"إنفلونسرز" الضاحية يعودون إلى...ركامها
منذ اليوم الأول لتوسع العدوان الإسرائيلي على لبنان، هب المؤثرون وصناع المحتوى في وسائل التواصل الإجتماعي، لمساعدة اللبنانيين والنازحين، وتأمين مستلزماتهم الأساسية. وقد يبدو أن هؤلاء أخذوا مكان الدولة والأحزاب في مؤازرة الناس في الأزمات والحروب.
بعد شهر من العمل في الإغاثة الإنسانية، بدأ المؤثرون وصنّاع المحتوى بالعودة إلى تصوير ونشر فيديوهات ترويجية متعلقة بالحرب، ليضعوا رسائلهم في إطار "أصحاب الأرض". هؤلاء يشكلون مجتمع الضاحية الجنوبية والجنوب، لا سيما أن بعضهم نزح من قراه، وهدمت بيوت البعض منهم.
والواقع أن هؤلاء عادوا الى الضاحية الجنوبية، بعد مغادرتها. قبل الحرب، كان بعض يومياتهم في الضاحية، وحين خرجوا منها، عادوا اليها متألمين. صوّروا المقاطع في الشوارع، وفي الحوانيت والدكاكين ومواقع ألفوها في السابق، لكن هذه المرة، تم التصوير في موقع مدمّر.
يعيد المؤثرون التصوير على الأريكة نفسها التي تطايرت بفعل الغارات الاسرائيلية. في الشارع، يجلس هؤلاء على الأريكة.. ويعبر آخر الى دكان اعتاد الشراء منه، فيشتري، كما عادته، ويترك المال تحت ثلاجة البوظة في متجر مدمر.
ومثل هؤلاء، مَن تُلتقط صورته أمام ركام منزله، وبين أشلاء الذاكرة المتطايرة في الشوارع والأزقة، في محاولة لتكريس مفهوم الحياة.
غير أن تلك العودة دفعت نشطاء في وسائل التواصل الإجتماعي، الى انتقاد "ظاهرة صناعة المحتوى وركوب الترند"، ووصف بعضهم الظاهرة بـ"المقززة في الحرب". يرى هؤلاء أنه "ليس من الطبيعي لأي مؤثر أو صانع محتوى، أن يتعمد تصوير مقطع فيديو، وفي الخلفية مشهد دمار الضاحية الجنوبية، ويحتسي القهوة على أريكة بيت مدمر".
لكن تلك الانتقادات، ليست واقعية. ذلك أن فيديوهات الصمود، تظهر بشكل عفوي، يلتقطها المصورون الصحافيون، لأهالي الضاحية الجنوبية وهم يوجهون رسائلهم، أو يجمعون ما تبقى من منازلهم، أو تقارير صحافية مخصصة للعدوان الإسرائيلي.
يقول الإنفلونسر حسن رعد، في حديثه لـ"المدن"، "إن ما قمنا به من مشهد تضامني في وسائل التواصل الإجتماعي، هو مبادرة شخصية من كل فرد منا، لأننا لم نكن قادرين على لعب دور المتفرجين، وقد تحركت لدينا روح الإنسانية". ويكمل رعد: "في البداية، بدأنا بجمع الأموال لمساعدة النازحين، ثم ناشدنا متابعينا من أجل دعمنا وتقديم المساعدة. فمواطنون كثر كانوا تائهين في كيفية تقديم المساعدة ولديهم خوف عدم توزيع مساعدات التي تصل عبر الدولة، كونهم لا يثقون في المنظومة، فنحن كنا البديل عن الدولة".
يضع رعد كل ما يفعلونه، في إطار مكافحة الانهزامية، معلقاً: "نحن كإنفلونسر دورونا في المجتمع ليس مقتصراً على صنع الدعايات لمحلات ومطاعم وغيرها، بل توظيف قدراتنا في مساعدة الناس بطريقة جديدة".
ويردّ رعد على الإنتقادات المتعلقة بفيديوهات الحرب والتصوير فوق مشهد الدمار، قائلاً: "لو كان في إمكاني أن أصل إلى منزلي الجنوبي، لصوّرتُ المشهد ذاته. فقط لأقول للإسرائيلي أني قادر على شرب القهوة أمام منزلي، وبأننا لن ننكسر أو نُهزم".
وبما أن الترند هي الصفة المصاحبة للإنفلونسرز، ووسط إتهامات بأنهم الساعون إليها، يقول رعد: "إذا كان الترند هو ما يساعد على تسليط الضوء على لبنان، وإيصال ما يحدث للعالم، فليس من الخطأ تحويل محتوانا إلى ترند. فنحن بالأخص نتوجه إلى الجيل الذي لا يشاهد التلفاز ولا يستقي المعلومات منه، نقدمها له بطريقة مبسطة وتفاعلية لا تتجاوز الـ30 ثانية، وتؤثر فيه، ونلفت انتباههم إلى أننا أصحاب الأرض وسنبقى ندافع عنها".
ويستهزئ رعد بفكرة "تنميط الإنفلونسر" بأنهم فقط أبناء الضاحية والجنوب، قائلاً: "ليس لدي مشكلة في الأمر، فالضاحية والجنوب هي جزء من لبنان".