّ ما فعلوه بالناس من إذلال لتحصيل ربطة الخبز وحرمانهم من الكهرباء، جريمة تضاف إلى جريمة المرفأ.
أمّا والدة الضحية جيسيكا، فوافقت زاهد الرأي، بأنّ كل يوم على الشعب اللبناني أن يستذكر هذا الانفجار الضخم الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، ولا عدالة من دون رؤية الفاعلين وراء القضبان لا أن يصيروا نوّاباً.. "لأنّهم كانوا يعلمون".
النائب رامي فنج: سنحقق العدالة
في حديث مع "المدن"، قال النائب المنتخب في طرابلس رامي فنج إنّ وجودهم سببه انفجار 4 آب وأنّهم موجودون داخل البرلمان من أجل ضحايا الرّابع من آب. وأضاف فنج، أنّ المسار يبدأ بإحقاق القانون والدستور يليه النضال تحت الدستور لدولة تتمتّع بقانون وعدل مستقل ولا تقتصر فقط على الشعارات واللافتات الشعبوية.
أمّا عن الدور الذي يمكن لعبه في البرلمان، فأوضح أنّهم سيعملون داخل المجلس التشريعي على منع القوانين التي تحدّ من صلاحية القضاء، وجعلها من القوانين المعجّلة المكرّرة، بهدف الوصول إلى قضاء مستقل لا يمكن عرقلته من قبل المسؤولين.
الساعة 6:07
عند الساعة السادسة وسبع دقائق، أي وقت وقوع الانفجار عام 2020، وقف المتظاهرون دقيقة صمت تحية لأرواح الضحايا، كما مرّت سيارات الإسعاف وفوج الإطفاء أمام المجسّم كنوع من التقدير لمن فقدوا حياتهم ظلماً في هذا اليوم.
وبعد التصفيق الحارّ، ألقى شقيق الضحية جو نون، وليام نون، قسماً يعد أهالي الضحايا فيه بالاستمرار في المسيرات والضغط حتى تحقيق العدالة المطلوبة، وأن يتوحّد الشعب على ذلك، سواء من داخل البلد أو في المهجر.
الأعداد الخجولة
كان لافتاً العدد الخجول للمشاركين في التظاهرة مقارنة بالعام الماضي، كان الحشد بالمئات لا بالآلاف.
وقد يكون سبب ذلك هو منسوب اليأس الذي وصل إليه الشعب اللبناني، بعد ضربات متتالية وصدمات مستمرّة منذ أواخر العام 2019 حتى يومنا هذا. لا تبدي الدولة أي اهتمام لوضع خطّة تخرج الناس من الأزمة، بل تستمر في تصريف أعمالها وكأن البلد بخير، فيما ينتظر الشعب بالساعات للحصول على ربطة خبز واحدة.
لا يلام من أبى النزول إلى الشارع للمشاركة في إحياء ذكرى التفجير، فانعدام الحلول والعيش داخل الأزمة جعل من الشعب مستسلماً لواقعه السوداوي هذا.