خلّف العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية موجة نزوح إضافية على موجة النزوح السابقة، وبات الوضع الإنساني كارثي للغاية. وأكد رئيس لجنة الطوارئ الوطنية الوزير ناصر ياسين أن مدارس بيروت امتلأت بالنازحين وهناك خطة لتوجيه النازحين إلى مناطق الشمال وجبل لبنان ومناطق أخرى. وتم إلى ذلك افتتاح مجمع البيال في بيروت لاستقبال النازحين، الذين غص بهم وسط بيروت مساء أمس.
فوفق التحديثات التي أصدرتها لجنة إدارة الكوارث وصل عدد مراكز الإيواء يوم أمس إلى 644 مركزاً، والرقم معرض ليصبح مضاعفاً، لا سيما أن التقديرات تشير إلى أن عدد سكان الضاحية الجنوبية يصل إلى نحو 700 ألف مواطن.
تعديل النداء العاجل
تفاقم الكارثة الإنسانية التي خلفها العدوان على الضاحية دفع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمانة العامة للأمم المتحدة إلى تعديل النداء العاجل الذي أطلق منذ أيام عقب موجة النزوح من الجنوب والبقاع، في محاولة لاستيعاب موجة النزوح الجديدة. ويفترض أن يطلق المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا النداء العاجل للحصول على تمويل لتلبية الاحتياجات الفورية والحرجة، وذلك بعد الانتهاء من وضع الخطة. وإلى حين تأمين تمويل دولي لخطة الاستجابة التي بدأت بها الأمم المتحدة، تعويل لبنان الحالي هو على المبادرات التي تقوم بها الجهات المحلية والمجمعيات والمبادرات الفردية، التي تعوض جزءاً كبيراً من غياب إدارات الدولة. فالوضع على الأرض كارثي ولم يمتص لبنان الصدمة بعد. فما كادت تستقر الأمور بعد العدوان الإسرائيلي على الجنوب والبقاع، حتى أتى العدوان على الضاحية الجنوبية مساء أمس وعقّد كل شيء.
مصادر أممية أكدت لـ"المدن" أن النداء العاجل وضع على أساس نزوح 200 ألف شخص بحسب ارقام منظمة الهجرة العالمية. لكن بعد الضربات التي حصلت على ضاحية بيروت الجنوبية يوم أمس، ثمة تقديرات بنزوح بين 500 و700 ألف مواطن. وسط تضارب في تقديرات عدد سكان الضاحية. هذا فضلاً عن النازحين من المخيمات الفلسطينية. وبالتالي طلب المنسق الإنساني ريزا تحديث الخطة قبل إطلاق النداء العاجل.
مساعدات طارئة للبنان
على مستوى المساعدات الطارئة من الأمم المتحدة للبنان، أعلنت وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية بالإنابة ومنسقة الإغاثة في حالات الطوارئ جويس مسيويا أنها أمنت عشرة ملايين دولار من صندوق للحالات الإنسانية الفورية في لبنان من صندوق الطوارئ التابع للأمم المتحدة. وهي تضاف إلى ما سبق ورصده الصندوق للبنان منذ نحو ثلاثة أسابيع. فقد تم تخصيص جزء من مبلغ 24 مليون دولار في الصندوق لدعم خطة الاستجابة الإنسانية ودعم خطة الطوارئ التي أعلنتها الدولة.
من جانبه يعمل ريزا على تأمين عشرة ملايين دولار للمساعدة الفورية إلى جانب العمل على إطلاق النداء العاجل. لكن إطلاق النداء يأتي بعد مراجعة خطة الاستجابة مع مختلف القطاعات ومعرفة الحاجات الفعلية على الأرض، يتم تحديد الميزانية المطلوبة. فالأولوية كانت لوضع الخطة بداية، أما كلفتها وتأمين أموالها فرهن الحاجات التي تحدد حالياً. وعلى إساس الحاجات والكلفة المفترضة يطلق المنسق الإنساني النداء العاجل للبنان الأسبوع المقبل. وتبدأ بعدها مرحلة جمع التبرعات من المانحين الدوليين. لكن لم يعرف بعد مدى تجاوب المانحين الدوليين مثل الأميركيين والدول الخليجية، التي تعتبر من أولى الدول في تقديم التمويل للاستجابة الإنسانية.
إشكاليات التنسيق والتمييز
ثمة إشكالية تطرح في الكواليس حول آلية التنسيق وكيفية التنفيذ على أرض الواقع. فعلى مستوى المنظمات الدولية يفترض بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمانة العامة للأمم المتحدة تشكيل فرق عمل خاصة به للتنفيذ، فيما منذ سنة تقوم المفوضية السامية للاجئين العمل مع قطاعات الدولة والجمعيات. من جهة ثانية ثمة إشكالية سياسية تتعلق بدور الدولة اللبنانية ووزاراتها وقطاعاتها وإذا كانت ستكون شريكة في التنفيذ. ففي ظل وجود انقسامات سياسية بين القوى السياسية داخل القطاعات تتعقد الأمور. والأسئلة التي تطرح هي إذا كان التنسيق سيكون مشتركاَ مع الآليات التي وضعتها الدولة في خطة الطوارئ الحكومية أم سيكون منفصلاً ومع الجهات غير الحكومية الشريكة للمنظمات الدولية.
في ظل تضرر فئات غير لبنانية، مثل اللاجئين الفلسطينيين والسوريين والعمال الأجانب، تطرح إشكاليات حول كيفية الاستجابة لحاجاتهم. فهل تكون مشتركة مع أقرانهم اللبنانيين أم بشكل منفصل. فالأمم المتحدة لا تميّز بين نازح وآخر بحسب العرق أو الجنسية بينما في لبنان ثمة تصرفات تقوم على التمييز. من هذه الأمور التمييز الحاصل بين النازحين ومن يدخل إلى مركز إذ جرى منع دخول لاجئين سوريين في العديد من المراكز لأن أولوية القيمين عليها كانت للبنانيين. وبالتالي هل سيتم تشكيل فرق تنسيق خاصة بهذه الفئات أما يكون العمل معهم بشكل مشترك.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها