الدامور
في العام 2008، صدر تصميم جديد للدامور، (أول تصميم توجيهي للمنطقة يعود للعام 1968)، هدفه "تخفيض الاستثمار وتوسيع مساحة الشقق السكنية"، على أن لا يضم الطابق الواحد غير شقة سكنية واحدة. والهدف من ذلك جعل الدامور "منطقة مرتبة" عكس المناطق "الشعبية"، وفق أحد أعضاء البلدية في مقابلة مع أشغال عامة.
لكن الدامور ما زالت تعيش بعض الحساسيات الطائفية جراء الحرب الأهلية. ما يؤدي إلى معارضة دخول "الغرباء" إلى المنطقة، تحديداً المسلمين الذين يتوافدون إلى المنطقة بعد تهجيرهم من بيروت. وفي حين تعزف البلدية والسياسيون على هذا الوتر من خلال شعارات تتغنى بـ"الحفاظ على أملاك المسيحيين" وإبقاء الدامور لـ"أهلها"، فإن هذه الشعارات تسقط أمام النفوذ المالي. إذ قد توافق البلدية على تملك المسلمين شققاً في الدامور إذا كانوا قادرين على دفع ثمنها. ما يعكس البعد الطبقي للتصميم الجديد الذي يغلب الشق الطائفي منه. وتسقط هذه الشعارات مرة أخرى في وجه المنتجعات وأماكن السكن الفاخرة والشركات العقارية التي لا تتناسب مع إمكانية "أهالي" المنطقة بالضرورة.
الدبية
شهدت البلدة أول محاولة تمدن في العام 1998، بموجب مخطط توجيهي صادر بمرسوم أراد المحافظة على خصوصية البلدة، نظرياً. لكنه عملياً ترك مساحات واسعة من مناطق الفرز من أجل "استقطاب السكان وانعاش الحركة الاقتصادية في المنطقة".
منذ العام 2000، شهدت البلدة موجة شراء في ساحلها من قبل "غرباء" لتشهد المنطقة أبرز نقاش جدلي بشأن "تلة الدلهمية"، التي تبلغ مساحتها نحو 3.5 مليون متر مربع، منها مليون متر مربع مفرز كـ"مساحة للحماية"، أي البناء فيها محدود جداً ويضم نادي الغولف. أراد المتمول الشيعي علي تاج الدين شراءها، لكن اعترضت بعض السلطات المحلية على الأمر. فاشتراها رجل الأعمال الماروني روبير معوض. سرياً، انتقلت ملكية الأرض الفعلية من دون علم البلدية عبر السجل التجاري لمصلحة تاج الدين في العام 2011 بسبب تدخلات سياسية، التي أثرت بشكل كبير على شكل الدبية والحق بالسكن فيها. طالبت "شركة إنماء الدلهمية" المملوكة من قبل تاج الدين برفع عامل الاستثمار في منطقتي الدلهمية والهليونية. ما أدى إلى انقسام المجلس البلدي حول الموافقة على القرار. لكن القرار البلدي صدر فعلاً في 7 تموز 2013 بزيادة عامل الاستثمار، فتحولت منطقة تلة الدلهمية إلى مشروع مجتمع مسوّر تحت عنوان "مديار: شروق مدينة".
صحراء الشويفات
بعد الحرب، عمل حزب الله على تحويل المنطقة من أرض زراعية درزية- مسيحية إلى "سكنية شيعية محدودة الدخل"، من خلال خطوات مبطنة يمكن، وفق بحث هبة بو عكر، اختصارها تحت 3 عناوين: أولها، سياسات تعويض مهجري الحرب بتدخل من حزب الله، الذي رأى في بقاء العائلات الجنوبية في العاصمة مصلحة له. فسهل بقاءها من خلال خلقه سوقاً موجهة وتوفير منح لدعم قدرة هؤلاء على السكن والبقاء في صحراء الشويفات. ثانياً، فشل تطوير صحراء الشويفات كمنطقة صناعية جراء الأزمة الاقتصادية التي شهدها لبنان في العام 1996، التي قضت على إمكانية إنشاء هكذا منطقة قرب المطار وانخفاض أسعار العقارات بشكل واضح. فتدخل مطورون عقاريون مدعومون من حزب الله واشتروا الأراضي تلبية لارتفاع الطلب على السكن في الضواحي الجنوبية لبيروت وبأسعار تفوق قيمة السوق المنخفضة. ثالثاً، تحويل المنطقة إلى سوق عقارية من خلال عمل حزب الله مع حركة أمل على توفير خدمات البنى التحتية في المنطقة، بالإضافة إلى تقديم حوافز مغرية كعرض دفعة أولى مغرية جداً لاستقطاب العائلات للسكن في المنطقة.
زوق مكايل
تعاني منطقة الزوق من نسبة تلوث وأمراض صدرية مرتفعة جداً، خصوصاً في "الزوق التحتاني" المتروك للاستثمارات وتجارة البناء بسبب التلوث الذي أفقد المنطقة قيمتها المالية. تصب البلدية جهدها على "الزوق الفوقاني" في ظل هذه الظروف "وتكثيف الشروط التي تجعل مناطقها السكنية مناطق رفاهية وسلامة" من خلال حصر شكل المباني بالشقق الكبيرة والفيلات، كما ورد في المنشور. ويمكن القول إن التصاميم التوجيهية للمنطقة تشجّع البناء والكثافة في المناطق الموبوءة، بينما تترك السكن في الأماكن النظيفة والآمنة للأغنياء. ولعل أبرز العوامل التي تؤدي إلى تساهل البلدية في التجاوب مع مشكلات الناس والكف من خطر الموت والمرض الناجمين عن التلوث هو انخفاض عدد الناخبين، الذين يبلغ عددهم 4000 ناخب فقط، من بين المقيمين فيها وعددهم 35 ألف نسمة.
شكا
لطالما تميزت بيئة شكا بالأنهار وينابيع المياه الحلوة التحت بحرية وبموفولوجية منحدراتها الصخرية وشاطئها الرملي. لكن اليوم تجتاح المنتجعات والصناعات شاطئها والكسارات والمقالع أحراجها. ساهمت عوامل عدة بإرساء هذا التغير، أولها إضعاف التصميم التوجيهي الوحيد الذي لحظ خصوصية المنطقة الطبيعية والبيئية من خلال تعديلات تفيد مالكي العقارات المصنفة صناعية. ثانيها، تضارب المصالح في البلدية. إذ إن "من يترأسها أقام في مرحلة ما علاقة تجارية مع أحد المصانع الكبيرة". ثالثاً، إن تأمين الشركات فرص عمل لسكان المنطقة يؤدي إلى إضعاف الاعتراض المحلي. تصف المهندسة عبير سقسوق، الباحثة المدينية في استديو أشغال عامة، وضع شكا، بـ"الأكثر كارثية. فالمشاريع الصناعية الكبيرة دمرت الاقتصاد المحلي، البيئة البحرية وصحة السكان".
الحصون
تعرف بلدة الحصون في قضاء جبيل بأنها جنة من الأشجار المعمرة والينابيع التي تغذي سائر قرى القضاء، لكنها أصبحت منطقة صناعية "لغايات غالبها شخصية منفعية وبالدرجة الثانية إنمائية"، رغم اعتراض الأهالي. لكن المشكلة الأكبر في الحصون اليوم هي غياب البنى التحتية المتناسبة مع وجود هكذا مدينة صناعية. ما يزيد من الأثر السلبي على البيئة. أما البلدية فتتعامل مع المسألة بكونها "أمراً واقعاً" وترفض توسعة المدينة الصناعية في ظل المطالب المتواصلة بهذا الاتجاه.
الشبريحا
قضى المرسوم الأول لمدينة صور، الذي صدر في العام 1966، بنقل مخيم البص على مدخل المدينة من مكانه وتقسيم عقاراته إلى منطقة مستشفيات ومدارس ومراكز وسكن. لكن المخيم ما زال موجوداً حتى اليوم، بل تمدد أكثر من ذي قبل. لحق هذا التصميم تصميمان آخران عملا على إزالة المخيم بشكل غير مباشر أيضاً. بدأت منذ العام الماضي أعمال بناء أوتوستراد الجنوب السريع بإزالة 47 مبنى مقابل تعويضات، لن تنفع السكان لأنهم لاجئون فلسطينيون لا يتمكنون من الاستملاك، بل سيضطرون إلى الاستئجار. أكثر من ذلك، "لهؤلاء ارتباط وثيق بالأرض لأنهم يزرعونها ويعتاشون منها. فنقلهم من هذا المكان قد يجد لهم بديلاً سكنياً، لكن لن يؤمن لهم بديلاً لتحصيل قوت يومهم. "مفهوم الملكية والقانون في لبنان لا يعطي لمن يزرع الأرض أي حق فيها، على عكس بلدان كثيرة منها السودان والبرازيل"، تقول سقسوق.
نهر البارد
منذ أواخر السبعينات، شهد مخيم نهر البارد نمواً سكانياً سريعاً أدى إلى تحويل كثير من الأراضي من زراعية إلى سكنية، تلبية للطلب على المساكن. كانت هذه التحولات تجري عبر قنوات غير رسمية وضمن "نظام عرفي معقد نظم وهيكل المنطقة"، وفق بحث رنا حسن. على ضوء هذا النظام العرفي، وُجه الأهالي بأبعاد متعددة من الهشاشة، من قبل السلطات المحلية التي لم توفر البنى التحتية لهذه المساكن وسيطرة مالكي الأراضي والمطورين العقاريين على عملية تخطيط امتداد المخيم، من دون النظر إلى المصلحة العامة. ما ينم عن "غياب مبدأ العدالة الاجتماعية عن مقاربة الجهات التنظيمية الرسمية".
النبطية
عرفت النبطية تاريخياً حتى أواخر الستينات بأراضيها الزراعية. أما اليوم، فيبدو أن البلدية الحالية تفضل تسليط الضوء على الطابع الخدماتي للمدينة، خصوصاً بعد تراجع الزراعة فيها بشكل لافت. وفي التصميمات التوجيهية المعمول بها حالياً، تحرص البلدية على تعزيز الدور التربوي، الثقافي، الخدماتي وجذب الاستثمارات. وهناك تصميمات تراعي أصحاب العقارات الخاصة وطلباتهم لناحية رفع الاستثمار فيها. وتعمل البلدية على إقامة منطقة صناعية في النبطية من أجل تأمين وظائف.
ساحل الزهراني: عدلون والصرفند
الزراعة والصيد هما النشاطان الاقتصاديان الأبرز في قرى ساحل الزهراني. تعاني هذه المناطق من التنظيم الجزئي لواجهتها البحرية وترك ما تبقى من أراضي البلدتين من دون تنظيم. ما أدى إلى تزايد عمليات البناء على حساب المناطق الطبيعية والزراعية خلال السنوات الثلاثين الماضية والحد من قدرة المواطنين على الوصول إلى الشاطئ بسبب قيام المشاريع الخاصة عليه في ظل محدودية الحركة السياحية في المنطقتين. التغيرات التي تشهدها هذه المنطقة هي تغيرات آنية توجب تدخلات سريعة، وفق سقسوق، التي تشرح أن "التغيرت تحصل في سهلها الزراعي جراء تغيير تصنيف الأراضي عبر قرارات اعتباطية. في وجه ذلك، ينبغي الطعن بهذه القرارات والغاء فكرة التنظيم عبر قرارات لا تنشر في الجريدة الرسمية". تضيف: "ليس ضرورياً قيام الاقتصاد على مشاريع استثمارية ضخمة، وهي رؤية معظم البلديات في لبنان، بل يمكن تطوير الاقتصاد المحلي".
شاطئ صور
حافظ القانون 708 على المصلحة العامة وخصوصية الساحل الجنوبي لصور محولاً إياه إلى محمية بحرية. إذ ألغى المطالبات الاستثمارية للجهات الخاصة التي كانت تملك مراسيم خاصة للاستثمار وأوقف المشاريع التي كانت الدولة تخطط لإنشائها. واحترمت المخططات التوجيهية للمدينة قيمتها الأثرية من خلال اعطاء الأولوية للتنقيب عن الآثار واحترام المجال البحري العام "على نحو كاف"، وبلوغ عمق الشاطئ ضمن المنطقة "ر" إلى 100 متر في اليابسة، وأبعدت الأراضي المخصصة لبناء المنتجعات البحرية 50 متراً عن المجال البحري العام. والنتيجة، صور السياحية التي نعرفها اليوم.
الضبية
تختفي المعالم الطبيعية لشاطئ الضبية، وأصبحت الكتل الخرسانية تحجب الرؤية عن الجميع بسبب المشاريع الاستثمارية على الشاطئ ومنها "مدينة الواجهة البحرية". من أجل ذلك، يحاول السكان رفع استثمار أراضيهم وزيادة أعداد الطوابق في مبانيهم من فوق مستوى المشاريع الاستثمارية وبالتالي رؤية البحر.
شاطئ صيدا الشمالي
هذه المنطقة هي مثال لتحويل عقار من "ملك عام بحري" إلى ملك بلدي خصوصي في العام 1967، مع لفت النظر إلى أن امتلاك الدولة أو أحد مؤسساتها عقاراً ما بصفتها شخصاً معنوياً لا يعني أن هذا العقار مخصص للمنفعة العامة. في صيدا، تم تحويل الشاطئ الشمالي إلى ملك بلدي خاص بهدف إنشاء المشاريع عليه وأبرزها فندق "صيدون". هدم قسم من الفندق خلال الاجتياح الإسرائيلي لتكمل البلدية تدميره في أواخر الثمانينات في ظل الحديث عن مقايضة حوله بين النافذين في المدينة. بعد ذلك، ارتفعت عوامل الاستثمار لهذه العقارات إلى نسبة عالية جداً وأعلى من أي موقع آخر على الشاطئ اللبناني بموجب التصميم التوجيهي الذي صدر في العام 1995. ينتظر العقار اليوم تنفيذ الاتفاق بين بلدية صيدا و"الشركة اللبنانية للتطوير والاستثمار الفندقي" لإقامة فندق من 4 طوابق ومارينا على البحر وحواجز ستسد كلها الواجهة البحرية، بعدما سدها الأوتوستراد السريع الذي لم يكن موجوداً في عهد فندق صيدون.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها