وقال صالح في حديث مع "المدن": "عندما نزحنا من الضاحية لم أتمكن من التأقلم خارجها، فقمت بتأمين اهلي ثم قررت العودة إلى الضاحية. كانت البداية من قبل أهل الحي الذين قدموا لي مفاتيح منازلهم للإطمنان عليها، وبدأت بتصوير الأماكن المستهدفة لأنشر الصور في حسابي في انستغرام".
وأكمل صالح: "كنت أتوجه إلى المكان المستهدف بعد وقوع الغارة بنصف الساعة أو ساعة، فتعرض حسابي للعقوبات"، وعندها قرر إنشاء صفحة في "واتسآب"، توسعت اليوم لتصبح ثلاث صفحات، تسمى "أقرب من أي وقت مضى".
وانتشرت المشاهد التي صورها محمد، إبن الثلاثين عاماً، كالنار في الهشيم، وأصبحت فيديوهاته مرجعاً في الضاحية، رغم أنه يؤكد في حديثه أن الهدف معنوي وليس مادياً، فلا مردود مالياً مقابل ما يقوم به. وأضاف: "بعد فترة وبسبب الحماسة صرت أتواجد في الأماكن المستهدفة قبل استهدافها، وفي أحيان كثيرة أكون أول من يتواجد في المكان المستهدف لتصويره"، كاشفاً أن الاستهداف الذي أشعره بالخطر أكثر من أي وقت آخر، كان استهداف دار الحوراء، "لأن صاروخين استهدفا المبنى بفارق زمني بسيط، وكثافة الغبار كانت ضخمة ومخيفة".
ويتلقى صالح مئات الإتصالات يومياً من أناس يريدون منه تصوير ممتلكاتهم للإطمئان عليها، إلى درجة انه يشعر بعبء كبير جرّاء هذه الإتصالات، مُشيراً إلى أن صفحته تخصصت أيضاً في شرح الخرائط التي ينشرها العدو الإسرائيلي، فيكشف عن المكان المستهدف بدقة، كونه يحفظ الضاحية وشوارعها عن ظهر قلب.
وأوضح: "منذ أيام عممت تسجيلاً صوتياً لإعلان مغادرتي الضاحية بسبب ضغط الإتصالات، لكني لم ولن أخرج منها، إلا أن التصوير لا يكون سهلاً عادة، فما أصوره اليوم يكون ضمن نطاق حارة حريك بشكل أساسي"، مضيفاً: "حصلت على إذن للتصوير، والمواد المصورة تمرّ على المعنيين في الضاحية قبل نشرها".
توازياً، بات تجمهر المواطنين بالقرب من أمكنة الإستهداف، مشهداً معتاداً، ولعل المشهد عند دوّار الطيونة كان خير مثال على ذلك، وقبلها عندما تم استهداف مبنى بالقرب من المشرفية.
وانتشر مقطع فيديو للبحث عن محمد علي، الذي كان موجوداً على مسافة قريبة من موقع الغارة على برج البراجنة. فالشاب الذي كان إلى جانب شبان آخرين في المنطقة يتابعون الغارات، على غرار ما يحصل في كل المناطق التي تُستهدف في الضاحية الجنوبية، نجا بأعجوبة من تداعيات الغارة، لكنه لم يشكل درساً للشبان الذين يتجمهرون بالقرب من الأماكن التي تحددها إسرائيل لاستهدافها.
وفقد أهل صالح الأمل من أن يتوقف عما يفعله، رغم أنه، حسبما يؤكد، يُدرك حجم الخطر. وشرح: "لا مَرجَلة أمام الخطر"، لكنه يرفض اليوم الجلوس والتفرج ويُريد من خلال ما يقوم به أن يُشعر السكان ببعض الراحة بشأن ممتلكاتهم ومنازلهم.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها