إعدام شارمهد يثير قلق الإيرانيين مزدوجي الجنسية
قال إيرانيون مزدوجو الجنسية أن إعدام المعارض الإيراني-الألماني جمشيد شارمهد في إيران خلال الأسبوع الجاري، شكل رسالة واضحة بأن امتلاك جواز سفر أجنبي لا يحمي منتقدي الحكومة الإيرانية.
وأعدمت طهران المعارض شارمهد (69 عاماً) مطلع الأسبوع، بعدما أمضى سنوات وراء القضبان في إيران ما أثار استنكار ألمانيا والاتحاد الأوروبي، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".
وقالت الثلاثينية سحر آغاخاني وهي فرنسية من أصول إيرانية تعمل في المجال الصحي في فرنسا: "إنه أمر مرعب للغاية أن تستفيق على خبر مماثل" مضيفة: "هذا دليل على أن النظام يبقى في الحكم من خلال العنف والوحشية والاعدامات... إنها رسالة أيضاً بأن ازدواج الجنسية لا يحمي من جمهورية إيران الإسلامية".
وكان شارمهد، وهو مواطن ألماني من أصول إيراني يقيم في الولايات المتحدة، كتب مقالات لموقع إلكتروني تابع لمجموعة إيرانية معارضة في الخارج تنتقد بشدة مسؤولي النظام الإيراني. وأفادت عائلته بأن السلطات الإيرانية اعتقلته العام 2020 عندما كان في الإمارات العربية المتحدة، فيما اتهمته طهران بالضلوع في تفجير مسجد العام 2008 أدى إلى سقوط ضحايا وحكمت عليها بالاعدام العام 2023 بعدما وصفته منظمة العفو الدولية "أمنستي" بـ"اعترافات انتزعت بالقوة" و"محاكمة صورية".
وأثار تنفيذ الحكم بإعدامه قلق عائلات معتقلين آخرين، من بينهم زوجة الاستاذ الجامعي الإيراني أحمد رضا جلالي الذي كان يقيم في السويد وتم اعتقاله العام 2016 وحكم عليه بالإعدام العام 2017، بعد إدانته بتهمة التجسس لحساب "الموساد" الإسرائيلي، قبل أن يحصل لاحقاً على الجنسية السويدية.
وقالت فيدا مهرانيا: "أشعر بالخوف فعلاً. ربما يتكرر السيناريو نفسه مع أحمد رضا. أنا على اتصال مع وزارة الخارجية وهم يكتفون بالقول إنهم يتابعون القضية لكن ينبغي أن نفرج عنه وليس الاكتفاء بمتابعة القضية".
وشارمهد هو ثاني أوروبي-إيراني يعدم بعد الإيراني-السويدي حبيب شعب في أيار/مايو 2023 بعد إدانته بتهمة "الإرهاب". وكان نائب وزير الدفاع الإيراني السابق علي رضا أكبري الذي حصل على الجنسية البريطانية بعدما غادر منصبه، أعدم في كانون الثاني/يناير 2023 بعد إدانته بتهمة "التجسس".
واختطفت إيران المعارض حبيب شعب في الخارج ثم نقلته إلى إيران وأعدمته. وفي العام 2019، أعدم المعارض الإيراني روح الله زم الذي خطف في العراق ومن ثم أعدم في إيران في السنة التالية.
وقالت المحامية الايرانية-الأميركية جيسو نيا في مقابلة مع شبكة "دويتشه فيلله" الألمانية أن عمليات الاعتقال أو الخطف تجعل من المعارضين الإيرانيين في العالم بأسره هدفاً، "ولهذا السبب تتجاوز هذه القضية حالة جمشيد شارمهد".
وتوقفت الفرنسية الإيرانية سحر آغا خاني عن زيارة إيران منذ العام 2022 الذي شهد تظاهرات مؤيدة لحقوق المرأة التي قمعتها السلطات الإيرانية بعنف. وقالت: "أنا لا أشبه مستوى نشاطي بالشخصيات المعتقلة أو التي أعدمت لكنني في أوساطي المقربة بات الجميع يفكر ملياً قبل التوجه إلى الخارج، خصوصاً إلى دول مجاورة لإيران. هذا يدخل في الحسبان".
كذلك تفعل عايدة حجي زاده وهي نائبة اشتراكية فرنسية-إيرانية لم تزر بلدها الأصلي منذ عشر سنوات. وأوضحت: "أنا لا أجازف أبدًا. ولن أتحدى القدر" مضيفة في الوقت ذاته بأنها باتت تشعر بأنها محمية كونها نائبة في البرلمان الفرنسي.
وتعتقل إيران التي لا تعترف بازدواجية الجنسية، العديد من الأوروبيين الذين يحملون بغالبيتهم الجنسية الإيرانية. وتعتبر منظمات غير حكومية هؤلاء المعتقلين "رهائن" يستخدمون كورقة تفاوضية وبينهم ثلاثة فرنسيين ونمساوي وسويدي وبريطاني.
وفي السنوات الأخيرة، أفرج عن مواطنين من دول غربية في إطار عمليات تبادل مع سجناء إيرانيين في أوروبا أو الولايات المتحدة رغم أنه لا يتم الاعتراف رسمياً بهذه "الصفقات". وتندد عائلات هؤلاء التي أنهكتها سنوات الانتظار الطويلة وانعدام اليقين والغموض المحيط بالمباحثات بين الدول، بانتظام بعدم فعالية حكوماتهم.
وبعد إعدام شارمهد، كتبت مريم كلارن، وهي ابنة إيراني ألماني تعتقله طهران منذ سنوات، عبر منصة "إكس" أن "جريمة الدولة هذه كان بالإمكان تجنبها لو فعلاً أرادت الحكومة الألمانية ذلك". وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن بلادها عملت "من دون هوادة" لتجنب تنفيذ حكم الإعدام.
من جهتها، قالت النائبة الفرنسية عايدة حجي زاده: "كل هذا يندرج في إطار مسرح الظلال. ربما لا نعرف ذلك أبداً. هنالك الكثير من الرهانات الإقليمية والدولية. لا أظن أن الرهائن متروكون. تبذل الدول قصارى جهدها لكن من الصعب للغاية التفاوض مع النظام الإيراني".
أما المنظمات غير الحكومية فتدعو الأسرة الدولية بانتظام لاتخاذ إجراءات في مواجهة قمع المعارضين. ودعت منظمة "حقوق الإنسان" الإيرانية ومقرها في النرويج إلى "ردة فعل قوية" من جانب المجتمع الدولي. وأعلنت ألمانيا التي وصفت إيران بأنها "نظام لاإنساني"، والاتحاد الأوروبي الثلاثاء، أنهما ينويان اتخاذ "إجراءات رد". وندد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من جهته بما أسماه "نفاق" الاتحاد الأوروبي.