السفر من لبنان لإدلب.. ليالٍ باردة ورعب وتكاليف مرتفعة

محمد كساح
الإثنين   2024/10/07
بعض المسافرين يبدأون رحلنتهم من لبنان عبر الحدود الشرعية (Getty)
يضطر اللاجئون السوريون الهاربون من الحرب في لبنان، والراغبون بالإقامة في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، إلى خوض تجربة سفر قاسية، بدءاً من المدة الزمنية الطويلة للرحلة، وانتهاءً بالكلفة الباهظة والإجراءات المعقدة والمهينة أحياناً على الحواجز التابعة للسلطات المختلفة.
وقال أشخاص تمكنوا من السفر من لبنان نحو إدلب لـ"المدن"، إن المعاناة كبيرة على طول الطريق، خصوصاً عند معبر التايهة الفاصل بين منطقتي سيطرة النظام وقسد، ثم معبر عون الدادات الذي يفصل بين منطقتي قسد والجيش الوطني المدعوم من تركيا. 
وأكدت ثلاثة سيدات أن أجرة السفر من لبنان نحو إدلب، وصلت إلى 300 دولار للراكب الواحد. وتُحسب الأجرة بالمقعد الواحد، حيث يتقاضى المشرفون على الرحلة هذا المبلغ عن كل مقعد، واضطرت واحدة من السيدات الثلاثة إلى دفع مبلغ 1800 دولار عن أسرتها المكونة من ستة أفراد.

إجراءات مشددة
ولا تقف معاناة المسافرين نحو الشمال عند حدود الأكلاف الباهظة وتحكم مكاتب السفريات بالأسعار، في استغلال واضح لكثافة المسافرين الفارين من لبنان، بل تتعدى إلى المكوث لمدة طويلة عند كل حاجز دون طعام أو أغطية، كما يتعرض المسافرون للبرد الشديد في أثناء المبيت ليلاً في العراء.
وتفيد المصادر التي تحدثت لـ"المدن"، بأن خط الرحلة يبدأ إما من لبنان (عبر المعابر غير الشرعية) مروراً بحمص، فحماة، ثم حلب، فمنبج، وانتهاءً بجرابلس، أو يلجأ المسافر إلى عبور الحدود اللبنانية-السورية، ثم ركوب سيارة أجرة باتجاه حلب، ثم يحجز عبر أحد مكاتب السفريات لمتابعة الرحلة نحو منبج، فجرابلس.
ويعاني المسافرون -ومن ضمنهم النساء- من تفتيش الحقائب والتفتيش الجسدي، وتشرف على تفتيش الإناث ضباط من النساء، ويؤكد المسافرون أن المرور عبر حواجز النظام، وإن كان مكلفا لاضطرارهم لدفع الرشاوي على طول الخط، إلا أنه أسهل من بقية الحواجز التابعة لقسد أو الجيش الوطني.
بعد وصولها إلى معبر التايهة، اضطرت إحدى المسافرات إلى المكوث ليلة كاملة في العراء دون طعام متعرضة للبرد، نتيجة وجود المعبر في منطقة بعيدة عن الأبنية، ثم تجددت المعاناة عند معبر عون الدادات، بعد أن اضطرت لقضاء ليلة طويلة أخرى ما تسبب بتورم قدميها وإصابتها بنزلة برد قاسية، كما تؤكد لـ"المدن".

رحلة طويلة ومريرة
وتلقي أزمة المواصلات في مناطق النظام بثقلها على كاهل المسافرين الذين يضطرون أحياناً، إلى قضاء ليلة أو ليلتين قبل العثور على حافلة للسفر باتجاه حلب، بينما يُجبر من يعثر على وسيلة نقل إلى دفع مبالغ كبيرة، تبدأ من 400 ألف ليرة عن الراكب الواحد.
وتمتد الرحلة من لبنان نحو إدلب أربعة أيام بالحد الأدنى، بينها مكوث أوقات طويلة في العراء أمام المعابر، وذلك بسبب الإجراءات المعقدة لكل من معبري التايهة (قسد)، وعون الدادات (جيش وطني)، حيال الوافدين، بينما يؤكد معظم المسافرين الذين تحدثوا لـ"المدن"، أن المرور من معبر الغزاوية الذي يفصل منطقتي سيطرة الجيش الوطني وهيئة تحرير الشام يتم بسهولة كبيرة.
وتختلف كلفة الرحلة بالنسبة للشبان المطلوبين للنظام، حيث تبدأ من 800 دولار عن الشخص الواحد، كما تؤكد مصادر "المدن"، أن الطريق رغم ذلك محفوف بالمخاطر، إذ قد يتعرض المسافر إلى التوقيف، وأحياناً الخطف، من قبل جماعات مرتبطة بالنظام.