الإثنين 2024/07/15

آخر تحديث: 16:35 (بيروت)

النداء الأوّل لـ"حركة قيد التأسيس":حماية مصالح الناس

الإثنين 2024/07/15
النداء الأوّل لـ"حركة قيد التأسيس":حماية مصالح الناس
"حركة قيد التأسيس" تعلن برنامجها السياسي وتشخّص أزمة النظام (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

 بحضور العشرات من النشطاء السّياسيين والطلبة والعاملين في المجال العامّ، وبعد عملٍ سياسيّ دؤوب على مدار عامٍ ونصف، جمع قوى وأفراد ناشطين سياسيا من شبكة "مدى" وشمالنا ، سهلنا والجبل، مجموعة عمل والنوادي العلمانيّة" وصولًا لتنظيمات سياسيّة في الشمال والجنوب فضلًا عن تيارات يساريّة، تمّ، مساء أمس الأحد، إطلاق النداء الأوّل لما سُمي ب"حركةٍ قيد التأسيس. هدف الحركة، بحسب المنظمين، "إنشاء حركة سياسيّة علمانيّة، ديمقراطيّة، تقدميّة، تطمح لتشكيل كتلةٍ تاريخيّة مجتمعيّة –سياسيّة وازنة، بوجه السّلطة الّتي أعلنت الحرب على اللّبنانيين، وأقطاب عادت للظهور مرة جديد داخل الحالة الاعتراضيّة". وقالوا أنّهم شاركوا في 17 تشرين بأملٍ وإلهام، وقرروا عدم العودة إلى الإحباط والشلّل، والتمسك بهذا "الأمل الكبير" واستعادته بالرغم من كل شيء. مدركين أن المرحلة هذه تتطلّب شجاعة وشغف ومثابرة وتغيير جذريّ في طريقة العمل. مؤكدين أنهم يشعرون بالحاجة إلى لمّ شملهم في تنظيمٍ متين وفعّال، صادق وصريح. ويتطلعون إلى دوائر أوسع في الأحياء والمدن والقرى، ومواجهة المصاعب الاقتصادية سويًّا.

 
استعادة معاني الكلمات
استهل الحفل بكلمة بانا بشور، أستاذة الفلسفة في الجامعة الأميركيّة، الّتي تطرقت فيها إلى المشهديّة السّياسيّة المبنية على الانقسامات والقوقعة المناطقيّة، مشدّدةً على ضرورة رسم خيار جديد مبني على مبادئ واضحة: الحرية، العدالة، المحاسبة، المساواة، التضامن، السيادة الشعبية، والاستدامة البيئية.

 ثم تلاها كلمة جان قصير، صحافي ومؤسس منصة ميغافون، حيث استعرض دروس الخمسين سنة الماضية من العنف والنضال، مشيرًا إلى حق لبنان في أن يكون دولة تحدد مصيرها بعيدًا عن الصراعات الداخلية والخارجية.

وتحدث جورج طوق، مهندس وكاتب صحفي، عن أزمة النظام وأزمة التغيير، موضحًا أن التحالف بين الإقطاعات السّياسيّة والدينيّة والماليّة هو أساس صعوبة المواجهة مع المنظومة، مشيرًا إلى ضرورة التنظيم السياسي الصلب لتحقيق التغيير.

ثم قدم سليم طوق، مهندس، رؤيته السّياسيّة التي تؤكد أن العلمانية هي الحلّ لإشكالية الطائفيّة، مع التأكيد على أهمية استقلالية القضاء واللامركزية الإدارية. أما جو كيروز، وهو متخصص في العلوم السّياسيّة، فتحدث عن شكل التنظيم، مشددًا على أهمية البنية السياسية الصلبة والمرنة في اتخاذ القرارات. وتمّ تقديم رؤية اقتصاديّة تنادي بضرورة مواجهة الانهيار الاقتصادي بمخططات واقعية وشاملة.

وختمت سهى منيمنة، مهندسة وخبيرة تخطيط المدن، بكلمة حول المعارك المحلية والقطاعية، مؤكدة على أهمية التواصل المباشر مع الناس لتحقيق نجاحات صغيرة تبني الثقة.

وأخيرًا، شددت ميشال كسرواني، خبيرة تواصل، على ضرورة خلق لغة جديدة واضحة للتواصل واسترجاع التعابير التي فرغتها السياسة الكلاسيكية من معناها.
وتحت هذا الاقتراح وفي مداره، نقف اليوم عند منظور ( Perspective) جديد لايزال قيد التطوير، قيد الدرس، وقيد النقاش. وسُمي بمدماكٍ مؤسس للحركة قيد الإطلاق بعد نحو العام. منظور قد يبدو مُكرّرًا ومألوف النغمة في الظاهر، لكنه في الصميم، يدفعنا للتساؤل إذا كان بالإمكان تحويله، إلى سياسةٍ ولغة يتكلم بها الرأي العامّ اللّبنانيّ، وتحديدًا شبابه.


نظريات التغيير
وفي حفل إطلاق النداء الأوّل، أشار منظمو الحركة، إلى قيمهم الأساسيّة، وقالوا:" نؤمن بالعمل الجماعي بعيدًا عن الفردانيّة ونرفض البراغماتيّة المطلقة والطهرانيّة الّتي تعوق التغيير. نناقش وجهات النظر بموضوعية وبدون تخوين، ونعتمد على الشجاعة والعمل الميدانيّ. لا ننتظر الانتخابات فقط، بل نعمل يوميًّا، ونعترف بأخطائنا ونتعلم منها. نعزز التضامن والدعم المتبادل، ونسعى لحلّ الخلافات بدون شيطنة. نطمح لبناء فضاء يوفر الأمان والدعم للأفراد".

أما عن منطلقات نظريّة التغيير الخاصّة بهم، فهي تكمن في تشخيص النظام، بما يتجاوز تشخيص السّلطات وحدها شبكات مصالح اجتماعيّة واقتصاديّة وثقافيّة. واعتبروا أن تفكيك هذه الشبكات هي إلزاميّة لتحقيق تغييرٍ ثوريّ حقيقيّ. وقالوا أنهم ينظرون إلى القمع من زاوية تقاطعيّة تربط الصراعات المحليّة بالإقليميّة والعالميّة، فيما يسعون لتشخيص الأزمة وتحديد أدوات المواجهة على نطاق أوسع.
أما نظريتهم للتغيير فتنطلق على ثلاثة صُعد:
- استعادة المجتمع: بتفكيك النظام وبناء أسس جديدة قائمة على التضامن والمصلحة المشتركة، عبر العمل النقابيّ والبلديّ وبناء شبكات الأمان الاجتماعيّ.

- تطوير الفكر السّياسيّ: ابتكار أدوات جديدة للصراع وتطوير نماذج بديلة في السّياسة والاقتصاد.

- التأثير على الحيز السّياسيّ التقليديّ: حماية مصالح الناس من خلال حركة تقدميّة تتفاعل مع الأجندات التشريعيّة والانتخابات.

وذكروا أن مشروعهم التقدميّ والديمقراطيّ مرتبطٌ بمصير المنطقة والقوى التقدميّة العالميّة، مما يتطلب التضامن والتشبيك بين الشعوب والتنظيمات. فيما يسعون للتوازن بين المسار الجذريّ والبراغماتية لتحقيق التغيير دون التخلي عن المبادئ الأساسيّة، وكما لخلق الفرص السّياسيّة وفرض المعارك لتحقيق أهدافهم.


رفض السلاح والفيدرالية
أما عن المبادئ السّياسيّة فتتدرج على عدّة صعد، أهمها:

- الحرية: رفض القمع والهيمنة بكل أشكالها، واحترام حرية الفرد في التعبير والعمل السّياسيّ، وضمان حقوقه الأساسيّة المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان.

- المساواة: المطالبة بالمساواة السّياسيّة، الاجتماعيّة، الاقتصاديّة، والجندريّة، حيث يُمنح الجميع فرصًا متساوية في السكن، التعليم، والرعاية الصحية.

- العدالة: التأكيد على أهمية العدالة الاجتماعية والحقوقيّة، حيث تتجلى في توفير تكافؤ الفرص، شبكة أمان اجتماعيّ، وتوزيع عادل للثروة. كما دعم القضاء المستقل الذي يعزز الحق والمساءلة.
- التضامن: الإيمان بأهمية التضامن الطوعي بين الأفراد والمجتمعات لتحقيق الحرية، المساواة، والعدالة.

- السيادة الشعبية: المطالبة بنظام ديمقراطي يوازن بين الديمقراطية التمثيلية والمباشرة، ويرفض التدخلات التي تقيّد سيادة الشعب.

- الاستدامة البيئية: اعتبار الاستدامة البيئية تحديًّا وجوديًّا، والمطالبة بمقاربات سياسية واقتصادية تراعي تغير المناخ وتقلل من اللامساواة.

وقالوا أنهم يطمحون إلى لبنان دولة علمانيّة ديمقراطيّة، توفر الرعاية الاجتماعية، وتعتمد على نظام اقتصادي عادل ومستدام. كما ويرفضون الإصلاحات الشكليّة ويدعون لإصلاحاتٍ حقيقيّة تُعزز حقوق الأفراد والمجتمعات. معتبرين أن اتفاق الطائف يُشكل مدخلًا لإنهاء الاقتتال الأهليّ والانتقال التدريجيّ من الطائفيّة السّياسيّة. ومع ذلك، فإن وجود قوى مسلحة خارج إطار الدولة وسيطرة منظومة الفساد على الحياة السّياسيّة يخلّ بتوازن القوى، مما يجعل الانتقال إلى عقدٍ اجتماعيّ علمانيّ أمرًا شاقًا. بناءً على ذلك، يرفض هؤلاء التعديلات السطحيّة للنظام مثل المثالثة أو الفيدرالية المقنّعة، قبل تفكيك أساسات النظام وكسر سيطرة قوى السلاح والمال على الدولة.

أما وعن العلاقة مع العالم العربيّ فقالوا:" ننطلق من لحظة الثورات العربية عام 2011 كإحدى اللحظات التأسيسيّة في مسارانا الثوريّ نحو مجتمعٍ حرّ، عادل وديمقراطيّ. لحظة كسرت المستحيلات وأعادت تعريف العروبة، بعيداً عن القوميّة وسلطويّة الأنظمة العربية، عروبة محورها حريّة وكرامة الشعوب، وحقّها في تقرير مصيرها والتضامن بينها كمصدر قوّةِ ضدّ الأنظمة. أخمدت الثورات المضادة الشوارع المشتعلة، وفرضت على الثوار التقوقع في سياقاتهم الوطنيّة الضيّقة، وحجبت عنهم الأفق، وحاصرتهم في عجزهم وخلافاتهم.  إلّا أن هبّت شعوبً أخرى مرّة جديدة في العام الـ 2019 في لبنان والعراق والسودان والجزائر، لتثبت أن شيء ما من لحظة الـ 2011 لم ينته.  فلم تنجح نماذج القتل والدمار في سوريا ومصر إلى ردع الشعوب على التمسّك بالحلم".

 

أزمة النظام اللّبنانيّ
وفي الصيغة الأوليّة اعتبر هؤلاء أن أزمة النظام اللّبنانيّ تتشعب في عددٍ من المسارات، أهمها:

- الطائفيّة السّياسيّة وقد تحوّلت الطائفة من كِيان اجتماعيّ إلى كِيان سياسيّ، وتحوّل الانتماء الدّينيّ – المذهبيّ إلى انتماء سياسيّ تغذّيه العصبيات الطائفيّة. وقد أساء ذلك للدولة والطوائف والمذاهب الدينيّة في آن معًا. فالطائفة تحكّمت بمسار الدّولة لمصلحة من نصّبوا أنفسهم قيّمين على طوائفهم، وهؤلاء تحكّموا بطوائفهم وحوّلوها إلى متاريس يحتمون بها ليجنّبوا أنفسهم المساءلة والمحاسبة، فالمشكلة على درجة عالية من التّعقيد، تتطلّب حلًا جذرياً من أجل تحرير الدّولة إلى من الطوائف وتحرير الطوائف من الاستغلال السّياسي.

- الانهيار الماليّ والاقتصاديّ وقد اعتبروا أن الأزمة الّتي نواجهها في لبنان صراعٌ عميق الجذور ومتعدد الأوجه، يتأثر بشدّة بالديناميات الطبقيّة. لا يؤثر على حياتنا الاقتصاديّة والاجتماعيّة فحسب، بل يؤثر أيضًا على صحتنا وعلاقاتنا، ويكشف عن التناقضات المتأصلة في نظامنا النيوليبرالي. منذ نشأة دولة لبنان الحديثة خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، أعطت الطبقة الحاكمة والبرجوازية الأولوية لمصالح الأعمال المصرفيّة والتجاريّة على حساب بناء الدولة والقطاعات المنتجة. أدى هذا التركيز المتعمد على المؤسسات المالية والشركات الاحتكارية إلى تعزيز الإطار الاقتصاديّ الاستغلاليّ، مما أدى إلى إدامة السيطرة على السلع ورأس المال.

وأشاروا:" للشروع في طريق التعافي الحقيقي، يجب أن تمرّ الدولة بتحولٍ جذريّ، وتفكيك الهياكل القمعية داخل أنظمتنا الاقتصادية والقانونية والحكمية. علاوة على ذلك، يجب علينا أن نضع احتياجات المهمشين والمضطهدين في المقدمة، وتعزيز عقد اجتماعي جديد مبني على مبادئ الدعم المتبادل والتعاون وصنع القرار الجماعي الذي يعمل على تمكين مجتمعاتنا بدلاً من خدمة مصالح القلة المتميزة. إن التحرر من هذه الحلقة المفرغة ومواجهة الأزمة بفعالية، يحتم ضرورة تحدي النظام الرأسمالي السائد وإنشاء نظام يعطي الأولوية لرفاهية المجتمع وتمكينه وهذا يكون من خلال تفكيك الهياكل الاستغلالية وتمكين الشعب، مما يمكن لبنان أن يأمل في شق طريق نحو الرخاء الحقيقي والعدالة الاجتماعية".

أما عن "معضلة حزب الله" فاعتبروا أن "الحزب نما تدريجيًّا ليصبح قوة سياسيّة وعسكريّة مؤثرة في لبنان، متغلبًا على المقاومة العلمانية واليسارية. رغم انتقاداته للنظام الطائفي اللبناني في بداياته، اندمج الحزب في المؤسسات السياسية اللبنانية وشارك في الانتخابات، محققاً نجاحاً انتخابياً منذ عام 1992 .ولا يشكل الحزب تحديًّا جوهريًّا للنظام الاقتصادي أو الاجتماعي السّائد، بل يعزز التوازنات الطائفية القائمة."

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها