يُعقد في طشقند-أوزبكستان بين 14 و16 من الشهر الحالي مؤتمر دولي بعنوان "العناية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة" بتنظيم من اليونسكو. دعوة المشاركة في المؤتمر موجهة إلى ممثل رسمي عن الدولة اللبنانية وممثل عن المجتمع المدني. وتتضمن المشاركة التزام لبنان بتطوير السياسات والبيئة الثقافية وغيرها من العناوين التي تعنى بالطفولة المبكرة، بالإضافة إلى التوقيع على اتفاقية بهذا الشأن.
تغييب النخب
مصادر مطلعة أكدت أن وزير التربية عباس الحلبي انتدب الأب جهاد صليبا لتمثيل الدولة اللبنانية في المؤتمر، بالتوافق مع مسؤولي منظمة اليونسكو في لبنان، فيما يفترض أن يحضر الوزير شخصياً لتوقيع الاتفاق، أو عليه أن ينتدب من يفترض به صاحب صفة تؤهله التوقيع. علماً أن صليبا هو مستشار متعاقد من خارج الملاك مع البنك الدولي لإدارة مشروع S2R2 في المركز التربوي للانماء والبحوث، لدعم التعليم والمناهج في لبنان، الممول من جهات مانحة. هو إذًا لا يحمل صفة رسمية ولا علاقة له أصلُا بالطفولة المبكرة. وبالتالي سيتمثل لبنان الرسمي بشخص يمثل البنك الدولي. علمًا أن بين موظفي المركز التربوي والوزارة وكلية التربية نخباً مؤهلة لتمثيل لبنان في هكذا مؤتمر.
وصليبا للتذكير حائز على شهادة ليسانس باللاهوت والفلسفة وماجستير من الجامعة الكاثوليكية في باريس، وأطروحته تناولت موضوع التلاحم الاجتماعي الذي ترسيه المدارس الكاثوليكية في لبنان. وهو لا يحمل شهادة دكتوراه بالرغم من إصرار المكتب الإعلامي للوزارة والمركز التربوي على إضافة كلمة دكتور قبل اسمه. ومجاله ليس تربوياً، وخبرته العملية لا تؤهله إدارة مشاريع على مستوى الدولة بمئات ملايين الدولارات، في مجال ليس من اختصاصه. بل أتى تعيينه لتفريغ المركز التربوي من الكفاءات، ومن المضامين التربوية، ومن أهدافه، كونه العقل المفكر في التربية. بما يشبه النمط المعتاد في كل مؤسسات الدولة حيث أصحاب الكفاءات مبعدين لتيسير نظام المحاصصة، ولا سيما في وزارة التربية، حيث سندفع ثمن أداء وزارة التربية في حاضرنا ومستقبل أولادنا.
صراعات داخل الوزارة
وتشير المصادر إلى أن الوزير الحلبي ممتنع عن الظهور الإعلامي، وأقفل على نفسه في مكتبه بظل الأزمة التي تمر بها وزارته، في ظل صراع الموظفين الحزبيين الحالي، الذي لم يخرج إلى العلن بعد. بل ظهرت معالمه بعد وقوع كارثة سقوط سقف ثانوية الأميركان في طرابلس وراح ضحيته التلميذة ماغي محمود، وراح المسؤولون في الوزارة بتحميل المسؤولية على بعضهم البعض. وقد انتدب الحلبي صليبا إلى هذا المؤتمر بعد أسبوعين على تسليمه النسخة الخامسة لإطار العام للمناهج إلى رئيس الجمهورية ميشال عون قبل مغادرته القصر الجمهوري. وذلك لتسريع الحصول على حصة المنهاج من تمويل مشروع البنك الدولي، متجاوزًا حقيقة أن المنهاج لا يقرّ إلا بقانون. وقد سبق وأعلن الوزير الحلبي الانتهاء من الإطار العام وتسليم نسخة للجهات المانحة أيضًا. وهذا المنهاج نسّقه مستشار مشروع البنك الدولي S2R2 جهاد صليبا.
تسويات وصفقات
غالباً يأتي قرار التعيين أو الانتداب (ووضع المنهاج حالياً) من جهة خارجية كاليونسكو واليونيسف والبنك الدولي. هو سلوك تنتهجه المؤسسات الأممية مع لبنان لأنها الممول الوحيد له من خلال مشاريع التعليم والصحة. فلا مداخيل بالدولار النقدي للبنان إلا من خلالها، وهي فعليًا تمول كل الإدارات العامة من فائض المشاريع وفارق سعر صرف الدولار. ولا بد من التذكير أن نتائج أداء وزارة التربية متدنٍ جدًا على كل المستويات، التربوية والإدارية والمؤسساتية، وتفوح روائح الفضائح وسوء الحوكمة وعدم فعالية الإنفاق على التربية والهدر للمال العام، والوعود غير المحققة، وقضم حقوق المعلمين، والصياغة السياسية المصلحية وليس التربوية للإطار العام للمناهج. وكذلك يعمل البعض على تسوية أوضاع الفاسدين في الوزارة والتستر عليهم من دون ملاحقة وتحقيق. هذا فضلاً عن فضائح الكمبيوترات والتابلت وغيرها، والتي توجت مؤخرًا بترؤس الوزارة لجنة التحقيق في مقتل التلميذة ماغي محمود في طرابلس، فيما المتهم الرئيسي يفترض أن يكون الوزارة نفسها، كونها تشرف على ترميم المدارس وتكشف على مدى أهليتها وجهوزيتها لاستقبال الطلاب.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها