الخميس 2024/10/24

آخر تحديث: 09:24 (بيروت)

تحرك أوروبي لتطويق المسار الفرنسي وطرح "قوات متعددة الجنسيات"

الخميس 2024/10/24
تحرك أوروبي لتطويق المسار الفرنسي وطرح "قوات متعددة الجنسيات"
بيربوك "إسرائيل نجحت في إضعاف حزب الله إلى حدٍّ كبير ويجب الخروج بحلٍّ دبلوماسيّ" (المدن)
increase حجم الخط decrease
إشاراتٌ دوليّة عدّة، تتقاطع وتتمظهر في سياق دبلوماسيّ جديد، وهو المحاولة الأميركيّة – الأوروبيّة المشتركة لتقويض الدور الفرنسيّ في لبنان، وطرح رؤية موازيّة للخروج بحلٍّ سياسيّ للصراع الدائر بين حزب الله والاحتلال الإسرائيليّ.

وربما يجوز القول إن زيارة المبعوث الأميركيّ آموس هوكشتاين إلى بيروت، لم تكن عاديّة، بل كانت أشبه بحجرٍ تمّ إلقاؤه في مياه الدبلوماسيّة الراكدة، مستدرجة موجات من التكهنات فضلًا عن المساعي الدوليّة وعلى نطاقٍ واسع، بعدما كانت أغلب الظنون تستبعد أي حراك دبلوماسيّ على المدى القريب. واليوم، وبعد هذه الزيارة الاستثنائيّة بدرجةٍ مستحيلة، وعشية مؤتمر باريس أو ما اُصطلح على تسميته بـ "المؤتمر الدوليّ لدعم اللّبنانيين والسّيادة اللّبنانيّة"، بدعوةٍ من الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون والأمم المتحدّة ممثلةً بأمينها العامّ أنطونيو غوتيريتش، يبدو أن هناك هجمة دبلوماسيّة، أوروبيّة تحديدًا على لبنان. آخرها كانت الزيارة المفاجئة الّتي قامت بها وزيرة الخارجيّة الألمانيّة، أنالينا بيربوك، أمس لبيروت.

طرح أوروبيّ موازٍ
"لبنان على شفا الانهيار"، بهذه الكلمات حذرت وزيرة الخارجيّة الألمانية، أمس الأربعاء، من تداعيات الحرب الدائرة. إلّا أنّها بالمقابل، عادت وكرّرت المواقف الألمانيّة السّابقة المناهضة لحزب الله، قائلةً إنّ "إسرائيل نجحت في إضعاف حزب الله إلى حدٍّ كبير والمهمة الآن نحتاج للعمل مع شركائنا في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي لإيجاد حلٍّ دبلوماسيّ قابل للتطبيق ، يحمي المصالح الأمنيّة المشروعة لإسرائيل ولبنان". وأكّدت بيربوك أنّ قوات "اليونيفيل" في جنوب لبنان ضرورية لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار ويتعين الحفاظ عليها. وأشارت من بيروت إلى أنّ "على طرفي الصراع حماية اليونيفيل وأي اعتداء عليها ينتهك القانون الدوليّ"، موضحة أنّه لن يتمّ حلّ هذا الصراع عسكريًّا وحسب. مشترطةً أنّه "يتعيّن على حزب الله أنّ ينسحب إلى ما وراء نهر الليطاني والجيش الإسرائيليّ إلى ما وراء الخط الأزرق". وشدّدت على أنّ "انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان سيكون خطوة مهمة نحو حلّ سياسيّ". وفي رسالةٍ إلى اللبنانيين قالت: "لن نترككم وحدكم".

وهذه هي الزيارة الأوروبيّة الثانيّة للبنان في غضون أسبوعٍ واحد، والّتي تلت زيارة رئيسة الحكومة الإيطاليّة جورجيا ميلوني، قبل أيام، مؤداها وبحسب ما يرى مراقبون، هو تكريس مُعادلة أساسيّة رامية إلى تطويق أوروبيّ – أميركيّ للمساعي الفرنسيّة، حيث يبدو بارزًا التحرك الألمانيّ والإيطاليّ وحتّى البريطانيّ الرامي للقول أن هناك مسعى أوروبيّ آخر يختلف عن المسار الفرنسيّ.

إذ لا تزال باريس متمسكة بالمبادرة الفرنسيّة – الأميركيّة المشتركة، رغم أنّ التطورات الميدانيّة تجاوزتها، حيث قامت إسرائيل بإحباط المبادرة مع تجاهلها لدعوات فرنسا، الّتي تشهد علاقاتها معها توترًا استثنائيًّا. وبينما تُطالب فرنسا بتطبيق القرار 1701 وتُصرّ للدفع نحو الطرح الفرنسيّ – الأميركيّ الذي عُرض بداية الحرب، يبدو واضحًا أن الدول الأخرى وتحديدًا ألمانيا وإيطاليا الّتي زار ممثلوها لبنان، والذين يختلفون بالمقاربة السّياسيّة عن مقاربة ماكرون، باتوا يتحركون للدفع نحو تعديل القرار وإضافة المزيد من بنوده على منوال ما اُصطلح أيضًا على تسميته بـ "1701 Plus". معتقدين أن باريس تفتقر إلى آلية للوصول إلى قرار وقف إطلاق النار، على اعتبار أن "العودة إلى الوضع السّابق ما قبل الـسادس من تشرين الأوّل العام 2023 ليس مطروحًا".

بين اليونيفيل والقوّات متعدّدة الجنسيات
هناك طروحات أوروبيّة تُشير إلى السّعي لإدخال قوات متعددة الجنسيات، أو إدخال مراقبين دوليين، وسبق وعرضت ألمانيا أن يدخل منها مراقبون لآلية تطبيق القرار 1701 بالإضافة إلى تعزيز وتوسيع صلاحيات اليونيفيل. مع الإشارة  إلى كون هذا الطرح ليس بالجديد، فمنذ فترة زار رئيس المخابرات الألمانيّة لبنان واجتمع حينها بنائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم، ودارت أحاديث حينها عن تنسيقٍ ألمانيّ – أميركيّ يسعى لإيجاد سُبل لتعزيز دور اليونيفيل في الجنوب. وأبعد من ذلك، فإن الأحاديث اليوم تدور حول أن الطرح الأوروبيّ الموازي للطرح الفرنسيّ، ما هو سوى امتداد للطرح الإسرائيليّ الذي اقترح نشر قوات متعدّدة الجنسيات على امتداد الحدود اللّبنانيّة – الإسرائيليّة، وقد سبق وطرح البريطانيون فكرة نشر أبراج مراقبة على غرار ما تمّ اقتراحه في سوريا.

مؤتمر باريس: السّجال الفرنسيّ – الإسرائيليّ
أما مؤتمر باريس، الذي قُدم وكأنّه مسعى لتقديم دعم إنسانيّ وتعزيز دور الجيش اللّبنانيّ كعنصرٍ أساسيّ للاستقرار وتطبيق القرار 1701، وكتأكيد على التزام فرنسا التاريخيّ تجاه لبنان،  فيُرجح غياب وزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن عنه، إذ أفاد قصرالإليزيه أن السبب هو تضارب في المواعيد، ما يعني تمثيلًا أميركيًّا خجولًا، في وقت تغيب إيران وإسرائيل عنه نهائيًّا. ويعول كثيرون على نتائج هذا المؤتمر، الذي يعكس رمزية التضامن مع لبنان، خاصة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية ودعم الجيش. إلا أن الأمر الأكثر إلحاحًا هو وقف إطلاق النار، ولا يبدو وشيكًا.

من جهةٍ أخرى، عقد آموس هوكشتاين، مستشار الرئيس الأميركي ومبعوثه إلى المنطقة، محادثات في باريس اذ التقى بالمستشار في قصر الإليزيه إيمانويل بون علماً أن هناك انزعاجاً فرنسياً من هوكشتاين، إذ يعتبر المسؤولون الفرنسيون أنه يريد حصر كل الملف اللبناني بيده ولا يريد شراكة أحد معه. وتناولت المحادثات نتائج اتصالاته مع المسؤولين في لبنان وإسرائيل، والمقترحات التي قدمها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. ورغم غياب بلينكن، تأمل باريس أن تؤكد البعثة الأميركية على "الالتزام الأميركي بأهداف المؤتمر، بما في ذلك المسائل الإنسانية ودعم الجيش اللبناني". وفيما يتعلق بمسألة وقف إطلاق النار، تجنبت الأوساط الدبلوماسيّة، الكشف عن تفاصيل الاجتماعات مع هوكشتاين أو ما حمله من بيروت. كذلك، امتنعت وزارة الخارجية والإليزيه عن الخوض في تفاصيل ما يُعتبر تراجعًا أميركيًّا عن المبادرة المشتركة التي أطلقها الرئيسان ماكرون وبايدن خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ورغم تكرار الأسئلة، استمر الغموض في موقف الإليزيه. وقال مصدر دبلوماسي عربي في باريس إن العلاقات بين باريس وواشنطن في الملف اللبناني "ليست في أفضل حالاتها".

المزاج السّياسيّ اللّبنانيّ
أما داخليًّا، فإن التنافس الأوروبيّ هذا، لا ينعكس على المزاج اللّبنانيّ الدبلوماسيّ، حيث أن الإقبال الأبرز لبنانيًّا يبدو على الطرح الفرنسيّ المثاليّ بالشكل. ويُظهر ذلك أكثر في تعليق على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السّابق، وليد جنبلاط، على زيارة الوزيرة الألمانيّة على منصة "إكس"، حيث قال متسائلًا: "ما إذا كان من الأفضل الاستغناء عن بعض التصريحات أو التحليلات من قبل بعض المعلقين أو الزوار رفيعي المستوى، مثل وزيرة الخارجية الألمانيّة، والتركيز على الجهد الفرنسيّ لمساعدة لبنان." وقد تمّ حذف هذا التعليق لاحقًا. ويُذكر، أنّه من المُزمع أن تعقد  اللجنة الخماسيّة المُكلفة متابعة الملف اللّبنانيّ، اجتماعًا قُبيل المؤتمر، للبحث في الوضع السّياسيّ للبنان، وكيفية الخروج من الحرب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها