الجمعة 2024/07/26

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

الاشتراكي: "صانع الرؤساء" ينتظر على ضفة نهر التسوية

الجمعة 2024/07/26
الاشتراكي: "صانع الرؤساء" ينتظر على ضفة نهر التسوية
آل جنبلاط: من صناعة الرؤساء إلى بيضة القبان وصولاً إلى الانتظار على ضفة النهر (المدن)
increase حجم الخط decrease
لا يجافي النائب وائل أبو فاعور الحقيقة كثيراً حين يقول: "قد نكون الكتلة الوحيدة التي لا تريد أن تتيقّن أو تطمئن مَن هو رئيس الجمهورية قبل عملية الانتخاب".

لا تحتاج كتلة اللقاء الديموقراطي إلى من يطمئنها؛ فهي، وخلفها "الحزب التقدمي الاشتراكي"، الأكثر تمثيلاً للطائفة الدرزية، وأي رئيس "عاقل"، يطمح إلى إنجاح عهده، سيحاول أن يبني علاقة سويّة مع الجهتين.

بالتالي، سيرضى الاشتراكي بـ"أي رئيس"، وهو متيقن أنه منذ بداية رئاسته حتى انتهائها سيلتقيان ويتفقان ويفترقان ويختلفان، تماماً كما حصل تاريخياً مع كل رؤساء الجمهورية الذين تعاقبوا على الحكم، منذ بشارة الخوري إلى ميشال عون.
فقد شهدت كل العهود الرئاسية تعاوناً حيناً وصدامات أحياناً مع "المختارة"، منذ كمال جنبلاط وصولا إلى وليد جنبلاط. حتى العلاقة مع كميل شمعون، جار المختارة، انتهت بمواجهات عسكرية. فبعد أن حُمِلت سيارة كمال، وهو فيها، في دير القمر، كتعبير عن الامتنان لدوره في انتخاب كميل، وبعد أن كانت رُفعت أيضاً يافطة بـ"أوامر إلهية" في البلدة نفسها تقول: "بالشوف شعشع يا قمر وحيّي البلاد وجيلها.. بمحبتك ربي أمر كمالها وكميلها"، انتهى الرجلان في معسكرين متواجهين.

صناعة الرؤساء
كان شائعاً في بعض الأوساط السياسية الحديث عن كمال جنبلاط كـ"صانع الرؤساء"، وهو ما حاول وليد جنبلاط أن يحافظ عليه بقدر ما سمحت به الظروف، من الإقليم إلى الديموغرافيا. فسوّق لفكرة "بيضة القبان"، جاعلاً من "الاشتراكي" والطائفة الدرزية ضرورة في ترجيح كفة فريق سياسي على آخر في بلد التوازنات الهشّة.

ومع ذلك، لن يصنع جنبلاط اليوم معركة أي مرشح ماروني للرئاسة. اتعظ من دروس الماضي البعيد والقريب والعلاقة الشائكة مع "الجنس العاطل"، كما وصف الموارنة في حديث سُرّب منه عام 2009. لكن في الحديث نفسه، قال جنبلاط "صحيح في المنطق الدستوري كان يمكن أن نأتي بنسيب لحود.. لكن العداء مع الشيعة لا لزوم له".

وإذا كان نسيب لحود، باعتداله وانفتاحه وديموقراطيته وإرثه القيميّ ورؤيته الوطنية، لا يستحق يومها أن يخوض جنبلاط معركته الرئاسية، ويتحمل عبء "العداء مع الشيعة"، فهل من إسم  يستحق منه ذلك اليوم؟

ففي زمن الأزمات والصراعات الكبرى وتحولاتها وتأثيراتها على المنطقة ولبنان، يترجم وليد جنبلاط في سلوكه، واحدة من تلك العبارات التي اشتهر بها، ويجلس منتظراً "على ضفة النهر" متحيّناً اللحظة المناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية.

تيمور والخيار الثالث
يتموضع الحزب الاشتراكي اليوم في الوسط. وبعد كمال ووليد، يحاول تيمور جنبلاط أن يجد مساحة خاصة مراعياً كل "الحساسيات" العائلية والحزبية والتاريخية. وبعد أن انتخب وكتلته النيابية جهاد أزعور، وتيقّن انسداد أفق فرصه، أطلق مبادرة جديدة رافعاً لواء "الخيار الثالث"، على أمل كسر الجمود في الملف الرئاسي. خيار ينسجم مع تاريخ "الاشتراكي" ومع تجاربه وحتى مع جغرافية نفوذه، أوليس الجبل في وسط لبنان؟

لكن، لم يكن النائب جنبلاط قد أنهى لقاءاته مع القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب، حتى كان "التيار الوطني الحر" يطلق مبادرة تحت عناوين مشابهة. وقد سبقتهما "كتلة الاعتدال الوطني" في طرح مبادرتها، ولحقتهما المعارضة بمبادرة وفق منظورها.

انتهى كل هذا الحراك إلى نقطة الصفر. فقد صار انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية خارج حدود الـ10452 كلم مربع، منذ فترة غير بعيدة. وصار على اللبنانيين انتظار ما ستنتهي إليه الحرب على غزة وعلى الجنوب، والتسويات التي ستُعقد لمعرفة إسم رئيسهم العتيد.

وحين تنتقل اللعبة السياسية إلى هذا المستوى، يعود "الاشتراكي" إلى ضفة النهر، وينتظر أن تمر العاصفة باقل أضرار ممكنة على تلك الجماعة التي صنعت بعضاً من هوية لبنان ورؤسائه، وصارعت الكثير من الأنواء والأهواء، وتترك للآخرين أن يتفقوا على "أي رئيس"، وبعدها لكل رئيس.. حديث.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها