الإثنين 2024/07/15

آخر تحديث: 13:47 (بيروت)

"مولوتوف" برج حمود يهدد "خصوصية" المنطقة ويفجّر اشكاليات طائفية

الإثنين 2024/07/15
"مولوتوف" برج حمود يهدد "خصوصية" المنطقة ويفجّر اشكاليات طائفية
يتخوّف رئيس بلدية برج حمود من تكرار الإشكالات إذا لم يبادر الثنائي الشيعي إلى حلول جذرية
increase حجم الخط decrease
 

تكاد برج حمود تختصر قصص كل مدن الضواحي اللبنانية، مضافاً إليها، لا بل يتصدرها، "خصوصية ارمنية" لها نكهات "حارّة" ولاذعة في بلد الأقليات وصراعات هوياتها.

يكاد لا يمر يوم في هذه المنطقة من ضواحي بيروت الشمالية من دون اشكال او صراعات فردية، لها الكثير من المضمر في النفوس. هو "المولوتوف" المتفجر المصنوع من ثلاثية الفقر والنزوح والتعصّب، وهو هنا يلبس وجوهاً متنوعة من تعصّب طائفي وحزبي ومناطقي وحتى اتني.

بالتالي لا يحتاج هذا المولوتوف لأكثر من إشكال فردي ليطفو على السطح كل "القيح" المتكاثر في الجسم اللبناني.


"شيعة ... شيعة"
إلى اليوم لم تنته تداعيات اشكال حصل ليل الجمعة الماضي في محلة طراد في برج حمود، حين "قام أفراد من آل عز الدين باستقدام 60 إلى 70 شاباً يرتدون اللباس الأسود وحاولوا اقتحام نادي نيكول تومان التابع لحزب الطاشناق في المحلة، والإعتداء على كنيسة السيدة للأرمن الأرثوذكس، وكلاهما على بعد أمتار من مخفر قوى الأمن الداخلي"، بحسب ما يروي رئيس بلدية برج حمود مارديك بوغوصيان لـ"المدن".

يضيف قائلاً:" هجم هؤلاء على المركز وهم يصرخون شيعة شيعة ويشتمون الأرمن والمسيحيين في صورة غير مبررة ولا مفهومة. ونحن نضع هذا التصرف في إطار "سلوك زعران وخارجين عن القانون"، ولكننا لا يمكن الاّ أن نطلب من الثنائي الشيعي تحمل مسؤولياته وعدم الاكتفاء بالاستنكار. لا بد من خطوات عملية يتخذها حزب الله وحركة أمل لمنع تكرار الموضوع".

وكان هذا الجو المتوتر قد انعكس على المنطقة وتكرر في اشكال آخر بين جارين على خلفية مالية ليتحول، في أحد وجوهه، اشكالاً طائفياً، ترددت فيه الشتائم نفسها وسقط عدد من الجرحى.

 

معالجة سياسية
لا يستبعد رئيس االبلدية بوغوصيان "تكرار ما حصل طالما لم نتوصل إلى حلّ جذري لاسباب هذا الإشكال، ولم يبادر الثنائي الشيعي إلى معالجة الموضوع. فلا يمكن للثنائي التنصل من المسؤولية في هذا المجال، والمطلوب منه قرار حاسم وضبط هذا المناخ غير المسبوق في برج حمود".

يذكر بوغوصيان بـ"دور الأرمن في الحرب الأهلية وحفاظهم على الأخوان الشيعة وحمايتهم، وكان للنادي الذي استُهدف دور كبير في هذا السياق، وبالتالي من ارتكبوا هذا الاعتداء لا يعرفون التاريخ وغير معنيين بالحاضر والحرص على المنطقة والتعايش القائم فيها".

هو الحرص الذي يبديه أيضاً حزب الطاشناق وقد أصدر بيانا شديد اللهجة يتجاوز أدبياته المعهودة شارحا الإعتداء على النادي ومشيراً إلى أنّ الرفاق المتواجدين في المركز وأهالي المنطقة نجحوا في صدّ محاولات الإقتحام والإعتداء تلك".

مؤكداً أنّ "لمنطقة برج حمود خصوصيتها، وقد بذل الحزب على مرّ العقود أغلى التضحيات ولم يوفر الجهود والدماء في سبيل الحفاظ على تلك الخصوصية والعيش المشترك فيها. وعليه، يتوجّه الحزب إلى كلّ الذين لم يتمكنوا من استيعاب تلك الخصوصية، محذراً بأن مثل هذه الأفعال مرفوضة تماماً، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال السكوت عنها". واضعا " الأجهزة الأمنية والقضائية أمام مسؤولياتها، بحيث أنّه لا يمكن التغاضي عن محاولات إثارة النعرات الطائفية في هذه الظروف الحساسة، كما لا يمكن للأهالي تحّمل العراضات والمظاهر المسلحة والإعتداء على الحرمات والمقدسات إلى ما لا نهاية".

مصغّر عن لبنان

تكاد برج حمود أن تكون صورة مصغّرة عن لبنان مع كثافة سكانية خانقة. فبحسب ما يؤكد بوغوصيان لـ"المدن" يقيم "في برج حمود ما بين 150 إلى 160 ألف نسمة على مساحة لا تتجاوز 2.2 كلم مربع، وثلث هذه المساحة غير مأهول على البحر". وفي حين تتداول جهات معنية بأن عدد النازحين السوريين فيها يقارب الخمسين ألف نازح، يؤكد بوغوصيان أن "لا احصاءات كاملة، نحاول أن نقوم بالاحصاءات الضرورية لكن الوقائع تتغيّر يومياً على الأرض. والرقم التقديري للنازحين السوريين هو بين 8 و12 ألف نازح، وهنالك أكثر من هذا العدد من جنسيات مختلفة من بلدان عربية وافريقية ومن الشرق الأقصى".

يقر بوغوصيان بأن عبئاً كبيراً يقع على عاتق البلدية التي انعكست عليها الأزمة الاقتصادية بشكل كبير. "فبعد أن كان لدينا 340 حارساً وشرطياً، لا يتجاوز العدد اليوم نحو الـ70 شرطي، في حين أن المطلوب منا كثير ومتنوّع". ويشير إلى أن "في برج حمود أكثر من ستين جمعية وNGO وتضم 23 مدرسة ومع ذلك يبقى المطلوب أكبر من القدرات المتوافرة".
يختم بوغوصيان كلامه لـ"المدن" مكرراً وجوب أن يتخذ "الثنائي الشيعي مبادرة جدّية في منع تكرار الاعتداءات واتخاذ اجراءات حاسمة في هذا السياق. نحن نعرف أن 60-70 "أزعر" لا يمثلون الشيعة ولا رأي غالبية ابناء برج حمود من الشيعة، لكن هؤلاء قادرون على خلق توترات في المنطقة وشحن النفوس".

وما لم يقله بوغوصيان يقوله الكثر من أبناء برج حمود الأرمن اليوم وهم يتساءلون عن "الإنجاز" والهدف من رفع راية عاشوراء قرب مراكز تابعة للكنيسة الأرمنية ونوادي الطاشناق، واطلاق مكبرات الصوت في شوارع برج حمود وقطع بعض طرقاتها الداخلية التي تضيق، في الأساس، على ناسها وتطبق على أنفاسهم في جو ساخن بكل مقاييس السخونة !.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها