ولا تقتصر الأمور على معاناة نفسية وقلق من الوضع في مركز الإيواء، بل يذهب القلق إلى كيفية تأمين المستلزمات الأساسية للعناية بالمولود الجديد. فالنازحة دلال من برج البراجنة في الضاحية الجنوبية، وضعت ابنتها زينب في 25 تشرين الأول في مستشفى الزهراء. ثم عادت إلى مركز الإيواء الكائن في العازرية، وتؤكد أن المركز يفتقر إلى العديد من المستلزمات الضرورية للنساء الحوامل أو اللواتي وضعن حديثًا، وكذلك الأمر بالنسبة لحديثي الولادة أو حتى للأجنة التي تحتاج إلى متابعة وخدمات ومعدات معينة. وتقول دلال: "لم أتمكن من جلب كل جهاز العناية بالطفلة معي، لكن الأيادي الخيرة مدت لي العون. وقدم لي الكثيرون المساعدة من تأمين الملابس، والحليب، والأدوية، والحفاضات".
تتحدث عن وضع مركز الإيواء الذي "يفترق إلى مستلزمات للنساء اللواتي وضعن مولدهن". تشهق للحظات، يختنق صوتها، ثم تواصل حديثها: "منذ قليل، تمكنت من الحصول على فرشة مضغوطة قليلاً كي أتمكن من الجلوس على الأرض، وهو أمر بالغ الصعوبة نتيجة العملية القيصرية التي خضعت لها".
مراكز الإيواء موطأ الرأس
أما الاعتناء بحديثي الولادة فأمر دونه تعب وقلق وحرج. ذاك أن غرف مراكز الإيواء تأوي عائلات عدة. فلا خصوصية ولا مكان مخصص لإرضاع الطفل. وتشرح دلال أنها تحاول إيجاد وسائل لتأمين غرفة خالية من الأبواب، لتجنب وصول الهواء البارد إليها ولتبقي ابنتها دافئة. وبما يتعلق بإطعام طفلتها ونومها فتقول: "لا يوجد سرير مخصص للبنت. تعودت وباتت تنام بجانبي على هذا الفراش الإسفنجي المسجى في الأرض. أما عندما أريد إرضاع الطفلة فيغادر الرجال إلى الخارج".
لقصص هؤلاء النساء وأطفالهن سوابق في حروب لبنان. فشيماء سرور، التي تنحدر من بلدة المنصوري (جنوب لبنان)، ولدت في 30 تموز 2006 في مركز إيواء في مدينة زغرتا حينها، نزحت عائلتها إلى زغرتا بسبب الحرب آنذاك، وكانت والدتها حاملًا بها. ولدت وتسجلت على إخراج قيدها أنها من مواليد زغرتا.
شاءت مأساة الحرب الحالية أن تعود شيماء إلى زغرتا نازحة هاربة من الحرب. غدت شابة وعادت إلى المدرسة التي ولدت فيها قبل 18 عاماً. عودة ليس طوعية لزيارة مسقط رأسها، بل بسبب ويلات الحرب... على أمل ألا يضطر الأطفال الذين يولدون حالياً في مراكز الإيواء للعودة إليها مستقبلاً كنازحين.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها