آية ومايا: تشجيع الفتيات على دراسة العلوم والتكنولوجيا
لم تكن الطالبتان الجامعيتان آية معلم ومايا موسى قد تعدتا العشرين من عمرهما حينما صاغتا اقتراحاً كاملاً لبرنامج صيفي يسهم في ملء الثغرة الجندرية في مجالات العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات (STEM fields) في الجامعات. إذ ما زالت نسبة الفتيات المنتسبات إلى هذه المجالات أقل بكثير من الذكور. "كما أنهن أقل حماسة واندفاعاً للتخصص في هذه المجالات"، وفق آية ومايا.
تدرس آية ومايا هندسة التواصل والكومبيوتر في الجامعة الأميركية في بيروت، وهما شغوفتان في هذا المجال. "لكننا لاحظنا بشكل متكرر أننا قد نكون الفتاتين الوحيدتين في الصف، وأن الفتيات الأخريات غير مندفعات للتخصص في هذا المجال"، وذلك لا يقتصر على الأميركية وحدها، وفق مايا. إذ "كنت طالبة في الجامعة اللبنانية الأميركية، ولاحظت الحالة نفسها".
وبعدما لاحظتا غياب أي برامج تمكن الفتيات تحديداً من دخول هذه التخصصات العلمية، مثل البرامج الغربية التي تعرفتا إليها، قررت الطالبتان "اتاحة الفرصة للفتيات الصغيرات لتجربة الترميز (Coding) في سن مبكرة، كي يدخلن الجامعة بحماسة ويعرفن ما ينتظرهن في هذا المجال". هكذا، برزت فكرة تنظيم مخيم صيفي مدته 3 أيام، لتدريب الفتيات على الترميز مجاناً، تحت مبادرة بعنوان "All Girls Code" (الفتيات كافة يرمّزن).
"تعرفت إلى الترميز من خلال زوجة عمي التي شجعتني على الانضمام إلى برامج تدريبية منها Techgirls الممول من السفارة الأميركية، الذي يتضمن زيارة للولايات المتحدة للتعرف إلى هذا المجال عن قرب"، تشرح مايا. أما آية فلطالما كانت، منذ صغرها، المسؤولة عن إصلاح الأدوات الكهربائية المعطلة في المنزل.
هكذا، حضرت الصديقتان برنامجاً مفصلاً لمخيمهما وقدمتاه إلى مركز البحوث والابتكار (Center for research and Innovation) في الأميركية، الذي رحب بالفكرة وقدم المختبرات التكنولوجية للمبادرة.
تقدمت نحو 120 فتاة بطلب انضمام إلى المخيم الصيفي لعام 2017، فقبلت المبادرة نحو 70 منهن، تراوح أعمارهن بين 12 و18 عاماً، بالإضافة إلى نحو 70 متطوعاً. وفي العام 2018، ضم المخيم نحو 70 فتاة أيضاً، لكن آية ومايا أرادتا اتاحة الفرصة لمزيد من الفتيات فاستقبلن فتيات بين 8 و18 عاماً. "تتميز الفئة التي استقبلناها على مدى عامين بتنوعها. فقد ضممنا فتيات يسكن في نحو 10 بلدان مختلفة وكن يزرن لبنان لتمضية عطلة الصيف. وشملت الدورة فتيات من مختلف الفئات الاجتماعية، لأن هدفنا اتاحة الفرصة للجميع من دون تفرقة. كما ضمت الدورات العديد من الفتيات اللاجئات".
يمكن القول إن التخطيط الدقيق للمشروع، وبراعة مايا وآية في مجالهما، أنجحا المشروع منذ نسخته الأولى. إذ "اختار نحو 90% من الفتيات اللواتي كن في سنتهن المدرسية الأخيرة تخصصات علمية أو هندسية أو تكنولوجية، ومنهن من أصبحن زميلاتنا في الجامعة". أما أكثر ما يفرح مايا وآية، فهو عودة بعض الفتيات اللواتي تدربن في المبادرة صيف 2017 إليها في العام 2018، لكن هذه المرة كمدربات، بعدما دخلن الجامعة، "لأنهن أردن أن يردن جزءاً من الفائدة التي تلقينها في التدريب"، تقول آية.
لا تكتفي مبادرة All Girls Code"" بتنظيم مخيم صيفي فحسب، بل تنظم أنشطة على مدار السنة ليوم واحد أو أكثر. "نعمل جاهدات لتحويل المبادرة إلى جمعية مسجلة من أجل تطوير المبادرة، ولنضمن استمراريتها في حال لم نعد قادرات على متابعة العمل فيها"، تقولان.
تمكنت آية ومايا من خلال عملهما في "All Girls Code" ونشاطهما العام من فرض وجود مبادرتهما بين أنجح الشركات الناشئة. واستطاعتا في العديد من اللقاءات والمؤتمرات أن تلفتا انتباه مسؤولين عن برامج تدريبية في مجال التكنولوجيا من أنحاء العالم، بما في ذلك برنامج من جامعة ستانفورد، الذي قدم للمبادرة مبلغاً. كما أن فتاة عربية تنوي نقل المبادرة قريباً إلى البلد العربي الذي تقيم فيه.