مجمع "الشفاء": من رمز للحياة إلى شاهد على الموت

المدن - ميديا
الإثنين   2024/09/23
تحول مستشفى الشفاء إلى ركام بعد عام من الحرب في غزة (غيتي)
كان مجمع "الشفاء" الطبي مصدر فخر لسكان قطاع غزة، لكن أكبر مستشفيات القطاع الفلسطيني المحاصر وأكثرها تطوراً، تحول إلى رمز صارخ للدمار بعد عام من الحرب بين حركة "حماس" وإسرائيل.

قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، تاريخ الهجوم الذي نفذه عناصر من حركة "حماس" على جنوب إسرائيل، كان آلاف المرضى يحصلون على أفضل رعاية طبية يمكن تقديمها في قطاع غزة في مجمع "الشفاء" الذي أوقف كل نشاطاته لأشهر طويلة بعد تعرضه للحصار والقصف والهجوم. وقال الجيش الإسرائيلي أن "حماس" تستخدمه لعملياتها، وهو ما نفته الحركة، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

في وقت سابق من العام الجاري، أعيد فتح قسم طوارئ في المجمع وسط الركام. واعتقلت القوات الإسرائيلية مدير المجمع الطبي محمد أبو سلمية لأكثر من سبعة أشهر. وأكد بعد الإفراج عنه أنه تعرض "للتعذيب". وخلال عمليتين عسكريتين إسرائيليتين، الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، والثانية في آذار/مارس 2024، دُمر المجمع الطبي بالكامل.

وقال مدير التمريض في المستشفى جاد الله الشافعي الذي عايش حصار المجمع الطبي: "عدنا إلى العمل في بداية شهر كانون الأول/ديسمبر في خدمة غسيل الكلى استجابة لاستغاثة مرضى الكلى". وعندما اقتحمت الدبابات الإسرائيلية المجمع في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، كان هناك ما لا يقل عن 2300 شخص في المجمع، بحسب للأمم المتحدة. ومن بينهم العديد من سكان غزة الذين حاولوا الاحتماء في مكان ظنوا أنه قد يكون أكثر أمناً.

وقال مراسل لوكالة "فرانس برس" كان بين النازحين في المستشفى، إن إطلاق النار والانفجارات أرعبت المرضى والموظفين. وفي 19 آذار/مارس، شنت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية ثانية ضد المجمع الطبي واستمر الجنود بتمشيط المباني على مدار 11 يوماً. وعند انسحابه، قال الجيش أنه قتل "200 إرهابي" وعثر على العديد من الأسلحة.

من جهته، قال "الدفاع المدني" في قطاع غزة أن طواقمه عثرت على ما لا يقل عن 300 جثة في المكان. ورد الجيش الإسرائيلي بأنه نفذ عملياته في مستشفى "الشفاء" لأن "حماس" وغيرها من المسلحين الفلسطينيين يستخدمونه كمركز قيادة. وعقد مؤتمرات صحافية وبث مقاطع فيديو زعم أنها تثبت أن قواته عثرت على أنفاق تحت الموقع. لكن بعض المتخصصين شككوا في صحة تلك التقارير.

وقالت السلطات الإسرائيلية أيضاً أن العديد من الرهائن البالغ عددهم 251 والذين تم أسرهم خلال هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر كانوا محتجزين في المستشفيات. وأكد رهائن تم إطلاق سراحهم خلال هدنة قصيرة استمرت لأسبوع في تشرين الثاني/نوفمبر، أنهم احتجزوا في مستشفيات. وقال الجيش أيضاً أنه عثر على جثتي رهينتين على الأقل هما: نوعا مارتسيانو ويهوديت فايس، بالقرب من مستشفى "الشفاء".

ونفت "حماس" استخدام المستشفيات كمراكز قيادة، علماً أن هجوم الحركة على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1205 أشخاص. وردت إسرائيل بحملة قصف مدمر وهجوم بري على قطاع غزة، ما أدى لمقتل 41431 شخصاً.

وتأسس مستشفى "الشفاء" العام 1946 قبل عامين من قيام دولة إسرائيل. وتطور المستشفى من منشأة صحية في عهد الانتداب البريطاني إلى أكبر مركز للرعاية الصحية في غزة، حسبما أفادت يارا عاصي، وهي أكاديمية فلسطينية أميركية في "جامعة سنترال فلوريدا" متخصصة في الوصول إلى الرعاية الصحية في مناطق الحرب.

وأكملت عاصي: "لم يكن مجرد مستشفى، بل كان يمثل سعي الفلسطينيين للحياة وللعيش على الأرض". وأصبح مجمع الشفاء لاحقاً من أشهر المؤسسات في قطاع غزة، حسبما قال غسان أبو ستة، وهو جراح فلسطيني بريطاني قضى أول 43 يوماً من الحرب في علاج الجرحى داخل القطاع المحاصر.

وأكمل أبو ستة، في إشارة إلى الحروب الأربع السابقة في قطاع غزة (2008-2009 و2012 و2014 و2021): "مع كل حرب، كان هذا المستشفى يكتسب أهمية أكثر. بعد سقوط الشفاء، شعر الناس أنه لم يتبق شيء في شمال قطاع غزة يمكن أن يساعدهم".

وانهار النظام الصحي في القطاع الساحلي الفلسطيني بشكل كبير بسبب الحرب، ولم يبق سوى عدد قليل من العيادات العاملة، بحسب "منظمة الصحة العالمية". ويستقبل الجرحى الذين يصابون بالعشرات يومياً، في المستشفيات الميدانية التي تديرها منظمات الإغاثة الدولية. وهناك نقص في الأدوية والعلاجات وأدوية التخدير ومسلتزمات طبية.