المئات يتكدسون بانتظار الحافلات: أزمة مواصلات بدمشق.. سببها إيران؟

محمد الشيخ
الإثنين   2024/09/16
الركاب ينتظرون ساعات للحصول على مقعد في حافلات النقل العام (انترنت)
انتظرت الطالبة الجامعية هند (23عاماً)، أكثر من 3 ساعات في محطة مدينة الكسوة، في ريف دمشق الجنوبي الغربي، حتى أفلحت في النهاية في الحصول على وسيلة نقل عامة، تقلها إلى وظيفتها في العاصمة دمشق، نتيجة أزمة المواصلات التي تعصف في المحافظة.
وتقول هند لـ"المدن"، إن حالها يشابه حال كثير من الموظفين والطلاب في المحطة، بسبب غياب المواصلات العامة والخاصة الجماعية عن العمل، نتيجة أزمة المازوت، إذ أصبح الحصول على مقعد في وسيلة نقل، أشبه بمعجزة، مستحيلة التحقق.

أزمة محروقات
واحتشد الناس في مشهد شبهوه بـ"يوم الحشر"، في محطات الانطلاق داخل مدينة دمشق، وفي مدن وبلدات أريافها، بانتظار الحصول على وسيلة نقل جماعية خاصة (سرفيس)، أو باصات النقل العام الجماعية، بعدما خفضت حكومة النظام توريدات مادة المازوت إلى هذه الآليات إلى حدوده الدنيا، والتي تورّد إليهم عن طريق شركة المحروقات "سادكوب".
وعلمن "المدن" من مصادر قريبة من "سادكوب"، أن الشركة خفّضت عدد طلبات الحصول على المازوت المخصص بالسعر المدعوم لـ"السرفيس"، إلى حدود كبيرة، تجاوزت الـ40%، كما ينطبق الحال على وسائل النقل العام الجماعية (النقل الداخلي).
وأدى ذلك إلى تكدس سيارات النقل لساعات طويلة أمام محطات الوقود، لتعبئة خزانات سياراتهم، يقوم بعدها السائق بالتوجه إلى منزله بدلاً من العمل، فيما يقوم آخرون بالعمل على خط النقل، مقابلة تعرفة مضاعفة، عن تلك المحددة حكومياً.
وتقول هند إن مئات الطلاب والموظفين ينتظرون لساعات طويلة في ساحة "كاراج" البرامكة، وسط دمشق، حتى قدوم باص نقل داخلي واحد، لتبدأ هي بنفسها، رحلة جديدة للحصول على "سرفيس" ينقلها من كاراج نهر عيشة، إلى مدينتها الكسوة، مؤكدة أن هذه الوسيلة غائبة بشكل شبه كامل.
ولم يكُن حال أم عدنان (55 عاماً)، أفضل من هند. وتقول لـ"المدن"، إنها اضطرت للعودة ببضاعتها من الألبان والأجبان ومادة الثوم، من محطة الكسوة، إلى بلدة المقيلبية المجاورة، حيث تسكن، بعدما فشلت بالحصول على وسيلة نقل للوصول إلى سوق الدحاديل في دمشق، حيث مكان عملها.

أسباب الأزمة
وبحسب ما رصدت "المدن"، فإن الأزمة ليست في دمشق فقط، إنما في جميع المحافظات السورية الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، لا سيما في محافظتي حماة واللاذقية، للسبب ذاته، وهو تخفيض عدد طلبات الحصول على المازوت إلى الحدود الدنيا.
وأرجع مسؤولو النظام السوري سبب الأزمة، إلى تأخر وصول صادرات المشتقات النفطية نتيجة الظروف العالمية، وتفاقم الأوضاع في البحر الأحمر. إلا أن الرواية الرسمية، تفتقر للصحة، بالنظر إلى أن صادرات المحروقات تأتي من الجانب الإيراني.
ويتفق مدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم على أن سبب الأزمة ليست أزمة انخفاض مرور سلاسل التوريد عبر البحر الأحمر، إنما بسبب وجود خلاف إيراني مع النظام السوري، انعكس على صادرات طهران إليه من المشتقات النفطية.
ويقول الكريم لـ"المدن"، إن إيران أوقفت تصدير المشتقات النفطية إلى النظام، بعدما باتت تشعر أن الأسد يحاول "الغدر" بضباطها ومواقع الأسلحة الخاصة بها، "عبر تسريب معلومات إلى إسرائيل عن إحداثيتها، وضربها فيما بعد"، إضافة إلى عدم التزامه بتسديد ما عليه من ديون لطهران، وعدم تقديم جديد على الصعيد الاقتصادي لها، ما أدى في المحصلة إلى إيقاف الخط الائتماني الذي تصدر إيران عبره النفط، لفرض شروط جديدة على الأسد، لاحقاً.
ويضيف أن اغتيال براء القاطرجي ترك فجوة كبيرة في الصادرات النفطية، ووصفه بأنه كان "دينمو" التصدير لها، بجانب وجود أزمة دولار لدى البنك المركزي، بسبب غياب القرارات الحكومية لتداول العملات الأجنبية من دون عواقب أمنية. يُضاف إلى ذلك، استمرار الأزمة السياسية مع الأكراد في شمال شرق سوريا.