الثلاثاء 2024/03/05

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

معالجة أطفال غزّة في بيروت: مبادرة تنتظر مفاوضات ديبلوماسية

الثلاثاء 2024/03/05
معالجة أطفال غزّة في بيروت: مبادرة تنتظر مفاوضات ديبلوماسية
مبادرة علاج أطفال غزة أطلقها "صندوق غسان أبو ستة للأطفال" (Getty)
increase حجم الخط decrease

"بيروت قادرة على تضميد جراح أطفال غزّة". بهذه العبارة استهل الجرّاح الفلسطينيّ – البريطاني غسان أبو ستّة، إعلانه عن إطلاق مبادرة "صندق غسان أبو ستّة للأطفال"، في آخر محاضرةٍ ألقاها في قلب العاصمة بيروت وتحديدًا من مسرح "المدينة" في الحمرا، منذ نحو الشهرين ونيف (راجع "المدن"). والعبارة التّي ردّدها الجرّاح وهو الطبيب الذي خرج من غزّة، معتلًّا بذكرى الفظائع التّي شهدها، وخصوصًا بعد انتفاء أي أملٍ لترميم القطاع الطبيّ المدمر، الذي لم يُعد قادرًا على استيعاب وتوفير أي خدمات صحيّة لجموع ضحايا آلة الإبادة الإسرائيليّة، وضمنًا الأطفال، باتت اليوم أشدّ واقعية وإلحاحًا، إلى حد أن بيروت اليوم هي الأقرب لغزّة والوحيدة القادرة على تضميد جراح أهلها، واحتضان أطفالها.

صندوق غسان أبو ستّة للأطفال
وغاية الصندوق الذي فُتح أواخر العام الفائت 2023، تنضوي تحت غاية أساسيّة، وهي جمع التّمويل والتبرعات من لبنان وحول العالم (رابط التبرع)، المُخصصة لأطفال غزّة، وتوفير الرعايّة الطبيّة للأطفال الذين هم في أمس الحاجة إليها في الوقت الحالي، المُقدرّة أعدادهم بين 25 و30 ألف طفل جريح، ذلك للمساعدة في تخفيف الأعباء التّي ينوء بحملها القطاع الطبيّ في غزّة والمنظومة الصحيّة.

المبادرة الأوليّة -وهي قيد التطوير- تسعى لنقل الأطفال المصابين بجروحٍ خطيرة مع القائمين برعايتهم من فلسطين إلى لبنان، حيث يُمكنهم الحصول على رعايةٍ طبيّة واجتماعيّة ونفسيّة، بالاستفادة من الخبرات الموفرّة في لبنان، وإجراء التدخلات الجراحيّة اللازمة للأطفال، ومساعدتهم لاجتياز درب التعافي من الجروح والإصابات التّي لحقت بهم، قبل العودة إلى بيوتهم في فلسطين. وسيتمّ توكيل عامل اجتماعيّ لكل حالة، وتُحدد مدّة البقاء قيد الاستشفاء تبعًا لكل حالة. تشير إحدى مؤسِسات صندوق "غسان أبو ستّة للأطفال"، دارين دندشلي، إلى "المدن"، أن فريق العمل من المتطوعين بالكامل، "ونسعى حاليًّا إلى تطوير أهدافنا ومبادراتنا وجمع أكبر عدد من التبرعات، للمباشرة في تحقيقها". أما الهدف فهو علاج 50 طفلًا في وقت واحد في لبنان، وهذه هي حدود قدرة البنيّة التحتيّة الحاليّة.

أطفال غزّة في بيروت
وذكر فريق العمل في الصندوق، أن الآليّة المزمع استعمالها، لإحضار الأطفال من غزّة إلى لبنان لتلقي العلاج، منوطة بالنقاشات التّي تُجرى مع الصليب الأحمر الدوليّ والقنوات الدبلوماسيّة، للتأكد من نجاح المهمة هذه. إلا أنهم لم ينفوا احتمال فشل هذه المفاوضات وعدم توافر إمكانيّة لنجاح الخطة المرجوّة. حينها سوف تنصب الأموال التّي تلقوها في خدمة شفاء الأطفال في غزّة وحيثما يتواجدون، ذلك من خلال الشبكة الطبيّة للدكتور أبو ستّة. وبالرغم من كون عملية نقل الأطفال معقّدة، وتستلزم تدخلاً للمنظمات الدوليّة، إلا أنها -إذا نجحت- فستكون بادرة مبشرة لإعطاء فرصة لهؤلاء الأطفال للتعافي والعودة إلى بلدهم سالمين.

ويعمل الصندوق الذي تمّ إنشاؤه على يدّ عدد من المتطوعين برعايّة أبو ستّة، ويتعاون مع أعداد من المتطوعين على الأرض في غزّة ومصر والأردن وسوريا. فيما شكّل المركز الطبيّ في الجامعة الأميركيّة في بيروت "AUBMC" أولى المشافي التّي سيتعاون معها الصندوق. وذكر فريق العمل أن رئيس المركز الطبيّ والعديد من الأطباء عبروا عن إلتزامهم الكامل بهذه المبادرة، بينما سيتم مناقشة الحسابات الماليّة على أساس كل حالة، فيما أمل المتطوعون إشراك المزيد من المستشفيات، بما في ذلك المستشفيات العامة.

مع التّذكير، أن الحاجة إلى أكبر قدر من التبرعات، هي حاجة ملّحة وتصاعديّة، وسيتمّ توجيه التبرعات لاحقًا إذا نجحت عمليّة جلب الأطفال ومعالجتهم، نحو جهود إعادة تأهيل القطاع الطبيّ في غزّة وإعداد برنامج الرعاية لعشرات الآلاف من الأطفال الذين تركوا من دون أُسر.

التضامن اللّبنانيّ مع غزّة
وإن كان الصندوق يحمل إلى جانب غايته الإنسانيّة العابرة لمفاهيم الجنسيّة والانتماء، بُعدًا وجدانيًّا ينطوي على التّذكير بوحدة الدمّ والضمير والتضامن مع القضيّة ومع الضحايا، فإن هذا التضامن الوجدانيّ بدأ بالتجلي على أرض الواقع، إذ ما أن انتشرت فكرة الحاجة إلى متطوعين وأُسر لفتح بيوتها أمام الأطفال ومرافقيهم، حتّى انهالت أعداد كبرى للتطوع كتعبيرٍ عن استعدادهم لاحتضان هؤلاء الأطفال لحين شفائهم.

وهنا تشرح دندشلي، أن الحديث عن هذا الموضوع، سابق لأوانه، ونحن بانتظار نجاح آليّة استقدام الأطفال ومرافيقهم، ومن بعدها سيتمّ الخوض في هذا المجال، معتبرةً أن هذا العطاء يستحق العرفان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها