بالنسبة لعدد من المتابعين للأوضاع القضائية، يبدو المشهد القضائي اليوم "وكأنه عاد إلى العهد العضّومي"، نسبة إلى مدّعي عام التمييز في عهد الوصاية والاحتلال السوريّين لبنان، القاضي عدنان عضّوم. وفعلياً ما يحصل في ملفات قضائية عدة، بدءاً من عرقلة التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت، مروراً بملف أحداث خلدة وصولاً إلى ملف أحداث الطيّونة، يعيد المشهد إلى سطوة سياسية وتوجيه سياسي للقضاء، وللاستثمار الانتخابي أيضاً. وفي هذا الإطار، يمكن وضع الملفات القضائية المتعلّقة بالمصارف وحاكم مصرف لبنان خارج هذا التوصيف، على الرغم من الصبغة السياسية والاتهام السياسي والاستنسابي الذي يلاحق القاضية غادة عون.
تهرّب عقيقي
جديد الطابع العضوّمي للمشهد القضائي، بحسب عدد من المتابعين، ما يحصل في ملف أحداث الطيونة. فأكد حزب القوات اللبنانية أنّ القاضي فادي عقيقي ادّعى يوم أمس الأول "على رئيس الحزب سمير جعجع بجرائم جنائية عدة". وتلفت دوائر معراب إلى أنّ وكلاء الدفاع سبق وتقدّموا بشكوى قضائية أمام التفتيش القضائي ضد القاضي عقيقي في عدد من المخالفات التي ارتكبها". كما سبق وتقدّموا أيضاً، يوم 16 آذار الماضي بطلب ردّ عقيقي أمام محكمة الاستئناف المدنية متذرّعين بالخصومة. والجدير بالذكر أنّ أجواء القوات اللبنانية تضيف أنّ القاضي عقيقي "يتهّرب من التبلّغ بطلب الردّ المقدم ضده منذ 8 أيام".
العمل من المنزل
وأضافت أجواء معراب أنّ عقيقي أصدر قرار الادعاء على جعجع من منزله، ومن دون الحضور إلى المحكمة. فتهرّب من جهة من التبلّغ بطلب الردّ وخالف أيضاً النصوص القانونية التي تلزم القضاة إصدار قراراتهم من مكاتبهم، مع العلم أنّ عقيقي "صرف كاتبه ومرافقيه أيضاً لعدم التبلّغ بالردّ". فاعتبرت القوات "هذه الممارسات تدميراً ممنهجاً للقضاء والعدالة في لبنان، يقوم به بعض القضاة استجابةً لبعض الأطراف السياسية، وبالأخص حزب الله والتيار الوطني الحر، للاقتصاص من أخصامهم السياسيين".
التبليغ في المنزل
في مشهد موازٍ، لم يمتنع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن الحضور إلى مكتبه يوماً بينما كانت طلبات الردّ تنهال ضدّه، رافضاً تسجيل أي مخالفة قانونية بحقّه. وفي الوقت نفسه، لا بد من التذكير بأنّ قرار كف يدّ البيطار الذي أصدره القاضي حبيب مزهر مطلع تشرين الثاني الماضي، أًصدره مزهر من قصر العدل. وأرسل التبليغ إلى منزل البيطار، باليد، لكون القرار صدر بعد الساعة الخامسة، وكان البيطار قد ترك قصر العدل حينها. وكان مزهر مستعجلاً لتأدية المهمّة المطلوبة منه في كفّ يد المحقق العدلي، ولو أنه تبيّن لاحقاً أنه تجاوز صلاحياته وأصدر القرار من دون تكليف.
شكوى ضد نصر الله
لكن في ملف أحداث الطيونة أيضاً، يؤكد عدد من الوكلاء القانونيين المعنيين في الملف بأنّ الشكوى التي تمّ تقديمها ضد أمين عام حزب الله، وحوّلتها القاضية غادة عون إلى جهاز أمن الدولة. والشكوى قابعة في أدراج الجهاز الأمني منذ نهاية شهر كانون الأول الماضي. حتى أنه لم يتم الطلب من المدّعين تقديم أي إفادة حول الملف، وهو ما يعني أنّ الشكوى "نامت في الأدراج".
يلخّص متابعو ملف أحداث الطيونة المشهد بالإشارة إلى أنّ "المعروف أنّ القاضي فادي عقيقي نسيب رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والمعروف أيضاً أنه يشغل موقع مفوض معاون للحكومة أي بالإنابة، وليس مفوضاً بالأصالة، وتم تكليفه بعد استقالة القاضي بيتر جرمانوس".
هل يكون كل هذا بهدف الحصول على "الأصالة" أيضاً. قد يكون ذلك، لكن الخلاصة أنّ مشهداً عضّومياً يطلّ على اللبنانيين مجدداً.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها