السبت 2024/10/12

آخر تحديث: 13:51 (بيروت)

أزمات لبنان سهّلت على إسرائيل تجنيد عملاء بأثمان بخسة

السبت 2024/10/12
أزمات لبنان سهّلت على إسرائيل تجنيد عملاء بأثمان بخسة
منذ بداية العام 2024 حتى الآن تم تحويل 21 قضية عمالة إلى المحكمة العسكرية (Getty)
increase حجم الخط decrease

في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان وفقر اللبنانيين المتزايد، تمكّن العدو الإسرائيلي من تجنيد العديد من العملاء وبأبخس الأسعار. فقد استغل الموساد مشاكل لبنان السياسية والاجتماعية لتوسيع شبكة عملائه، مستفيدا من التقدم التكنولوجي، التي تستثمر به إسرائيل بشكل كبير، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، التي سهّلت عملية التجنيد.

تصوير أماكن القصف
قصة الراعي الشاب (23 عاماً) الذي تم تجنيده في إحدى القرى الحدودية تكشف بعض أساليب الموساد، وبخس الأسعار في التجنيد للحصول على المعلومات. وفق مصادر "المدن" استُدرج هذا الراعي (قيد المحاكمة) في خضم حرب الإسناد، من خلال تعارف مع عميلة إسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي. بدأت القصة بنية "التعارف"، لكنها سرعان ما تحولت إلى عرض عمل مشبوه. إذ عرضت عليه العمل كمصور صحافي لصالح "صديق لديه جريدة" بزعم حاجته إلى صور توثق أحداث الحرب في الجنوب وأماكن القصف.

ورغم محاولات الشاب إيضاح أنه مجرد راعٍ ومزارع لا يفقه شيئًا في الصحافة، إلا أن العميلة أقنعته، بأنها تحتاج منه تصوير أمكان القصف فحسب لتوثيقها. وغررت به بأن المهمة بسيطة: "إذا جاءت قذيفة، صورها، وصور لنا بعض المواقع"، ليجد الشاب نفسه منخرطًا مقابل مبلغ يتراوح بين 150 و200 دولار كحد أقصى. استفاد العدو من تجنيده لـ 4 أشهر، وألقت القوى الأمنية القبض عليه، وهو ما زال قيد التحقيق.

الانتقام من حزب الله
منذ عام 2019، أوقفت القوى الأمنية اللبنانية أكثر من 150 شخصاً يشتبه في تعاملهم مع إسرائيل، ومن اللافت أن بعضهم بدأ التعاون معهم بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية. في العام 2023، أُحيلت 36 قضية عمالة إلى المحكمة العسكرية، بينما منذ بداية العام 2024 حتى الآن تم تحويل 21 قضية، كما كشفت مصادر قضائية لـ"المدن".

وتضيف المصادر أن الدافع الأساسي وراء التورط في العمالة هو المال، حيث يشكل هذا الدافع الغالبية العظمى من الحالات، بينما 10 بالمئة فقط من العملاء يتورطون بدافع الانتقام من حزب الله أو بسبب ميولهم النفسية للعمالة.
وأكد المصدر أن الانقسام اللبناني يلعب دورًا كبيرًا في تسهيل العمالة، حيث تغذي النزاعات السياسية والطائفية الكراهية بين فئات المجتمع، مما يدفع البعض إلى اتخاذ قرارات مدمرة مثل الخيانة.
وشدد المصدر على ضرورة فرض عقوبات أشد على العملاء، وألا تسقط جريمة العمالة بمرور الزمن. ولفت إلى أن الأحكام المخففة التي صدرت عند تحرير الجنوب عام 2000، نتيجة اتفاق لتحقيق السلم الأهلي، لم تكن متناسبة مع حجم الجرم. وقال "لو كانت الأحكام صارمة في ذلك الوقت، ربما لما شهدنا هذا العدد الكبير من العملاء في الوقت الحالي".

إلى جانب الأحكام المخففة التي لا تشكل أداة ردع للتعامل، تبرز التدخلات السياسية المحلية والخارجية التي تمنع الجهات القضائية المختصة من متابعة ملفات حساسة.
في هذا السياق، علمت "المدن" أن الصحافي الأميركي المدعو يهوشاع تارتكوفسكي الذي اتهم منذ بضعة أيام، وتم ترحيله، لم يحوّل حتى إلى المحكمة العسكرية، ولم تتمكن المحكمة من معرفة أي معلومة عن ملفه. ولم يعرف كيف قبض عليه ولا كيف أُطلق سراحه وما هي التهم الموجهة إليه. وطرحت المصادر تساؤلات حول الضغوطات الداخلية والخارجية التي تمارس في ملف العمالة.

تاريخ العمالة
على مر العقود شهد لبنان نشاطاً كثيفاً في العمالة، خصوصاً مع تجربة جيش لبنان الجنوبي أو ما يعرف حاليا بـ "جيش لحد" الذي كان يضم أكثر من 5 آلاف عميل. مفهوم العمالة في لبنان، فيما يتعلق بالعدو الإسرائيلي، لا يزال غير متفق عليه تمامًا لدى البعض.
وفقًا للقوانين، لتصنيف شخص على أنه عميل، يجب أن يقدم معلومات حساسة وخطيرة يستفيد منها العدو للإضرار بالوطن. وهناك نوع آخر من العمالة يعرف بـ"المتواصل"، وهو الشخص الذي يتصل بالعدو من دون تقديم معلومات مهمة، مثل المشاركة في محادثات على منصة "X" أو إبرام صفقات تجارية.

العملاء ينقسمون إلى ثلاثة أنواع: الفئة الأولى تشمل من يتم ابتزازهم للعمل لصالح العدو، الفئة الثانية تضم المغرر بهم، أما الفئة الثالثة وهي الأقل عددًا فهي تشمل المتبرعين الذين يتجندون بإرادتهم الحرة. وعلى الرغم من أن المتبرعين قلة، إلا أن أعداد المبتزين والمغرر بهم كبيرة جدًا.

يحاول الموساد الإسرائيلي الوصول إلى جميع الفئات، من أعلى المراكز إلى أصغرها، حيث لا يستثني أحداً يمكن أن يكون له منفعة. فقد تورطت في العمالة لصالح الموساد شخصيات من مختلف المستويات والقطاعات، مما يعكس اتساع نطاق تأثير هذا الجهاز. ومن بين العملاء، نجد من كان في السلك العسكري مثل العقيد م. د. والعميد أ. ع، الذي خدم المخابرات الإسرائيلية لمدة 15 عاماً، والمقدم غ. ش. ولم يقتصر الأمر على العسكريين فقط، بل شمل أيضاً أفراداً من المقاومة الفلسطينية واللبنانية، مثل ز. ح. الموظف في قطاع الاتصالات، ومثل م. ع. .
إضافة إلى ذلك، يتم استدراج بعض الأشخاص من خلال وظائفهم، مثل المصورة ل. ر. التي عندما بدأ يطلب منها مهمات "غير طبيعية" ومثيرة للشك، لم تكترث للأمر، ووافقت على الاستمرار بالتعامل مع العدو، لتتوقف وتحاكم سنة فقط.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها