الملف اللبناني بين لودريان وهوكشتاين مجدداً: قبل فوات الأوان؟

منير الربيع
الإثنين   2024/04/08
سأل هوكشتاين: ماذا لو نجحتَ في عقد الحوار؟ فأجاب برّي: "ننتخب سليمان فرنجية" (Getty)

على إيقاع الحرب في غزة، يقيم لبنان في قحط سياسي، تخرقه بعض الرسائل الديبلوماسية أو السياسية، أو ارتفاع منسوب المواجهات بين حزب الله والإسرائيليين، بما يعيد تحريك المفاوضات سعياً وراء منع التصعيد.
الواقع العسكري ينتظر مآلات الحرب في غزة. أما الواقع السياسي الداخلي فينتظر إلى ما بعد عطلة عيد الفطر، لاستئناف التحركات الداخلية من خلال لقاءات تتحضر لها الكتل النيابية مع بعضها البعض، كحال التواصل المستمر بين التيار الوطني الحرّ والرئيس نبيه برّي، أو تواصل التيار مع قوى المعارضة، بالإضافة إلى تجديد كتلة الاعتدال النيابية للقاءاتها مع الكتل المختلفة.

السفراء الخمسة ولقاءاتهم
داخلياً أيضاً، وسعياً وراء تحفيز القوى السياسية المختلفة على التواصل والنقاش في سبيل فتح طريق الجلسات الانتخابية في المجلس النيابي، ينتظر لبنان إعادة السفراء الخمسة لنشاطهم، من خلال اللقاءات التي ستعقد مع رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد وكتلة الاعتدال. وسيكون هناك استثناءات في اللقاءات. إذ أن السفيرة الأميركية ستغيب عن اللقاء مع باسيل، كما ستغيب إلى جانب السفير السعودي عن اللقاء مع رعد. 

في هذا السياق، وبالعودة إلى الاختلافات في وجهات النظر بين الفرنسيين والأميركيين، حول الملف الرئاسي من جهة، وتطورات الوضع في الجنوب من جهة أخرى، تبرز محاولات جديدة بين الطرفين لإعادة الالتقاء على نقاط مشتركة. خصوصاً في ظل المعلومات التي تتحدث عن دفع اميركي باتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي من دون ممانعة أميركية لمسألة التحاور أو النقاش بين الكتل المختلفة. في هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن الأميركيين سيتحركون باتجاه الضغط على القوى المحلية في سبيل انتخاب الرئيس خلال فترة قريبة. لكن ذلك يبقى غير مضمون، طالما أن مسار المواجهة في لبنان يسير على إيقاع الحرب في غزة وتداعياتها.

الديبلوماسية الأميركية 
تركز الديبلوماسية الأميركية على الفصل بين المسار السياسي الداخلي ومسار الحرب في غزة. كما تشير المعلومات إلى أن ملف رئاسة الجمهورية مناط بوزارة الخارجية، بينما ملف الوضع في الجنوب من مهام المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، والذي يركز على فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة. وبعد فصل الجبهات يمكن العمل على ترتيب تسوية داخلية تنتج رئيساً.
خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، ولدى مغادرته عين التينة، سأل هوكشتاين الرئيس نبيه برّي عن مسار الانتخابات الرئاسية، ولفت هوكشتاين إلى أن المسألة تحتاج لتشاور بين اللبنانيين لإنجاز الاستحقاق. فقال برّي إنه في الأساس صاحب نظرية الحوار، وقد دعا إليه. ولكن الآخرين هم الذين رفضوا. ليعود المبعوث الأميركي ويسأل ماذا لو نجحتَ في عقد الحوار؟ فأجاب برّي: "ننتخب سليمان فرنجية". ضحك هوكشتاين وغادر إلى لقائه مع قوى المعارضة في المجلس النيابي. وهناك أشار إليهم بضرورة التحاور للخروج من الأزمة الرئاسية.

السفيرة الأميركية في بيروت، ليزا جونسون، وبعد لقاء السفراء الخمسة مع برّي، خرجت لتقول إن اللقاء كان ممتازاً، وهو ما فُسّر بأنه إشارة من قبلها إلى تأييد فكرة برّي بالذهاب إلى الحوار. في الموازاة، جاءت مبادرة كتلة الاعتدال التي رحب بها برّي وعاد وأجهضها، وسط معلومات تفيد بأن سبب إجهاضها هو ليس الخلاف على التفاصيل، بل نظراً لعدم جهوزية حزب الله لمقاربة الملفات السياسية الداخلية في ظل المواجهات المفتوحة في الجنوب.

الخلاف الفرنسي الأميركي 
في ظل كل هذه التطورات، كان الخلاف الفرنسي الأميركي مستمراً، ما أضاف سبباً جديداً لعدم زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان لبنان، للبحث مع اللبنانيين في المواصفات التي سلموه اياها سابقاً والالتزام بها في سياق انتخاب الرئيس. ازداد الخلاف الأميركي الفرنسي حول الوضع في الجنوب، وتضارب مساعي هوكشتاين مع مساعي الفرنسيين. فالأميركيون يعتبرون أن الفرنسيين حاولوا إدخال أنفسهم في ملف ليس لهم القدرة على حله أو إنجازه. فيما الفرنسيون يعتبرون أن دورهم أساسي في معالجة الوضع في الجنوب، لأن حرب غزة قد تطول والمسار الأميركي قد يطول ويؤدي إلى تفاقم المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، ما ينذر بتصعيد محتمل.

على الرغم من الاختلاف بين الجانبين، حصلت زيارة لهوكشتاين إلى باريس قبل فترة، التقى فيها مسؤولين من شركة توتال ومسؤولين سياسيين للتنسيق. بعدها جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى فرنسا. وحسب المعلومات، فإن لقاءات تخللها بحث في الملف اللبناني بإثارة من الفرنسيين. فرحب بلينكن بمسألة التنسيق. وعلى هذا الأساس، تقرر إجراء زيارة من قبل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء المسؤولين الأميركيين، ولا سيما المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، في محاولة للبحث عن نقاط مشتركة وتبديد الاختلافات ونسج مقاربات متقاربة.