تجري انتخابات المجلس التنفيذي للرابطة المارونية، يوم السبت 16 آذار، في "الفوروم دو بيروت"، على وقع تنافس شديد بين لائحة تدعمها الأحزاب المسيحية، ويترأسها النائب السابق نعمة الله أبي نصر، وأخرى مدعومة من المجتمع المدني، برئاسة رجل الأعمال غسان خوري. في وقتٍ يطرح المراقبون علامات استفهام كثيرة، حول ما باتت تمثّله الرابطة اليوم، في ظلّ شبه انعدام الدور الذي لطالما أنيط بها في العديد من الملفات، وغياب فاضح للهدف الجوهري الذي أدّى الى تأسيسها، من قبل نخبة من رجال الفكر والاختصاص.
تجمع نخبوي
شكّل الحادي والعشرين من آب عام 1952، تاريخ ولادة الرابطة المارونية، حدثاً استثنائيّاً بالنسبة إلى موارنة لبنان، بعدما برز من رحم المعاناة، تجمّع نخبوي ماروني، يتألّف من رؤساء جمهورية سابقين، ونواب، ووزراء، وموظفي الدولة من الفئتين الأولى والثانية، وضباط كبار متقاعدين، وقضاة، ورؤساء هيئات اقتصادية واجتماعية، ورؤساء مؤسسات، ورجال فكر في كل الاختصاصات. فشكّلت مجموعة ضغط (لوبي)، دعما لسيادة لبنان الحرّ المستقل التعدّدي والديموقراطي، يتمتع فيه جميع المواطنين بالحقوق والواجبات بطريقة متساوية، وضرورية، لاستمرارية العيش المشترك، وتعزيز السلم الأهلي في الوطن. وهنا تتساءل مصادر مطّلعة "عمّا تبقّى من هذه المبادىء اليوم، بعدما تحوّلت الرابطة إلى مجموعة ناخبين يسعون وراء مصالحهم الخاصّة، على حساب المصلحة العامّة، وسط غياب البرامج والمشاريع الإنمائية والتطويرية".
مخالفات النقيب
تلفت المصادر إلى أنّه "سبق لثلاثة أعضاء من أصل 17 يتألف منهم المجلس التنفيذي، أن تقدّموا باستقالتهم منها، وهم: السفير شربل اسطفان، جوزيف نعمه ممثل القوات، ونائب رئيس الرابطة الأستاذ توفيق معوّض. ورغم مرور حوالى سنة على الاستقالة، إلّا أنّ القيّمين عليها لم يجدوا من داعٍ لانتخاب أعضاء جدد مكانهم، ما يشكّل مخالفة واضحة، حسب النظام الداخلي للرابطة"، مستغربة "غضّ نظر رئيس الرابطة نقيب المحامين أنطوان قليموس وأمينها العام أنطوان واكيم عن هذا الفساد الإداري، الذي لا ينتهي هنا. بل يصل الى حدّ دفع البعض رسوم الاشتراك عن المنتسبين، بهدف حثّهم على التصويت لصالحه!"
تراجع الرابطة
وإذ تشدّد المصادر على تراجع حضور الرابطة، في عهد النقيبين سمير أبي اللمع وقليموس، تستبعد "أن يتمكّن المرشّحان أبي نصر أو خوري من تحقيق أي تغيير جدّي، رغم كل الشعارات التي يرفعانها". وتكشف الأوساط أنّ "الرابطة تضم أكثر من 1450 عضواً، في حين لم يسدّد رسم الاشتراك إلا حوالى خمسمئة منهم فقط". فتسأل: "هل يجوز اعتبار هذه الانتخابات شرعيّة؟"، مذكّرة في هذا الإطار، بأنه "قد جرى في عهد رئيس الرابطة الأسبق، رئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه، تعليق عضويّة 450 منتسباً، بقرارٍ تنفيذي. لكن بعد انتهاء ولاية طربيه، قام أحدهم بدفع رسوم تجديد اشتراك هؤلاء الأشخاص، بشكل غير قانوني، كون عضويتهم معلّقة، وأملى عليهم التصويت لصالحه في الانتخابات". وتتوقّع المصادر أن "يكون الوضع مختلفاً هذه المرة، خصوصاً أن عدد المقترعين لن يتجاوز الـ 550 عضو، نتيجة انكفاء مجموعات مؤثرة كمجموعة السفير عبدالله بوحبيب، ومجموعة المير حارس شهاب، ومجموعة رئيس حركة الأرض اللبنانية طلال الدويهي، والتي لها تأثير مباشر وغير مباشر على عدد من المستقلين. وتمنّع هؤلاء عن المشاركة في العملية الانتخابية يعود إلى سبب أساسي، هو تراجع دور الرابطة في السنوات الستّ الأخيرة، بعدما كانت تمتلك حيثيّة وتشكّل قيمة معنوية، وتشارك في المفاوضات وتجمع بين الناس.
تفعيل الرابطة
وفي هذا السياق، كان نائب رئيس الرّابطة المستقيل قد تقدّم باقتراحات عدةّ، تهدف إلى تحسين النظام الدّاخلي وتحصين الأداء، أبرزها اقتراح يحول دون ترشيح مَن لديه مصلحة حزبية إلى المجلس التنفيذي، مُبدياً خشيته من أن نصل إلى مرحلة تتقاسم فيها الأحزاب هذا المجلس، ما قد يشكّل الضربة القاضية للرابطة.
من جهة أخرى، لا ينفي المرشّحان أبي نصر وخوري تراجع دور الرابطة وحيثيّتها في السنوات الأخيرة. ويخوض كلّ منهما المعركة الانتخابية اليوم، تحت شعار إعادة تفعيل دورها وإثبات وجودها. وفي حين يؤكد أبي نصر حرصه على استعادة حقوق المسيحيين المشروعة، يشدّد خوري على رفضه كل محاولات الاستئثار بالرابطة، ووضع اليد عليها من قبل رجال المال والأعمال. وينتقد سياسة رفع بدل الاشتراك السنوي، التي تعتبر أحد أهم أسباب إضعاف الرابطة. ويلفت إلى أنه في حال لم يتم استدراك هذه المشكلة، سيؤدي رفع قيمة الاشتراك إلى خسارة عدد لا بأس فيه من الفاعليات والقيادات المارونية، خصوصاً المتقاعدين التي تحول ظروفهم المادية دون الاستمرار في انتسابهم إلى الرابطة".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها