أسوة بالسنوات السابقة، التي دأبت فيها الجامعة الأميركية في بيروت على استقطاب الطلاب المتميزين في الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية، بدأت الجامعة محادثاتها لتقديم المنح للطلاب الأوائل في لبنان، بعد صدور النتائج منذ نحو أسبوعين. وبمعزل عن الوضع الاجتماعي لهؤلاء الطلاب تواصل الجامعة التزامها تجاه المجتمع اللبناني، عبر منح هؤلاء الأوائل فرصة التميز والتفوق، إيماناً منها أنهم يشكلون قيمة مضافة لها، كما يقول وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الأميركية في بيروت، زاهر ضاوي.
استقطاب الأوائل بالامتحانات الرسمية
بدأت الجامعة مشروع استقطاب الطلاب الخمس الأوائل في الفروع الأربع للشهادة الثانوية منذ عشر سنوات، من خلال اتفاقية تعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية. وتقدم الجامعة منحاً كاملة لهؤلاء الطلاب لدراسة أي اختصاص يرغبون به على نفقة الجامعة، بمعزل عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للطلاب، كما أكد ضاوي لـ"المدن".
في السابق كان "المجلس الوطني" يدعم الطلاب من خلال دفع عشرة ملايين ليرة، لتغطية جزء من القسط، وتتكفل الجامعة بباقي القسط. لكن منذ السنة الفائتة باتت الجامعة تتكفل بالمنحة الكاملة. وقد استقطبت الجامعة 14 طالباً من الأوائل في لبنان العام الفائت، وقدمت لهم منحة دراسية تغطي القسط مئة بالمئة.
وحالياً، المباحثات جارية مع المجلس لاستقطاب الطلاب الأوائل الذين نجحوا مؤخراً. ومن يرغب من هؤلاء العشرين الأوائل بالدخول إلى الجامعة بمنحة كاملة، مرحب به بمعزل عن وضع ذويه الاجتماعي، كما يؤكد ضاوي. ويضيف ضاوي بأن الجامعة الأميركية تفتخر بأنها تضم أهم الكفاءات في لبنان. فرغم كل الأزمات التي مرت على لبنان مؤخراً ما زال مستوى الطلاب في المدارس مرتفع.
منحٌ للطلاب المتميزين
ولفت ضاوي إلى أن الجامعة تستقطب الطلاب المتميزين، حتى من خارج هؤلاء الطلاب الأوائل، وتمنحهم الفرصة للتعلم في "الأميركية"، التزاماً منها أمام المجتمع اللبناني. فنحو 20 بالمئة من الطلاب في "الأميركية" يدرسون بمنح كاملة (1750 طالباً من أصل نحو 8 آلاف) من خلال الهبات خارجية ومن الدعم الذي تقدمه الجامعة لهم. وحالة الطالب إيلي خواند، برسالته المؤثرة، التي ألقاها يوم التخرج، ليست فردية في الأميركية. فهو يأتي من عائلة فقيرة وكان مثالاً للتميز. لقد بنى نفسه بنفسه والجامعة ساعدته. لكن طلاباً كثراً مثله بأوضاعهم المادية الصعبة تعلموا في الجامعة وتميزوا فيها وتخرجوا بتفوق. فالجامعة تؤمن أن المساعدة التي تقدمها للطلاب في هذا المجال لا تكون للشخص عينه، بل لعائلته ومحيطه والمجتمع بشكل عام. فهو حكماً يؤثر في عائلته الأوسع وفي محيطه ومجتمعه، ما يسهم في تقدم البلد بشكل عام.
عودة الحياة الجامعية
وعن حفل تخرج الطلاب الذي عاد إلى "طبيعته" هذا العام في الجامعة، شرح ضاوي أن الحياة الجامعية للطلاب عادت إلى الجامعة وخصوصاً في الفصل الثاني. فقد كان التعليم حضورياً هذا العام بعد سنتين على التعليم من بعد، خصوصاً أن نسبة تلقيح الطلاب والأساتذة والموظفين وصلت إلى 99.6 بالمئة. ففي العام 2020 لم تنظم الجامعة أي حفل تخرج، وأجلته إلى العام 2021. لكنه لم يكن مثل المعتاد بل كان بحضور الطلاب حصراً، ووسط إجراءات وقائية صارمة. أما حفل التخرج هذا العام فقد كان شبيه بالأعوام التي سبقت كورونا، وخرّجت الجامعة نحو 2600 طالب من مختلف الكليات، نحو 800 طالب منهم في شهادتي الماجستير والدكتوراه.
وأشار ضاوي إلى أن نحو 10 بالمئة تخرجوا بمرتبة متميزة جداً. وبشكل عام، نسبة الطلاب الذين يحصلون على معدلات مميزة تصل إلى نحو 25 بالمئة. تختلف النسبة بين كلية وأخرى. ففي كلية الهندسة عدد المتميزين أعلى من غيرها على سبيل المثال. لكن نسبة الطلاب المتميزين تصل إلى نحو 25 بالمئة. وهذا يمنح طلاب "الأميركية" فرص قبولهم في أهم الجامعات في العالم. فسمعة الجامعة عالمياً، والثقة العالمية بطلابها وأساتذتها ومشاريع التخرج فيها، تمنح طلابها فرصاً كبيرة، سواء في استكمال الدراسة أو في سوق العمل.
ارتفاع نسبة هجرة الطلاب
وأضاف ضاوي أن عدد طلاب شهادة البكالوريوس الذين تخرجوا هذا العام كان ملفتاً. فالصفوف التي تخرجت تعود للطلاب الذين بدأوا دراستهم في الجامعة في خريف العام 2019، أي ببداية الأزمة الاقتصادية في لبنان. لكن عدد الطلاب يوازي أو يزيد عن السنوات التي سبقت الأزمة. وهذا يؤشر إلى عدم تأثر الجامعة بالأزمة التي يمر بها لبنان والتي كان يفترض أن تنعكس بتراجع عدد طلابها. ويؤشر إلى أن المساعدات التي تقدم للطلاب ساهمت في الحفاظ عليهم.
وحول نسب الطلاب الذين يتركون لبنان بعد التخرج من الجامعة، أوضح ضاوي أنه قبل الأزمة التي يمر بها لبنان كان قسم كبير من الطلاب يترك البلد. فنحو 25 بالمئة من طلاب الأميركية يكملون دراستهم العليا في الخارج، ومثلهم يذهبون للعمل سواء في العالم العربي أو في أوروبا أو أميركا. لكن النسبة ارتفعت في ظل الأزمة، خصوصاً في ظل فرص العمل المحدودة في لبنان. ويمكن ملاحظة هذا الارتفاع من خلال تراجع عدد الطلاب الذين يتقدمون لاستكمال دراساتهم عليا في الجامعة في لبنان. لكن الجامعة لم تنتهِ من الإحصاءات حولهم لمعرفة وجهتهم، سواء الهجرة للعمل أو استكمال دراستهم في الخارج أو الذهاب إلى سوق العمل في لبنان لمساندة أهلهم.
ورغم ذلك، لفت ضاوي إلى شبكة خريجي الجامعة تضم أكثر من 75 ألف متخرج منتشرين في لبنان والعالم، باتوا بمثابة شبكة عالمية تساعد الطلاب وتؤمن لهم فرصاً للنجاح. وتبين خلال السنوات الأربعين المنصرمة أن نحو 70 بالمئة من الخريجين يعودون للاستقرار في لبنان، بعد استكمال دراستهم في الخارج وتحقيق نجاحات هناك. وهذا يساهم في توسيع الرأسمال البشري لمستقبل لبنان.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها