الإيواء القسري
"شجرة الزيتون، هو العنوان المعتمَد للعمل الذي أُعدّ خلال فترة قصيرة وبدأ تقديمه في مراكز الإيواء على كل الأراضي اللبنانية خلال العدوان الذي اشتدّ على لبنان منذ أيلول الماضي"، يضيف دكروب، "ليس عرضاً مسرحياً بالمعنى الحرفيّ التقليدي، بل برنامج تدخّل يتضمّن في أحد مراحله عرضاً مسرحياً تفاعليّاً. عند التفكير في تقديم عرضٍ مسرحيّ في هذه الظروف، من الضروري إدراك طبيعة الجمهور وهول الظروف التي تحيط به. إنهم على الأغلب أشخاص اقتُلِعوا من أماكن سكنهم حيث جذورهم، وربما خسروا بيوتهم وأشياءهم الحميمة، وقد يكونوا خسروا أحبابهم في هذه الحرب التي ما زالت مستمرّة. أيُّ عرضٍ مسرحيّ يحمل في طيّاته شحنةً انفعالية، سيخلق مشاعر قويّة وقد تكون غير مرغوبة. لذلك اخترنا الذهاب إلى الأمور التي تعنيهم، ومرافقتهم برفق ودراية".
وعن الأمور التي تعنيهم بشكل مباشر في مراكز الإيواء يقول: "ننطلق من مقاربة الواقع النفسي لهؤلاء الأشخاص، مع محاولة مرافقتهم لبلوغ حدٍّ أدنى من التوازنٍ النفسيّ، مع عدم اغفال أهمّيّة عنصر الترفيه. عند دخول مراكز الإيواء، وهي غالباً مدارس افتُتحت وتم تكييفها للسكن، يتبادر الى ذهننا نموذج المعتقَل. الأشخاص ليسوا معتقلين بالمعنى الحرفيّ، لكنّهم متواجدون هنا بشكلٍ قسريّ، خارج عن إرادتهم. يضاف الى ذلك تفصيل خاص بالواقع اللبناني، وهو حَذَر المجتمع المضيف (الذي ينتمي إلى طوائف أخرى غير مستهدفة بشكل مباشر في العدوان)، في التعاطي مع هؤلاء الأشخاص لأنهم قد يكونون مستهدفين من قبل العدوّ، فقد تميّزت الحرب الأخيرة بملاحقة المسيّرات الإسرائيلية لأشخاص بعينهم، واستهدافهم في أماكن لجوئهم. لذلك فإنّ هؤلاء النازحين يشعرون بالغربة في المجتمعات المضيفة، وبالتالي لا يحبّذون الخروج من مركز الإيواء، كما أنهم يعيشون الآن في غرف مكتظة وأحياناً مستحدثة عبر سواتر للفصل بين العائلات. يضاف الى ذلك الإحساس الدائم بالانتظار، انتظار الفرج الذي قد يطول. هذه الظروف تشبه الى حد بعيد ظروف المعتقل مع بعض الفروق، مثل السكن في إطار عائلات، والحجز الاختياري الى حدٍّ ما".
العلاج بالفن
ويشرح دكروب الشكل أو العرض التطبيقي والأدوات التي وظّفها عمل "شجرة الزيتون" لدخول عالم الأطفال وأهاليهم بدراية وحساسية المكان والصدمات المكبوتة التي يعانون منها، فيفصّل خطوطاً متعددة ومتوازية في عنصر الفرجة وهي:
التمارين الجسدية: تبدأ الجلسة مع الأطفال وأهاليهم بنشاط حركيّ يديره فريق الممثلين، يتضمّن تمارين مستوحاة من منهج أوغوستو بوال لتدريب الممثل. تهدف هذه التمارين الى تفعيل علاقة الفرد بجسده، وعلاقته بأجساد الأشخاص الآخرين وعلاقته بالفضاء. هذا النشاط يساهم في بناء المجموعة وبناء المساحة الآمنة على المستوى الرمزي تمهدياً للأنشطة اللاحقة.
النشاط التشكيلي والإسقاطي: بعد التمارين، يأتي نشاط رسم وتلوين حرّ، مع الإيحاء بسؤال عن المكان الذي يساعد الشخص على الشعور بالراحة. غالباً ما يشير المشاركون الى المكان الذي نزحوا منه وتركوا فيه أحبابهم أو أشياءهم الحميمة والثمينة. أبرز الأشياء التي يتكلم عنها المشاركون هي البيت والشجرة أو الزرع، وكل ما يتعلّق بالأرض. يساعد المشرفون على النشاط، المشاركين، للتعبير من خلال رسم هذه الأشياء، أو حتى كتابتها.
العرض المسرحي: هو عرض يعتمد حبكة بسيطة للغاية، يجمع بين السرد والتمثيل والتفاعل مع الجمهور وتحريك الدمى.
هكذا، يتابع كريم دكروب تجربة الدمى، في زمن الحرب وما بعده، ويقدمها كأداة للتفاعل مع القضايا الاجتماعية والثقافية، كما يقدمها كمنبر إحتجاج وصمود، وصولاً إلى المواجهة والشفاء من الآثار النفسية للدمار والخسارات والفقد داخل مجتمع الحروب، مجتمع الأطفال وذويهم.
بطاقة العمل:
"شجرة الزيتون": كتابة وإخراج كريم دكروب
تصميم الدمى: وليد دكروب
ممثلون متطوعون: حمزة عبد الساتر وشربل بحري وروى خراط
التدريب بالتعاون مع مؤسسة reframe للصحة النفسية وبمساعدة جمعية زقاق
أما العروض، فتقام بالتعاون مع جمعية "نحن".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها