الإثنين 2015/07/20

آخر تحديث: 15:52 (بيروت)

حسين بيضون: بيروت حلوة!

الإثنين 2015/07/20
increase حجم الخط decrease
منذ صغري كانت لدي هوايتا التصوير وكرة السلة. لم أفلح في كرة السلة فتوجهت إلى التصوير. درست في المركز الثقافي الروسي عند أستاذي وائل اللاذقي، وبعدها سافرت إلى روسيا لأخضع لدورة في التصوير. وبعدها عدت إلى لبنان وبدأت التصوير الحر عام 2007 في مسرح بابل وأعياد الميلاد. وقد كنت أريد أن أكون مصوراً صحفياً. لذلك كنت أعمل مع وكالة في الخارج وأرسل لهم صوري. وعملت في جريدة "النداء" كمتطوع. وفي العام 2009 بدأت أول وظيفة رسمية لي كمصور صحفي محترف في جريدة "البلد". واليوم في جريدة "العربي الجديد". هذا طبعاً بالإضافة إلى عملي سابقاً مع "رويترز" وعدد من الوكالات الأخرى. 


منذ أن اشتريت أول كاميرا في العام 2006 بدأت أصوّر المدينة التي أعشقها وأعرف كل زواريبها. كنت أتمرن في الشارع. وفي بيروت لديك خيارات كثيرة. إذا أردتُ تصوير الأحياء هناك برج أبي حيدر، سليم سلام، والكورنيش في عين المريسة. وإذا أردتُ صوراً تراثية أذهب إلى الجميزة ومار مخايل. وفي كل فترة أحب أن أركز على مواضيع معينة. أهوى شوارع بيروت ومبانيها. وأركز على موضوع المرأة في المجتمع. أحرص على الصور الطبيعية، وأؤمن بأن الصورة هي لحظة، واللحظة هي ذكرى "بلحقها أو ما بلحقها". لذا أرفض تركيب الصور والتعديل، وأحب أن تكون صوري كما هي في الواقع.

بيروت اليوم جميلة. بعد عشرين سنة ستتغير ولن تكون مثلما هي اليوم. نجد في الحمرا مثلاً فقراً وغنى في الوقت نفسه. في الصيفي توجد تلك الشجرة القديمة. عين المريسة والروشة ببناياتها. من مار الياس إلى سليم سلام... بيروت حلوة! ربما تكون فردان المكان الوحيد الذي لا أجد فيه مادة للتصوير. أما في البيال فيمكن أن ألقي نظرة على هذه التناقضات كلها.

أصور لأسباب عديدة. يمكن أن أصور كي أقارن بين الصور بعد سنوات. ويمكن أن أصور للاحتفاظ بها. وبالطبع أصور لأنشر الصور كي يراها الناس. واليوم في عصر التكنولوجيا والفايسبوك باتت الصور تنتشر أكثر من زمن سابق كانت تنشر فيه في جريدة معينة فلا يراها سوى جمهورها. لكن هذا التطور أبرز ظاهرة كثرة "المصورين" وكثرة صفحاتهم الفايسبوكية ولكن هذا طبيعي اليوم، و"زمن السرعة" لن يلغي بالتالي أهمية وجود مصورين محترفين. التصوير والصورة لا يعتمدان على الوسيلة فقط. الأهم هو "العين الصحيحة". شخصياً لا أحب أن أصور بالهاتف الذكي، ولست ضد من يصورون به، ولكن التصوير المحترف يبقى في مكان آخر.

بعد الحرب الأهلية نشأ خوف من المصور بعد موت العديد من المصورين بسبب صورهم، ما أدى إلى خسارة ثقافة التصوير في لبنان. المضحك في الأمر أنه في هذه الأماكن التي يحظر فيها التصوير لا نستطيع أن نصور بالكاميرا، ولكن يمكن أن نجد أشخاصاً يلتقطون سيلفي بهاتفهم المحمول. هناك أماكن كثيرة ممنوع فيها التصوير ولكن "الواسطة" تحل المشكلة أحياناً.
أنا أصور لأظهر الحقيقة. أرفض تصوير الجثث والضحايا بل أصور الأمر بطريقة مختلفة. "كي أصور الكل يجب أن أكون مع الكل". فإذا كنتُ في نشاط لحزب "الكتائب" أو لـ"حزب الله" مثلاً "أعيش اللحظة" كي أستطيع الخروج بأجمل صورة.

لست ضد المسابقات ودائماً أشترك فيها. لكن المشكلة أن المسابقات التي تجرى هنا تفتقد إلى لجان حقيقية، ومعايير ثابتة. لا يوجد قوانين محددة للمشتركين، والنتائج لا تكون منطقية بالضرورة. ونتائج هذه المسابقات يمكن أن تدمر شخصاً ما وتفقده الثقة بنفسه وصوره. لكن لا أمانع من إرسال صوري إلى معارض أو نشاطات كي يراها الناس.

واقع المصورين اليوم في لبنان محزن، تحديداً المصورين الصحفيين. بعضهم أخذ حقه في الخارج ولكن ليس هنا. "ما عندن فايسبوك ما حدن بيكرمهم؟". المصور الصحافي اليوم لا يزال يُضرب ويُهان، ولم يأخذ الفرصة التي يستحقها. لا أرى نفسي غير مصور لكن لا أعرف ماذا علينا أن نفعل كي نأخذ حقنا على الأقل. كثيرون هم الذين ضحوا بأنفسهم من أجل هذه المهنة ولكن أين هم اليوم؟ ها هم بلغوا الستين أو السبعين من عمرهم وهم في بيوتهم، ولا أحد يعرف بوجودهم سوى كاميراتهم التي رافقتهم في الماضي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب