يتحول تقديم سلمى فنجان "نسكافيه" لزوجها، في فنجان لم يعتد الشرب به، الى نزاع. وهذا مشهد روتيني في حياتها الزوجية. تخبرنا أنها تعمدت، في مرة أخرى، تغيير الفنجان أيضاً. وحين بدأ زوجها يجادلها، صارت تضحك. اذ ان تضخيم المشكلة الاجتماعية على المسرح، كما في ورش التدريب المسرحي التي اشتركت فيها، أشعرها ببساطة واقعها. وهي بدأت بتحويل الطاقة السلبية الى ايجابية. تقول لـ"المدن": "صرت أعمل يلي بدّي ياه، وتعرّفت على طاقات جديدة في داخلي. وهذا ما تعلمته خلال ورشة عمل مسرحي في مسرح المدينة".
كثرت في الآونة الأخيرة ورش التدريب المسرحي في بيروت. بعضها يقدم حصصاً في التعبير الجسماني، وبعضها الآخر في الارتجال، ومنها خُصص لدراسة النص المسرحي والمونولوج. والأبرز بين هذه الورش، والأكثر استمرارية، ما يقدمه كل من عايدة صبرا ولوسيان بو رجيلي، وهما ممثلّان ومخرجا مسرح.
عايدة صبراتعمل عايدة صبرا على تقديم ورش عمل مسرحية في التعبير الجسماني. تبلغ ساعات التدريس 15 ساعة تتوزع على ستة أيام. تشرح صبرا لـ"المدن" ان الورشة موجهة للجميع، من مسرحيين وغير مسرحيين. وهي تهدف الى تعزيز الثقة بالنفس وتطوير المهارات الذهنية والجسمانية لدى المتدربين، وتطوير التفكير الابداعي عندهم. وتضيف ان "الممثل هنا يتعلّم التنبّه لمجتمعه المحيط، ليستخدم أدواته ويعمل على اعادة انتاجها".
ويشترك في هذه الورش من أراد اكتشاف ذاته أو تطوير بعض مهاراته. أو مَن يهتم أساساً بالمسرح والتمثيل. لكن هل تعتبر 15 ساعة تدريب كافية كي يقف "الممثل" على المسرح؟ تؤكد صبرا أن هذه الساعات "لا تكفي". لكن "حتى لو درس عشرين سنة، لن تكفيه. العمل الدائم هو الأهم. فالمنهجيات التمثيلية تتطور وتخلق دائماً أساليب جديدة". هذه الورش اذاً تتيح للهواة اكتشاف مواهبهم والتعرف على نقاط القوة والضعف لديهم، وتوجههم نحو أنواع التمثيل التي تناسبهم.
لوسيان بو رجيلي اشتهر لوسيان بو رجيلي بورش المسرح الارتجالي. وهو يقول ان "الارتجال يشبه الواقع أكثر، وهذه أهميته. اذ في الحياة لا يوجد نص أو سيناريو نحفظه". فالارتجال يجعل الممثل أكثر صدقاً وعفوية، في تحفيزه على خلق قصص بسرعة فينشط الدماغ بطرق لم يعتدها من قبل، تساعده على الابداع أكثر في حياته". كما أن "الارتجال يساعد في تطوير مهارات التقديم (Presentation Skills) في أي مهنة تتطلب ذلك، كما يساعد في طرح حلول سريعة للمشاكل".
يتحدث بو رجيلي لـ"المدن" عن شغفه بالمسرح، الذي تعرّف اليه أيضاً خلال ورشة عمل تدريبية. فهو لم يدرس المسرح في البداية. اذ تخصص في الجامعة في التسويق. "ما حدا بشجعك تعمل مسرح"، يقول. وهو بعد نجاحه في هذا الفن، يعتبر ان دوره قد حان ليقدّم لكل شخص راوده حلم التمثيل، الفرصة ليكتشف الفنان الذي في داخله. هكذا، يسعى بو رجيلي لتتحول ورشه في المسرح الارتجالي الى بوابة عبور لكل واحد منهم. وهذه طريقة تمكن الفرد من اشباع ميل داخله من دون التخلي عن مهنته الأساسية. وهذا ما يسعى اليه بو رجيلي باعطائه متدربيه لائحة بشركات الانتاج التي تجري تجارب أداء، لعلّ ذلك يتيح لهم فرص البدء في تجربة التمثيل.
وتقول رهف، وهي احدى المتدربات، لـ"المدن" انها بدأت بالتفكير جدياً بالتمثيل بعدما تسجلت في هذه الورشة، مؤكدة ان "المسرح حررني من عقدة الخجل". سلمى ورهف، وكل من شارك في ورشة تدريب مسرحية لديه ما يقوله في داخله. ذلك ان الاصغاء الى دوافع هؤلاء يبرز توقاً دفيناً للتمثيل، التعبير والحريّة، وان تعددت الأسباب. أرادت نفوسهم الذهاب الى عالم لا يصدر أحكاماً ولا يحمّلهم ذنب خطأ ما. لأن كل رأي أو احساس أو حركة على المسرح هي رحلة اسكتشاف للذات والآخرين.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها