الجمعة 2023/10/27

آخر تحديث: 20:15 (بيروت)

مناصرو غزّة بين السّفارتين المصريّة والفرنسيّة: بيروت بالحداد

الجمعة 2023/10/27
مناصرو غزّة بين السّفارتين المصريّة والفرنسيّة: بيروت بالحداد
من الاعتصام في ساحة البسطا التحتا في بيروت (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
لا يزال الشارع اللّبنانيّ متقدًا ووجلًا، إزاء ما حصل ويحصل من مقتلة دمويّة في قطاع غزّة وسائر الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، على يدّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ. وإذ تستمر التّحركات الشعبيّة المندّدة بالتّعسف والصمت الدوليّ، فلا شكّ أنها تحولت في الآونة الأخيرة لتحركاتٍ رمزيّة، ما عادت تحشد الآلاف المؤلفة التّي خبرت يوميًّا النزول في تظاهرات عفويّة.

ولعلّ هذا يُماثل بطبيعته حجم التّوجس والذعر الذي ألمّ بسواد اللّبنانيين، المحتسبين لحربٍ قد تمتد نيرانها إلى الداخل اللّبنانيّ. فيما يتطابق الحضور الخجول، مع مشهديّة العاصمة، التّي يُخيل لزائرها حالة الحداد وربما الاعتكاف التّي تعيشها حاليًّا، أكان في المطاعم والمحال التّجاريّة وقطاعات التّجارة والأعمال والسّياحة وصولًا للشوارع العموميّة.

تظاهرة شبابيّة
ولعلّ أبرز مثال على ما ذكرناه آنفًا، هو المسيرة التّي دعت إليها شتّى المجموعات المدنيّة تحت شعار "أوقفوا الإبادة فورًا"، مساء يوم الجمعة 27 تشرين الأول، والتّي انطلقت من أمام السّفارة المصريّة وصولًا للسفارة الفرنسيّة، فيما حضرها العشرات من الشباب، الذين حملوا الأعلام الفلسطينيّة، واللافتات، احتجاجًا على استمرار العدوان، وكذلك إقفال معبر رفح أمام المساعدات الإغاثيّة الإنسانيّة، لمنكوبي قطاع غزّة. وتضامنًا مع الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت وطأة المظلوميّة التّاريخيّة، وانتفاء العدالة وكذلك الرحمة والرفق بالنزيف البشريّ الحاصل.

ووسط حضورٍ أمنيّ لافت، طوق مداخل ومخارج السّفارة المصريّة (لازمها منذ بداية عملية كتائب القسام "الطوفان الأقصى")، انطلق المتظاهرون والمتظاهرات باتجاه السّفارة الفرنسيّة، سالكين الأوتوستراد العام ومن ثمة الأزقة الفرعيّة، فيما أبدى غالبية المارة دعمهم لأهداف المسيرة. وقد استرسل الشباب المتظاهر بالتّنديد بالسّياسة المصريّة على اعتبار أنها "متواطئة بمشروع نكبة المحاصرين في غزّة"، وذمّ التّطبيع العربي مع الجريمة الإسرائيليّة. فيما وقف هؤلاء لاحقًا أمام السّفارة الفرنسيّة، وباستنفارٍ أمنيّ لافت أيضًا، وطفقوا بشتّم السياسة الفرنسيّة المتواطئة والدعم للمشروع الإسرائيليّ في الإبادة الجماعيّة، والمجزرة التّي لم يُحرك أمامها الجانب الفرنسيّ ساكنًا.

تظاهرات متفرقة
وقد عمّت التّظاهرات التّضامنيّة ووقفات المناصرة مختلف أجزاء العاصمة، والتّي باتت مشهداً مُعتاداً، منذ بداية الحرب، يخفت حينًا وتتفاقم وطأته أحيانًا أخرى. ومن جملة الاعتصامات التّي نفذت اليوم، تلك التّي نظمها، اللقاء الشبابيّ اللّبنانيّ – الفلسطينيّ، أمام قناة الجديد في بيروت (المصيطبة)، والتّي تمّت الدعوة إليها لـ"شكر" قناة الجديد على جهودها في تغطيّة الأحداث الفلسطينيّة، وقد حضرها العشرات، فيما طغى على الحضور الطابع النسائيّ، وخصوصًا النسوة العجائز بقيافتهن التّقليديّة. ثم تبعها اعتصام مركزي في ساحة البسطا التحتا في بيروت، حمل عنوان "انتصارًا ودعمًا للمقاومة الشعبيّة الفلسطينيّة واستنكارًا للعدوان الأميركي الصهيونيّ"، حضرها المئات وخصوصًا من الأطفال، التي شابهت التّظاهرات السّابقة لحزب الله (راجع "المدن").

كما راجت التّظاهرات العفويّة ليلًا، وبصورة شبه يوميّة، وامتدت هذه التظاهرات على طول المخيمات الفلسطينيّة في بيروت، صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة. وهذه التّظاهرات عادةً ما تحشد المئات من سكان المخيمات والمناطق المحيطة به، ويواكبها إطلاق الرصاص الاحتجاجيّ الذي يُسمع صوته يوميًّا في مختلف أنحاء الضاحيّة الجنوبيّة لبيروت. وقد درجت العادة، رفع أصوات الآذان لتنبيه السّكان على ضرورة النزول والتّعبير عن غضبهم وتنديدهم بما يحصل. فيما يُلاحظ جليًّا، الانتشار الأمنيّ الخجول، في محيط هذه التّظاهرات وخصوصًا المخيمات، التّي تتحكم بها الفصائل الفلسطينيّة.

وعلى هذا النحو، تستأنف بيروت التزامها الطوعيّ بمواكبة تّظاهرات التنديد ووقفات المناصرة التّي اجتاحت العواصم الأوروبيّة، ومختلف مدن العالم العربيّ والإسلاميّ. لكن يبدو ومن خلال المراقبة الميدانيّة، التفاوت في المطالب، خصوصًا تلك الداعيّة للتّورط بالحرب (كما جرّت العادة)، والتّي يُصرّ منظمو غالبيّة التّحركات على استنكارها، ورفضها، مؤكدين أن الأولويّة هي وقف المجزرة، لا توسيع مروحتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها