الجمعة 2024/03/22

آخر تحديث: 12:59 (بيروت)

لقاء بكركي: هواجس "الجماعة" والكيان وأسئلة لا بد منها

الجمعة 2024/03/22
لقاء بكركي: هواجس "الجماعة" والكيان وأسئلة لا بد منها
الكنيسة لا تملك جديداً في خطابها ومبادئها (Getty)
increase حجم الخط decrease
لم يخرج اجتماع القوى السياسية المسيحية في بكركي، أمس الخميس، بمقاربة موحدة لـ"القضايا المصيرية" والتحديات التي تواجه اللبنانيين، والمسيحيين منهم تحديداً.

نجح اللقاء في جمع معظم القوى المسيحية، للنقاش في قضايا "مصيرية" تهدد الكيان، تحت عباءة بكركي. لكن مشوار التوافق على نص جديد يبدو شاقاً وصعباً، تماما كالقدرة على تطبيقه والالتزام به متى أُنجز.

طموحات ومشقّات
إيجابيات اللقاء حول ورقة مكتوبة، كانت "المدن" أول من أشارت إليها، أعدها مطران أبرشية انطلياس المارونية، أنطوان أبي نجم، تبدأ من قدرة الكنيسة على جمع المختلفين، وإن امتنع "تيار المردة" عن المشاركة. وتظهر المبادرة تمسك المسيحيين بالإسهام في بلورة حلول لتعقيدات الأزمات اللبنانية، وتوحي بأن هذه الجماعة ما زالت تمتلك حيوية تمكّنها من ضخ أفكار وآليات عمل توصل "الكيان" إلى برّ الأمان، وتخفف من زمن "إحباط" وعجز جديد يتسلل إليهم.

لكن دون الطموحات، واقع عكس بعض مشقاته لقاء الأمس. فعاد المجتمعون مجدداً إلى مربعات العمل على "تطوير الورقة" وتدقيق مفرداتها وتعابيرها. وبعد أن بدأ اللقاء بنقاش حول "مسيحية" اللقاء أو "لبنانيته"، خاض المجتمعون بترف النقاش في الحياد والتحييد وسلاح حزب الله، بين الدعوة المباشرة إلى نزعه أو "التمييع" بالكلام عن "استراتيجية دفاعية"، انتهى إلى الاتفاق على إعادة صياغة للورقة مع وضع ملاحظات كل الأطراف عليها.

رفضت بكركي تولي الصياغة وطلبت من الحاضرين الاتفاق على تعديلاتها تمهيداً للقاء التالي.

أسئلة لا بدّ منها
وفي سياق الاجتماعات والنقاشات ومحاولات التلاقي، تفرض بعض الأسئلة نفسها. فالكنيسة التي تملك عشرات الأوراق المكتوبة، تحديداً منذ المجمع البطريركي الماروني عام 2006 وورقته السياسية، مروراً بـ"شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة وخصوصية لبنان" عام 2009، وليس انتهاء بكل بيانات مجلس المطارنة ومواقف البطريرك بشارة الراعي، ماذا يمكن أن تقول ورقة جديدة إضافية في المبادئ العامة والخيارات الكبرى؟

(مع إشارة تفصيلية، وإن غير هامشية، أن الأوراق المعدة كانت دائماً بجهد واضح لمطارنة أبرشية انطلياس من يوسف بشارة إلى كميل زيدان وصولاً اليوم إلى أبي نجم).

الكنيسة لا تملك جديداً في خطابها ومبادئها. فهل يملك المشاركون في اللقاء من أحزاب وقوى سياسية أي جديد؟ هل من الممكن الوصول إلى تقاطعات؟ وإذا فعلوا، أي قدرة يملكونها في التأثير على القرار السياسي والعسكري والمؤسساتي في البلد؟ ومثال التوافق على انتخاب جهاد أزعور رئيساً لم يُنسَ بعد. أما قرار الحرب و"طريق القدس" والجبهات المفتوحة فحدّث ولا حرج.

ثم، ماذا يريد كل فريق من هذا اللقاء الذي، مع تقدير كل من شارك فيه و"ديبلوماسيته" وانفتاحه وثقافته الواسعة، بقي محصوراً في ممثلين حتى عن "حركة الاستقلال" و"وطن الانسان". فأي هامش يملك هؤلاء في القرار والتأثير فيه؟

ماذا عن الورقة التي سيتوافقون عليها؟ النقاشات، حسب مصادر متقاطعة، توحي بأنها ستخرج "خالية من الدسم" تحت شعار "عدم استفزاز أي طرف لبناني، تحديداً حزب الله، لفتح كوة للتحاور معه". فهل المجتمعون، بمعظمهم مقتنعون بجدوى النقاش مع حزب الله بموضوع السلاح والاستراتيجية الدفاعية، وهل يفترضون أن هذا شأن لبناني وقرار يتخذ في حوار تحت سقف الحسابات الوطنية الداخلية فقط؟ 

ماذا عن غياب المردة وسائر حلفائه من المسيحيين؟ ألم يستطع هؤلاء، مع حلفائهم في مجلس النواب، تعطيل جلسات انتخاب رئيس حتى لو طالبت بكركي بذلك، ومعها من يجتمعون تحت عباءتها اليوم؟
كثيرة هي الأسئلة التي يمكن إيرادها، قد يبقى أبرزها وأبسطها إيجاد مفردات لا تكون حمّالة أوجه، تفتح باب الاجتهاد لكل طرف مشارك، فيأخذ من الورقة المنشودة ما يتوافق مع سياسته.
فلا يبقى إلا الدعاء: تقبّل الله مساعي المطران أبي نجم وأعان البطريرك الراعي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها