الإثنين 2020/02/03

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

عمر حرفوش ومشروع النفايات: العزف على فضائح السياسيين

الإثنين 2020/02/03
عمر حرفوش ومشروع النفايات: العزف على فضائح السياسيين
صديق القذافي ورودي جولياني ومارين لوبين.. والحريري (الإنترنت)
increase حجم الخط decrease

مع عمر حرفوش، لا نعرف من أين، أو حتى كيف نبدأ. من موسيقاه التي تليق بالمصاعد أو أروقة الأوتيلات ولوبياتها لشدة ابتذالها؟ من علاقاته بالسياسيين أينما وُجد؟ من ارتباطاته المشبوهة بالأنظمة حتى الأشد فتكاً منها؟ من فضائحه وأسراره التي خصص كتاباً لها؟ لكن الأكيد، نعرف لماذا الكتابة عنه: فضح متسلّق آخر على ثورة 17 تشرين وحاجات ناسها ومطالب اللبنانيين. هل نسمّه رجل أعمال أم عازف بيانو أم رجل الموضة والأزياء؟ صديق السياسيين أم ساعٍ للقصاص منهم؟ يدعّي كل ذلك وهو اليوم متسلّق لم يسبق للثورة أن شهدت مثيلاً له، من مستوى عالٍ يمتهن الأمر ويوظّف كل إمكاناته في هذا السبيل. ليس من حاجة إلى البحث عن سيرته في أوكرانيا وفرنسا وليبيا وغيرها من الأماكن.

كل ذلك وما يرافقه من تساؤلات مكتوب في الصحافة الأجنبية. هو العاشق والساعي الدائم للظهور الإعلامي. أكان تناوله في الإعلام سلبياً أو إيجابياً، لا يهم. فذلك انتصار له. المهم أنّ يظهر، أن يصل. وفي جعبة الظهور الإعلامي تلك، أدوات رفع الدعاوى القضائية على المؤسسات والصحافيين، أو تهديدهم بذلك حتى. وهو أسلوب آخر للشهرة، لإثارة البلبلة والجلبة. فيكفي القول إنه وتوأم قلبه، أخوه وليد، يملكان مجلة "باباراتزي" في أوكرانيا. بما في تلك الكلمة من فضائح أساساً، من اقتناص للشهرة والتشهير على حد سواء، للاعتداء على الخصوصيات واصفرار الصحافة.



طرابلس البداية
لنبدأ من طرابلس، المدينة التي يحاول حرفوش الدخول منها من باب أزمة النفايات. ولاختصار الواقع والحال هناك، ليس الاقتراح الذي يقدمّه الرجل "اختراع ذرة" ولا حلاً سحرياً. هو اقتراح لإنشاء مصنع على غرار 620 مصنعاً في أوروبا، وليس محسوب فيه لا تصريف المخترجات ولا إمكانية استخراج الطاقة منها. فاتحاد البلديات والقيّمون عليه متقاعسون. وبحسب أكثر من مصدر بلدي وغير بلدي، على هذه الجهات تحديد أولاً التقنية التي يجب اتّباعها، وبعدها يمكن عرض الخيارات والتلزيمات والمناقصات. وبالتالي فإنّ اقتراح حرفوش، كما غيره من الشركات ورجال الأعمال، يبغون الربح أولاً، وهذا منطق البزنس. وعدا ذلك، ليس لحرفوش في طرابلس أي شيء آخر. وهو لم يتردّد أساساً في شتم الطرابلسيين في أحد تسجيلاته، قال إنّهم "يحبون نفاياتهم لكن يرفضون نفايات المناطق أخرى، نحبّ الرائحة لكن لا نريد روائح من منطقة أخرى".

تسلّل حرفوش إلى طرابلس أواخر عام 2018 بعد سنوات من الانقطاع عنها. انضمّ إلى مجموعة من الناشطين والناشطات من باب جمع المغتربين الطرابلسيين وحب طرابلس وطرح مشاريع إنمائية لها. تسلّق على هؤلاء الناشطين، وقدم بعد أشهرٍ مشروع معمل النفايات. وهذا باب آخر للارتفاع درجة في التسلّق، فكانت لقاءاته بالسياسيين والزعماء المحليين، الفاسدين طبعاً بحسب حكم الثورة وناسها.

مع السلطة أم الثورة؟
لا يتأخر عمر حرفوش في نشر صوره مع زعماء السلطة وأزلامها. فمن شأن ذلك رفع رصيده الإعلامي والدعائي. كاد أن يتصوّر مع "كلن يعني كلن" حرفياً، لو أنّ بعض هؤلاء الزعماء أذكى من خوض تجارب مماثلة. شكر سياسيي طرابلس في فيديو أول لثقتهم وسعيهم إلى الحل، وانتقدهم في منشورات أخرى بعد أن التمس عرقلة مشروع البزنس في المدينة. وهذا أجمل ما في هذه القصة. إذ سيفضح هؤلاء بعضهم البعض، فيما الناس في الشوارع تطالب بإسقاطهم جميعاً. فلنجلس في ثورتنا ولنتفرّج على فضائحهم. والأكيد أنه حاول الدخول سريعاً إلى صفوف الثورة من باب تبنّي مطالبها، وأولها استعادة الأموال المنهوبة. فنظّم الجلسات والمؤتمرات بالتعاون مع أصدقاء له في البرلمان الأوروبي، بغية استعادة أموال المساعدات الأوروبية لصالح الاتحاد الأوروبي وليس اللبنانيين. كما كانت لقاءات أخرى مع نواب وقضاة فرنسيين للدفع في اتجاه استعادة أموال اللبنانيين المنهوبة. 


يدّعي حرفوش صداقته مع معظم السياسيين لكن يريد استعادة أموال الناس والخزينة المنهوبة! وهو القائل في الأساس في كتابه Mystères, Scandales Et Fortune (أسرار، فضائح وثورة) إنه "بلا فساد لا يمكن الحصول على الأذونات اللازمة..."، ما معناه أنه بلا الرشوة لا يمكن العمل. وللمناسبة، هذا الكتاب النافد من المكتبات المحلية، يمكن الحصول عليه في لبنان لقاء مبلغ يقارب 30 يورو. في حين بالإمكان الحصول عليه على بعض المواقع الإلكترونية مستعملاً مقابل 0.97 يورو.

صديق الأنظمة
ليس حرفوش صديقاً للسياسيين فقط، بل صديق للأنظمة. رئيسا أوكرانيا يشهدان على ذلك، يوشينكو المخلوع وقبله كوشما. واللافت في الموضوع أنه بات مقرباً من يوشينكو بعد ادّعاء أخيه وليد أنّ الأخير مسؤول عن تفجير سيارته عام 2005. وللصدف، ترأس وليد بين أعوام 2007 و2010 قسم العلاقات الإعلامية الدولية للمرشّح وثم الرئيس يوشينكو. هذا تطبيق لأمثلتنا الشعبية اليومية، "لا محبة إلا بعد عداوة"، "ما إلك صاحب إلا بعد خناق" أو "لا تاخد صاحب إلاَّ بعد قتلة". وفي فصل آخر من علاقته بالأنظمة، علاقة حرفوش بالرئيس الليبي المخلوع، معمر القذافي. إذ نظّم رجل الأعمال والموضة عام 2002، في طرابلس الغرب، مسابقة جمال خاصة بعارضات الأزياء، Miss World Net. كسر بموجبها الحصار على نظام القذافي، فاحضر 25 شابة من بلدان مختلفة ونظّم لهنّ جولات سياحية سياسية ودعائية للنظام الليبي. فقصدت الشابات حواري ليبيا "زنقة زنقة، ودار دار" إلى أن التقت بالقذافي الأب وثم الابن، ليكتمل مشهد النظام كضحية للاستعمار والغرب.

صديق الجميع
يقول حرفوش، حسب نبذة كتابه، إنه تقاطع علاقات سياسيين عالميين، كالقذافي وبيل كلينتون وكولن باول. ومؤخراً برزت علاقاته الجديدة مع المحامي الشخصي للرئيس الأميركي، رودي جولياني، وقبلها مع النائب الفرنسي اليميني في البرلمان الأوروبي، تيري مارياني الذي زار بشار الأسد في حين أغلب الشعب السوري نازح أو لاجئ. وسبق كل ذلك أنّ حرفوش كان مستشاراً لزعيمة اليمين الفرنسي والجبهة الوطنية مارين لوبين.

بين كل هذه الأسماء والقضايا والعلاقات الشائكة، يسقط اسم عمر حرفوش بالباراشوت. يستمتع باستعراض هذه الأسماء ومشاركتها نشاطاتها المختلفة. وكل هذا يغذّي هدف الشهرة. على حساب شعوب مقموعة، بمساعدة أنظمة فاسدة، بالتعاون مع أصحاب خطاب عنصري، لا يهم. مجدداً، المهم أنّ يظهر، أن يصل.

لوهلة، يبدو من غير المهم إعادة التذكير بحجم الفضائح التي أثارها حرفوش تحديداً في الإعلام الفرنسي (يكفي استعراض هذه الحلقة من برنامج Capital على M6). تساؤلات كثرت عن ثروته وادعاءاته المختلفة، التي لا جواب فيها إلا المزيد من الادعاءات وشبكات العلاقات الغامضة. رجل بهذا الكم من التساؤلات حوله وحول ثروته يطرح مشروع استعادة الأموال المنهوبة في لبنان. غموض ما بعده التباس. أحجية جديدة تضاف إلى الحياة السوريالية اللبنانية، يمكن العمل على حلّها ونحن نستمع حرفوش يعزف، وهو "يرشّ" النوتات الموسيقية (Tremelo)، على البيانو بابتذال مطلق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها