بتجاوز الإنقسام "السياسي" بين قوى المعارضة، مضت القوات اللبنانية في عقد مؤتمر "1701.. دفاعاً عن لبنان". وذلك في معرض التحذير من احتمال اندلاع حرب على لبنان بفعل المواجهة التي يخوضها حزب الله ضد اسرائيل مساندة لغزّة. تضع القوات اللبنانية المؤتمر في خانة رفع الصوت عالياً ضد محاولة استدراج لبنان الى الحرب، وللضغط على الحكومة بضرورة تطبيق القرار الدولي ووقف المواجهات ونشر الجيش في الجنوب.
حضور وغياب
جهات عديدة شاركت في المؤتمر الى جانب القوات، أبرزها كتلة تجدد، وعدد من نواب التغيير، ولكن جهات أخرى كثيرة تغيبت كالحزب التقدمي الإشتراكي والحلفاء الأساسيين للقوات ضمن قوى 14 آذار سابقاً، لا سيما فؤاد السنيورة، أحمد فتفت، فارس سعيد، مصطفى علوش وغيرهم، والذين اصدروا بياناً توجهوا فيه الى جعجع بالأسباب الدافعة لمقاطتهم وهو أنهم يريدون اقرار وثيقة سياسية شاملة وليس فقط إصدار بيان يتعلق بالقرار 1701، بل كل القرارات الدولية ولا سيما الـ1559 وأن هذه الوثيقة السياسية لا بد لها أن تنطلق من الحفاظ على اتفاق الطائف. اعتبر هؤلاء أن جعجع أقدم على خطوة تنظيم المؤتمر بدون التنسيق معهم، وأنه وجه لهم الدعوات فقط وبالتالي هم لا يريدون الذهاب لالتقاط الصورة ولا كي يظهر جعجع وكأنه قائد المعارضة.
البحث عن صورة جامعة
على ضفة القوات النظرة مغايرة، اذ تشير المصادر إلى أن الهدف من المؤتمر هو القول إن هناك قوى اساسية في لبنان تعارض خيارات حزب الله، وإنه يجب تقديم صورة جامعة مسيحياً وسنياً ودرزياً، وأن الهدف هو التعبير عن رفض اختطاف حزب الله للدولة اللبنانية وقراراتها وأنه كان يجب تجاوز كل هذه الإختلافات للخروج بموقف موحد يظهر قوة المعارضة وتوحدها بدلاً من إظهار الإنقسام الأمر الذي قد يستثمره الحزب. وحول المقررات تقول مصادر القوات ان القرار 1701 يتضمن أيضاً تطبيق القرار 1550 وبالتالي لم يتم تغييبه.
في افتتاح المؤتمر أكّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن:" محور الممانعة يحاول منع أي إيجابية عن لبنان واليوم نعيش صعوبات اقتصادية مما يؤدي إلى ظروف معيشية موجعة ومؤسسات الدولة تتحلل." وأضاف جعجع: "تم تعطيل الانتخابات الرئاسية والبلدية ونعيش مشكلة اليوم في لبنان وهي وجود دويلة داخل الدولة تصادر القرار وهي تسهل التهريب عبر المعابر غير الشرعية التي مر عبرها قاتلو باسكال سليمان إلى سوريا". وشدّد جعجع على أن "هناك مجموعة تمسك بالسلطة في لبنان ترفض المعالجات لأنها تعمل عكسنا ومؤخرًا طرأت مشكلة جديدة وهي العمليات العكسرية جنوب لبنان التي بدأت بقرار من الحزب وحده." وتابع:" الحزب يقول إن العمليات العكسرية هدفها مساندة غزة لكن لا يحق له أن يُدخل شعب لبنان بهذه الحرب". لافتاً إلى أن "كل ما يحصل جنوب لبنان لم تستفد غزة منه بأي شيء بل تسبب فقط بالخراب للبنان".
مسؤولية الحكومة
كذلك، اعتبر جعجع أن القضية الفلسطينية من أهم القضايا في المنطقة ودعم القضية يختلف عن المتاجرة بها، متمنيًا أن "نستيقظ يومًا ونرى المقاومة تحتل تل أبيب لكن هذا ليس الواقع". وأشار إلى أن "الأمور تتجه نحو الأعظم ولا نستطيع أن نبقى متفرجين على ما يحصل وحسب التقارير والمعلومات من الممكن أن تتطور الأمور جنوبًا إلى وضع "لا يحمد عقباه". ورأى جعجع أن "حكومة تصريف الأعمال كاملة المواصفات وهي مسؤولة عما يحصل جنوب لبنان والحزب يبرر وجوده بالدفاع عن لبنان عكس ما يتبيّن لنا اليوم بعد الدمار الحاصل جنوبًا وبقاء الحزب يمكن أن يعرض حدودنا الجنوبية للاختراق ومناطقنا الجنوبية للخطر". وقال:" كل المعطيات تقول إنه بحال انتشر الجيش اللبناني بكل النقاط المتواجد بها الحزب في جنوب لبنان ينتهي الخطر فماذا تنتظر الحكومة للتحرك؟". وختم جعجع قائلًا:"شعب الجنوب يدفع ثمن وجود ذراع عسكرية إيرانية على حدود إسرائيل".
البيان الختامي
بعد المداولات تشكلت لجنة لصياغة البيان الختامي والمقررات، والذي بدا وكأنه يراد منه أن يكون محطة تأسيسية لمرحلة جديدة سياسياً لا سيما من خلال التركيز على مسألة نزع سلاح الحزب، وقد تلاه النائب وضّاح الصادق وجاء فيه:"لم يعدْ مقبولاً لدينا جميعاً ان يبقى عنوانُ المقاومة ذَريعَةً لانفلاشِ الجزُرِ الامنيّةِ هنا وهناكَ على ارضِ الوطن، وَأَنْ تَتِمَّ من خلالِ هذا العُنوانِ مصادرةُ قرارِ الحربِ والسِّلْمِ ونقلُهُ من الدولةِ السيِّدة الى فصيلٍ لبنانيٍّ يتلقّى أوامرَهُ من الخارج. وَمِنْ ثَمَّ زجُّ اللبنانيين في مسلسلِ حروبٍ لا ينتهي آخرُ فصولِهِ ما يجري اليومَ في جنوبِنا الحبيب. إِنَّ احتمالَ توسُّع الحربِ الدائرةِ في الجنوبِ اللبنانيِّ العَزيزْ، قَائمٌ وخَطيرْ، والتي لم تحصُدْ مِنْ نتائِجَ سِوى قتلِ الجنوبيينَ وتهجيرِهِمْ وإِتلافِ مواسمِهِمْ وهدْمِ منازِلِهِمْ، معطوفاً على انفلاتِ السلاحِ في الداخلِ دونَ أَيِ وازِعٍ يدفعُنا الى إِعلانِ الثوابتِ التالية:
١- إِنَّ السلاحَ خارجَ مُؤسساتِ الدولة الأمنيّة، وفي مُقدِمَتها الجيش، أيّاً يكنْ حامِلُهُ وأيّاً يكُنْ سببُ حملِهِ، هو تهديدٌ للسيادةِ اللبنانيةِ واعتداءٌ صارخٌ على أمنِ الشعبِ اللبنانيِ برمتِهِ، ويستلزِمْ الشروعَ بسحبِهِ فوراً.
٢- إنَّ الجيشَ اللبنانيَّ بقيادتِهِ وأفرادِهِ هو محطُّ ثقةِ اللبنانيينَ جميعاً، وبالتالي هو صاحبُ الحقِ والواجبِ بحمايةِ الحدودِ والسيادةِ اللبنانيَتَيْنِ من أيِّ تعدٍّ أجنبيٍّ، لا سيما من طَرَفِ إسرائيل.
٣- إِنَّ الحكومةَ اللبنانيةَ وإِنْ كانتْ حكومةَ تصريفِ أعمالٍ، تتحمَّلُ وحدَها وبِشكلٍ حصريٍّ، مسؤوليةَ تَطْبيق وتَنفيذ القوانينِ اللبنانيةِ والقراراتِ الدوليةِ على حدٍّ سواءَ، لأنَّهُ مِنْ غيرِ المُمكنِ تصوُّرُ الفراغِ الكاملِ والتَقصير والاستقالةِ التامَّةِ في موضوعٍ يهدِّدُ الأمْنَ الوطنيَّ والمصلحةَ اللبنانيةَ العليا. مِن دون أنْ نُغفِل دَورَ مَجلس النُواب في مساءلة الحكومة وطنياً حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال.
نداء إلى الحكومة
وأضاف البيان:" وعليهِ، وتأسيساً على كلِّ ما سبقَ، وانطلاقاً من ألأولويَّةِ القُصوى لأَحداثِ الجنوبِ في الوقتِ الحاضِرِ، واحتمالِ تدحرُجِها نحو الأسوأِ، يتوجهُ المجتمعون اليومَ في هذا اللقاءِ بنداءٍ الى حكومةِ تصريف الأَعمال برئاسةِ الرئيس نجيب ميقاتي للعملِ الفوري على:
أولاً: تطبيقاً للقرار ١٧٠١، كاملاً، إِصدار الأَوامر بنشرِ الجيشِ اللبنانيِ تحت خطِ الليطاني جنوباً وعلى كامِلِ الحدودِ مع اسرائيلَ لما لهذه الخطوةِ من وقعٍ سياسيٍ كبيرٍ ومن قوةِ ردعٍ حاسمة لما يمكن ان تخطِّطَ له اسرائيلُ ومن لجْمٍ لأيِّ عدوانٍ على السيادةِ اللبنانيةِ يُمكنُ أنْ تُعِدَّ لهُ.
ثانياً: تعزيزُ الرقابةِ على كاملِ الحدودِ مع سوريا والعملُ على ضبط المعابر الشرعيّةِ، واقفالِ جميعِ المعابرِ غيرِ الشرعيةِ، التي يستمرُّ عبرَها تهريبُ السلاحِ والاشخاصِ والاموالِ البضائعِ والممنوعاتِ والمجرمين.
ثالثاً: تنفيذُ خُطَةٍ مستعجلَة وحاسمة لاعادةِ السوريينَ المقيمينَ على الاراضي اللبنانيَّةِ بطريقةٍ غيرِ مشروعةٍ الى ديارهِمْ، إنفاذاً للإتفاقيّة الموقّعة سنة 2003 بين الدولة اللبنانيّة والمفوضيّة العليا للاجئين، والتي لا تعتبر لبنان بَلَدَ لجوءٍ، لأنَّ بقاءَ هؤلاءِ يَنْسُفُ أُسُسَ الكيانِ ويشكلُ قنبلةً موقوتَةً باتت على شفيرِ الإنفجارِ".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها