السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا عن الأزواج غير المنجبين لأسباب صحية؟ أو ماذا عن الأزواج غير الراغبين بأكثر من طفل واحد، أو لا يريدون الإنجاب أصلاً؟ قصّة رامي خوري المتزوج بأردنية، تكشف الكثير عن معاناة هؤلاء الأزواج. فبعد مرور سنة على زواجه تقدم بطلب رسمي لزوجته، وأرفقه بالمستندات اللازمة. مضت شهورة عدّة قبل أن يأتيه رد المديرية العامة للأمن العام "بأنه لا يحق لها بالجنسية، بسبب عدم إنجاب الأطفال بعد". "لم تحصل زوجتي على الجنسية، رغم مرور تسع سنوات على زواجنا، ومساعينا الدائمة في محاولات إنجاب الأطفال، باءت جميها بالفشل". وينقل رامي رد ضابط في الأمن العام على طلبه: "شرط الحصول على الجنسية مرور ثلاث سنوات على الزواج وانجاب ولدين". ولدى استفساره عن حالة زوجته غير القادرة على الإنجاب كان رد الضابط: "عليك أن تُرفق وثائق طبية تثبت ذلك، تتضمن الحالة الطبية للزوجة، فربما ينظر في الأمر". وبضحكة ساخرة، ينهي رامي حديثه، "وليومنا هذا لم ترَ زوجتي الجنسية".
هذه الحالات المتناقضة، كانت الدافع لاتخاذ مديرية الأحوال الشخصية القرار، لإعادة التذكير بضرورة تطبيق القانون، بعيداً عن الممارسات السابقة المتعلقة بشرط الإنجاب، أو بضرورة موافقة الزوج وتوقيعه على جميع المعاملات. إذا تعتبر المديرية أن القرار هو لإعادة الحق للمرأة الأجنبية المتزوجة بلبناني، من دون إلزامها بالحصول على موافقة زوجها، وتسهيلاً للمعاملات الإدارية المتعلقة بطلب الحصول على الجنسية.
رفض الطلبات ممنوع!
أما أبرز الشروط والأوراق المطلوبة، تقديم صاحبة العلاقة طلب الجنسية لدى قلم النفوس العائد لقيد الزوج، بعد مرور سنة على تاريخ تسجيل الزواج، مرفقة بمستندات عدة، أبرزها "إخراج قيد عائلي للزوج مدرج عليه كافة الشروحات والملاحظات، وصورة عن وثيقة الزواج المنفذة، وجواز سفر أجنبي صالح للزوجة الأجنبية، ووثيقة ولادة مترجمة، وصورة عن الإقامة أو تأشيرة الدخول. أما للزوجات السوريات والفلسطينيات فليزمهن أيضاً بيان قيد جديد".
أما المدة الزمنية التي يتطلبها إنجاز ملف التجنيس، فلا جواب واضح عليه من قبل مدير عام الأحوال الشخصية، العميد الياس خوري. ففي حديث إلى "المدن"، اعتبر أن المسألة "نسبية"، وتتعلق بالفترة اللازمة لاستكمال المعاملة، كي يصار إلى إعداد كتاب رسمي يتم توقيعه من قبل المدير العام، بعد الموافقة عليه، ومن ثم إحالة المعاملة المكتملة إلى قلم النفوس المختص للتنفيذ. ويشدّد خوري على أنه يمنع على مأمور النفوس رفض أي طلب، شفهياً أو خطياً، لأي سبب كان، تحت طائلة الملاحقة القانونية.
عدم وضوح
رغم وضوح القانون والتعميم الجديد، تبقى للنساء الفلسطينيات والسوريات هواجس من إستثنائهن، لاعتبارات طائفية وسياسية. لكن خوري، أكّد أن "القانون لن يستثني أي إمرأة أجنبية، سواء كانت فلسطينية أو سورية، إذا كان طلبها يستوفي الشروط".
لكن للأمن العام قرار واضح، تجاه النساء الفلسطينيات والسوريات، ولا سيما بأن وضع الإشارة الإحترازية على إخراج القيد العائلي، يعود للأمن العام قرار إزالته بعد التقدم بطلب من قبل دائرة النفوس من أجل البدء بمعاملات التجنيس. فهل سيتعاطى الأمن العام بتمييز مع النساء السوريات والفلسطينيات، بطريقة مغايرة لجنسيات الزوجات الأجنبيات؟
وفقاً لما هو متوقع، جاء رد مكتب الشؤون الإعلام في الأمن العام على إسئلة "المدن"، بأنه لم يرد إلى المديرية العامة للأمن العام أي تعميم صادر عن المديرية العامة للأحوال الشخصية عن حق المرأة الأجنبية المتزوجة بلبناني بالاستحصال على الجنسية اللبنانية. وبالتالي، فور وروده سيبنى على الشيء مقتضاه.
أما لناحية وضع الإشارة الاحترازية ورفعها عن بيان القيد العائلي، فرد الأمن العام، بأن وضع الإشارة على قيد الزوج هو للحؤول دون منح الزوجة الأجنبية الجنسية اللبنانية بمفاعيل الزواج وحسب. إذ يتطلب الأمر التثبت لاحقاً من صحة الزواج واستمراريته، خصوصاً أن بعض العقود تجري لتنفيع الأجنبية، للحصول على الإقامة في لبنان كزوجة لبناني. ويتحجج الأمن العام في رده بأن عدد الزيجات من فلسطينيات وسوريات قد ازداد في السنوات الأخيرة، ما يستدعي التريث بإزالة الإشارة الإحترازية.
ويضيف الأمن العام بأن رفع الإشارة تتم على ضوء التحقيقات والاستقصاء، بغية التثبت من صحة الزواج وقيام المساكنة وعدم صوريته.
ستتضح معالم هذا التناقض بين الأمن العام ومديرية الأحوال الشخصية مع بداية شهر نيسان، موعد بدء سريان تطبيق التعميم. وكما يبدو، فأن الإجراءات ستُسهل للأجنبيات من الجنسيات كافة.. باستثناء السوريات والفلسطينيات!
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها