في وقت إعلان نصرالله معادلته لحماية الحدود البحرية، وإنجاز ترسيمها وفق الحقوق اللبنانية، لا وفق مطالب جهات أو أطراف معينة، تعمل إسرائيل على البدء بعمليات التنقيب عن النفط والغاز في حقل كاريش، الواقع في منطقة متنازع عليها من وجهة نظر لبنان. وفي هذا السياق طرح نصرالله معادلته: "منع إسرائيل لبنان من التنقيب عن النفط والغاز في مياهه، يؤدي إلى منع حزب الله إسرائيل من التنقيب في كاريش أو غيره". وتضمن موقفه تهديدًا واضحًا ومباشرًا للشركات النفطية. وإذا كان هذا يرفع منسوب التوتر في المرحلة المقبلة، فإنه ينفصل عن مسار العملية الانتخابية أو سواها من التفاصيل اللبنانية الداخلية.
مزارع شبعا بحرية
لكن في الواقع لا يمكن فصل المسارين الذين يعمل نصرالله على تكريسهما. ذلك أن توفير مقومات استمرار حماية الثروات النفطية في البحر، وفرض تحصيل حقوق لبنان كاملة منها في عملية الترسيم، ومنع إسرائيل من الحفر والتنقيب في مساحات متنازع عليها، مقابل منعها للبنان من الحفر والتنقيب في منطقته الاقتصادية الخاصلة، من شأنه أن يطيل أمد الصراع.
وكما كان تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مسألة أساسية لتجاوز البحث في مسألة سلاح حزب الله، سيكون ملف ترسيم الحدود والتنقيب عن النفط والغاز مسألة جديدة لتجاوز البحث في السلاح، مقابل استعداد الحزب عينه للبحث في ما عداها من مسائل وملفات.
استراتيجة دفاعية إقليمية
يقدم نصرالله رؤية سياسية جديدة لحزبه تقوم على تجاوز من يفوز أو يخسر في الانتخابات. وفي هذا التجاوز يسعى إلى فتح البحث في مرحلة ما بعد الاستحقاق الانتخابي. وهو أراد يكون على تقاطع مع الجهد الفرنسي المبذول في لبنان، مبديًا استعداده المسبق للجلوس إلى طاولة الحوار التي يسعى الفرنسيون إلى عقدها.
هكذا يقدم نصرالله حزب الله طرفًا سياسيًا، وليس عسكريًا فقط، وجاهزًا للبحث في الإصلاح السياسي والمالي والاقتصادي، وللانخراط أكثر في الدولة اللبنانية، من دون التخلي عن سلاحه برمزيته وأهميته كحاجة وضرورة له وللبنان. وذلك لأنه عنصر حماية ولا يقتصر فقط على الدفاع. لذا أعلن نصرالله استعداده للبحث في استراتيجية دفاعية. لكن من منظوره هو هذه المرة، وليس من منظور استدراجه واستدعائه للبحث فيها، كأنها تُفرض عليه فرضًا.
من الواضح أن حزب الله يتحضر لمرحلة ما بعد الانتخابات، وما يرافقها من استحقاقات تبدأ بتشكيل الحكومة وتوازناتها، وصولًا إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وما يليها. وفي ذلك يرتبط لبنان بآفاق الوضع الإقليمي والدولي، على وقع المحاولات الفرنسية المستمرة لإنتاج تسوية خاصة بلبنان. تسوية ترتبط بالمفاوضات السعودية- الإيرانية المستمرة، وغير المعروفة حتى الآن نتائجها وانعكاستها على الوضع في المنطقة ولبنان.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها