اكتشفت مروة بزري (20 عاماً) حبّها لرياضة الكاراتيه في الثامنة من عمرها. حينها، انضمّت إلى نادي مدرستها في صيدا لتتدرّب على هذه الرياضة. كانت مع مجموعة أطفال متنوعة بين فتيات وفتية. انتقلت مروة بعد بضع سنوات إلى مدرسة أخرى، وانضمّت إلى فريق المدرسة للكاراتيه. عندها، لاحظت للمرّة الأولى فرقاً واضحاً بين أن تكون فتاة أو أن تكون فتى. إذ كانت الفتاة الوحيدة بين مجموعة صغيرة مؤلفة من 5 فتيان.
دخلت مروة حياة المراهقة بأعبائها وصراعاتها حاملة معها حبها للكاراتيه وضغوطاً نفسية تتعلّق بنظرة المجتمع ومعاييره. ارتدت مروة الحجاب حينها، وباتت خجولة بشكلها إذ كسبت حينها وزناً زائداً، فقرّرت ترك الكاراتيه، فـ"لم يعد لي فرصة فيه".
في المرحلة الثانوية، أخذتها الصدفة إلى مدرب كاراتيه في صيدا. فغلبها الحنين إلى الكاراتيه وأجبرها على الرجوع إلى اللعبة "كطريقة لخسارة بعض الوزن واكتساب شكل جسدي لائق"، تشرح ضاحكة. لم تكن مروة قد خسرت المهارات القتالية التي اكتسبتها، بل سرعان ما برزت وتميّزت في الكاراتيه بين الفتيات والفتيان من فئة وزنها، فسارع مدربها إلى ترشيحها إلى مختلف المباريات، المحلية والدولية. فاحتلت المرتبة الأولى مراراً في مسابقات الاتحاد اللبناني للكيوكوشنكاي بصفة لاعبة تحت 65 و70 كلغ، والمركز الثالث في بطولة الاتحاد العربي للكيوكوشنكاي، وعلى المرتبة الأولى في مباراة منظمة من قبل الجمعية التركية العالمية للكاراتيه، وأخيراً على المرتبة الأولى في مباراة "صيدا فايت نايت 3".
لعبت مروة ضد كثيرات من الفتيات، لكنها نادراً ما تلعب ضد فتاة محجبة. وفي مجتمعها المحلي، تواجه مروة ضغوطا كثيرة جراء تعليقات تتهكّم عليها وقد تهينها أحياناً بسبب لعبها الكاراتيه وكونها فتاة ومحجبة في آن معاً. ما يصعّب وجودها في لعبة "للشباب" او كما يقال لها كثيراً "مش إلك". لكن مروة تحب الكاراتيه، وتشكّل لها عائلتها الصغيرة أرضية صلبة من الدعم غير المحدود لتحقيق كل ما تتمناه، فتتغلّب على هذه الضغوط مرات كثيرة.
"ارتديت الحجاب عن قناعة وعائلتي لم تفرضه علي يوماً، حتى أن أختي الأكبر مني سناً لا ترتدي الحجاب. وأحب الكاراتيه وأنا مقتنعة بممارستي هذه اللعبة"، تقول مروة بإصرار وحزم باديين. فهي تعلمت من الكاراتيه "الاحترام والإصرار والتحدي"، كما تقول.
تتكبد مروة أعباء تتعلق بتقصير رسمي تجاهها يؤخر تحقيق أحلامها في لعبة الكاراتيه. "إذ لا دعم وطنياً لنا لنشارك في مباريات عالمية مع أننا نمثل لبنان". لا تجعل مروة مع ذلك الكاراتيه كل حياتها، فـ"هي ليست طريقاً لكسب العيش". لذلك، تدرس الهندسة الداخلية وهي شريك في مكتب أسسته مع إخوتها لتنظيم المناسبات.
تملك مروة الحزام البني وتستعد لنيل الحزام الأسود، الذي يخولها أن تصبح مدربة أو "سامباي" بتشجيع من مدربها الحالي بطل لبنان في الفنون القتالية محمد الغربي. اليوم، تشكّل مروة حالة تأثير إيجابي في محيطها. إذ شجعت العديد من الفتيات على لعب الكاراتيه، وقد تصبح في المستقبل مدربة للفتيات و"مؤسسة إحدى أهم الأكاديميات الرياضية لتدريب الفتيات على الكاراتيه".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها