الجمعة 2024/08/30

آخر تحديث: 15:21 (بيروت)

الذكرى المئوية لنشأة الجنسية اللبنانية: قوانينها مهترئة

الجمعة 2024/08/30
الذكرى المئوية لنشأة الجنسية اللبنانية: قوانينها مهترئة
الأزمة الكبرى هي تناقض النصوص في القانون الواحد (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

أشخاص كثُر يواجهون العديد من العراقيل للحصول على الجنسية اللبنانية، بسبب القانون الحالي الذي بات بحاجة ملحّة إلى تعديلٍ وتطوير، ليخفّف من معاناة المستحقين والمحرومين منها. وليتمكن من معالجة الأزمة الكبرى التي تُعاني منها المرأة اللبنانية المتمثلة بمنعها من منح الجنسية لأطفالها. فبعد مرور مئة عامٍ على نشأة الجنسيّة اللبنانيّة، لم يطرأ على القوانين المتعلقة بالجنسية اللبنانيّة أي تطوّر أو تغيير. لذلك، نظمت جمعية "رواد الحقوق"، مؤتمرًا صحافياً في الذكرى المئوية لنشأة الجنسية اللبنانية، اليوم الجمعة، 30 آب، لإطلاق مقترح "قانون الجنسية اللبنانية" الذي سيعرض أمام مجلس النواب في المرحلة المقبلة.

نصوص قديمة ومهترئة
بتاريخ 30 آب 1924، أنشئ قانون الجنسية اللبنانية الحالي، لكن النصوص القانونيّة لم تُعدّل أو تُبّدل أبدًا، فتفاقمت معاناة مستحقيها مع مرور السنوات. وبناءً على ذلك، عملت جمعية "رواد الحقوق" على تجهيز مقترح قانوني جديد، بالتنسيق مع النائبة في البرلمان اللبناني، حليمة قعقور، الذي ستطرحه أمام المجلس النيابي. وشارك في إعداده مجموعة من المحامين والمستشارين المتخصصين بالأحوال الشخصية والقضايا المتعلقة بالجنسية اللبنانية، بالتعاون مع القاضية فاطمة ماجد (الناظرة في قضايا الأحداث والأحوال الشخصية)، واستمر تجهيزه أكثر من 5 سنوات. فهو يهدف إلى تعديل النصوص القانونيّة وتغييرها، ما يعني "نفض" الغبار عنها، ومعالجة أزمة المرأة اللبنانيّة، وحفظ كرامة المواطن.

نصوص تعزز الفروقات بين الجنسين
سلسلة من العوائق تسيطر على القانون الحالي، وأهمها تعدّد القوانين، وتوزيعها في أكثر من 30 نصًا، إضافة إلى أن هذه النصوص تعزز الفروقات بشكل كبير بين المرأة والرجل، وبعيدة كل البعد عن المساواة.

وتنطلق أهمية المقترح القانوني الجديد في قدرته على  توحيد الأحكام الراعية للجنسية اللبنانية، تلك المتوزعة في نصوص متعددة والتي تؤدي إلى إرباك في التفسير والتطبيق، كما أنه يخفّف من غموض المواد القانونية الحالية، من خلال وضع قوانين واضحة ومتناسقة. فتعزيز وضوحه يؤدي إلى تخفيف النزاعات القضائية والخلافات الاجتهادية ويقلل من الأعباء الإدارية.

قانون قائم على المساواة
ويعتمد هذا المقترح على وضع صيغة إدارية موحدة بشأن كل المعاملات، ويشدّد على الإلتزام بالمساواة بين الرجل والمرأة، وبين جميع الأطفال، ويفسر أسباب حرمان الجنسية اللبنانيّة لأي شخص، لكنه بالمقابل يضع شروطًا إضافية محددة لاكتساب الجنسية الطارئة بالزواج أو التجنّس وقيودًا تهدف إلى حماية المصلحة الوطنية. أي باختصار، هدفه الأساسي تعزيز المساواة بين الجنسين، وتفسير النصوص القانونيّة بوضوح.

لذلك، شددت جمعية "رواد الحقوق" على ضرورة تفسير المفاهيم بمصطلحات واضحة وسهلة؛ كمفهوم الهوية، والطفل (شرعي-غير شرعي)، مفهوم عديمي الجنسية، معنى الإقامة، ومكتومي القيد. شُرحت هذه المفاهيم لسبب واحد أساسي؛ التعريفات الحالية ليست واضحة بما فيه الكفاية، وتحمل الكثير من التفسيرات، وبالتالي ينتج عنها أكثر من قرار إداري أو قضائي.

نصوص معقّدة
وتعليقًا على هذه المشكلة، شرحت القاضية فاطمة ماجد، الناظرة في قضايا الأحداث والأحوال الشخصية، أن القانون الحالي يشكل عبئًا كبيرًا على القضاء اللبناني. فالنصوص القانونيّة المعقّدة أعاقت عمل القضاة في المحاكم. وبعد تقدّم أي مواطن بدعوى قضائية متعلقة بالجنسية اللبنانية، يحتاج القاضي إلى التفتيش في أكثر من 30 نصًا، ليصدر بعدها القرار، وهذا يؤدي إلى تعدد وجهات نظر القضاة واختلاف القرارات القضائية بشكل كبير، نتيحة التفسيرات المتنوعة والمختلفة. لذلك تختلف القرارات القضائية بين قاض وآخر، وبين محكمة وأخرى، وعليه بات ضروريًا توحيد النصوص وتخفيف الأعباء على القضاة.  

أهمية الدراسات القانونيّة
في السياق ذاته، أكدت النائبة حليمة قعقور ضرورة تعديل القانون الحالي، ليتلاءم مع القانون الدولي والمعاهدات الدولية، مشدّدة على أهمية عرض الكثير من الدراسات القانونية والاجتهادات التي تساعد في إعادة النظر بالقانون الحالي، فالأزمة الكبرى هي تناقض النصوص في القانون الواحد.  

من جهته، أشار المحامي نزار صاغية إلى أن القوانين المتعلقة بالجنسية اللبنانية صغيرة ومختصرة ومتنوعة. وخطورة هذا الأمر أنها تؤدي إلى فقدان الكثير من المواطنين لحقوقهم، لافتًا إلى ضرورة إنتاج الدراسات القانونية والإحصاءات بشكل مستمر ومكثف. فمعرفة جميع العراقيل التي تمنع المواطن اللبناني من الحصول على الجنسية اللبنانيّة يساهم بشكل مباشر في معالجة هذه المشاكل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها