سياسية ألمانية تدعو لإعمار سوريا بدلاً من استضافة اللاجئين

مصطفى محمد
الثلاثاء   2024/09/17
دعوة السياسة الألمانية تتقاطع مع خطاب الأحزاب اليمينية المتطرفة (Getty)
تتزايد الدعوات في ألمانيا إلى اعتماد سياسة الحد من الهجرة غير الشرعية، ووقف منح طلبات اللجوء للسوريين، على خلفية ارتفاع منسوب العداء للاجئين، والاستياء في الشارع الألماني والأوروبي عموماً من الانكماش الاقتصادي الذي تعاني منه دول الاتحاد الأوروبي.

تحول سياسة اللجوء
ودعت زعيمة حزب تحالف "سارة فاغنكنيشت- من أجل العقلانية والعدالة"، السياسية سارة فاغنكنيشت، إلى تحول حقيقي في سياسة اللجوء الألمانية، ووقف منح الحماية الثانوية للاجئين السوريين، وتحويل الدعم المالي لإعادة بناء سوريا.
وفاغنكنيشت، هي سياسية يسارية بارزة من خلفية شيوعية، تسعى إلى سحب قضية الهجرة  من اليمين الألماني، وسط توقعات بحصول حزبها الذي يحمل إسمها، والذي تأسس في مطلع العام 2024، على نسبة جيدة من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في العام 2025.
وتتقاطع دعوة السياسية الألمانية، مع الأصوات الأوروبية الحكومية المطالبة بإعادة النظر في علاقة الاتحاد الأوروبي مع النظام السوري، لمواجهة تدفق اللاجئين السوريين، وهو ما قد يؤشر إلى احتمالية أن تقدم ألمانيا على إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع النظام، كما فعلت إيطاليا.

حل سياسي شامل
لكن السياسي والبرلماني الألماني السابق جمال قارصلي يستبعد أن تحذو ألمانيا حذو الدول الأوروبية التي أعادت علاقتها بالنظام السوري، مؤكداً في حديث لـ"المدن"، أن "ألمانيا بموقفها القوي لن تعيد علاقتها بالنظام إلا في إطار حل سياسي يقوم على قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتلحظ أن هناك تغييرات داخل النظام تخدم هذا التوجه".
وبخصوص دعوة فاغنكنيشت إلى تحويل الدعم المالي لإعادة إعمار سوريا، من دون تحقيق حل سياسي، أشار قارصلي إلى تصريحات سابقة صادرة عن سياسية ألمانية "القريبة من اليمين المتطرف"، موضحاً أن "فاغنكنيشت أبدت استعدادها للتحالف مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، علماً أن الحزب أعلن أن لا مشكلة لديه في التقرب من النظام السوري".
ولفت إلى الوفود التي أرسلها حزب "البديل من أجل ألمانيا" لزيارة سوريا، لإظهارها على أنها "آمنة"، ويمكن إعادة اللاجئين إليها، وكذلك إلى تصريحات فاغنكنيشت القريبة من روسيا، وتحديداً في ملف الحرب الأوكرانية.
بذلك، يمكن وضع الهدف من تصريحات فاغنكنيشت عن إعادة إعمار سوريا قبل تحقيق الحل السياسي، من وجهة نظر البرلماني الألماني السابق، في إطار السعي للحصول على منصب سياسي في ألمانيا، تماشياً مع تصاعد العداء للاجئين في الشارع، وخاصة أنها تحظى بشعبية في ألمانيا الشرقية سابقاً.
وفي السياق ذاته، يرى قارصلي إن إعمار سوريا يجب أن يُسبق بحل سياسي، موضحاً أن "أسباب اللجوء السوري لا زالت موجودة، أي ممارسات النظام السوري، وكل الطروحات عن إعادة اللاجئين السوريين قبل إنجاز الحل والإفراج عن المعتقلين، هي ظالمة وغير إنسانية".
وتبنت ألمانيا سياسة "الباب المفتوح" أمام اللاجئين السوريين، بدعم من المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، لكن مؤخراً، بدأت الأصوات السياسية الألمانية والأوروبية تتعالى بضرورة تبني سياسة أكثر صرامة مع ملف اللجوء، وخاصة بعد الهجوم الدامي الذي وقع في مدينة زولينغن الألمانية، قبل شهر.

ترحيل لاجئين
وفي حزيران/يونيو اتفق وزراء داخلية الولايات الألمانية، على ضرورة ترحيل اللاجئين "المجرمين"، والذين يشكلون تهديدات إرهابية خطيرة، إلى سوريا وأفغانستان، وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس أن حكومته مستمرة بالدفع في هذا الاتجاه.
ويُنظر إلى النظام على أنه أكبر المستفيدين من التضييق على اللاجئين وتوجه الدول المستضيفة إلى إعادتهم لبلادهم، حيث يتطلب ذلك فتح قنوات للتواصل مع النظام، وهو ما يعني حكماً تطبيع العلاقات معه، بدون تقديم أي تنازلات سياسية.