استطاع المطلوب محمد حمد، وهو نجل أحد الناشطين في تجمع الشباب المسلم الموجود في مخيم عين الحلوة، الفرار من عناصر الشرطة العسكرية التي كانت تحرسه في مستشفى رفيق الحريري الحكومي والتوجه إلى مكان آمن في المخيم، وفق ما يكشف والده الشيخ جمال حمد لـ"المدن".
وكان حمد بمثابة الفتيل الذي أشعل المعركة الأخيرة في حيّ الطوارئ، بعد محاصرته من عناصر تابعة لجناح العميد أبو أشرف العرموشي، أبرزهم محمد يوسف المعروف بالمبدّى وأيمن العراقي، الذي سلّمته القوة الأمنية إلى الدولة اللبنانية لما تسبب به من قتل للضحية عبدالرحيم المقدح، إبن مسؤول الإعلام في الحركة الإسلامية المجاهدة، الذي أصيب في رأسه لحظة وجوده على شرفة منزله.
تسليم العراقي جاء بعد تسليم جمال حمد ابنه محمد إلى استخبارات الجيش. وهو الأمر الذي كان يرتبّه بالتنسيق مع حركة حماس ووسطاء تواصلوا مع مدير الاستخبارات في الجنوب العميد فوزي حمادة والعقيد سهيل حرب.
قرار تسليم حمد أتى بعد وعد بضمان تناوله الدواء الذي يداوم عليه لمعالجة إصابته الخطرة في دماغه منذ سنة، تلقّاها قبل المعركة الأخيرة. وقد نفذت استخبارات صيدا الوعد. لكن انتقال الشاب، الذي بلغ حديثاً 18 من عمره إلى بيروت، لإجراء عملية جراحية تهدف إلى إخراج الشظايا من منطقة حساسة في جسده (بين رجليه) هدم الاتفاق.
يروي والده لـ"المدن" أنه بعد انتهاء صلاحية الاستخبارات بدأت المعاملة السيئة لابنه طوال شهر كامل من جانب الحرّاس، متهماً أحد المجندين بضربه حتى النزيف على مكان الإصابة أثناء نقله إلى وزارة الدفاع، التي لم تستقبله بسبب سوء حالته الصحية. فأعيد إلى المستشفى الذي لم يستقبله أيضاً بسبب عدم خروجه منها على هذه الحال. فتُرك على الأرض ينزف من ليل الخميس في 22 شباط 2018 إلى يوم الجمعة في 23 منه.
وقد علم والده بعد التواصل مع نجله أنَّ الأخير تعرّض لمحاولة قتل، الأسبوع الماضي، عبر دخول أحد الأشخاص الذي انتحل صفة الممرض فجراً قبل ساعة من موعد الدواء المحدد، وأثناء نوم الحارس المعنيّ بمراقبته. الممرض المزيّف أصرَّ على إعطائه حبة دواء ليبتلعها لا تشبه تلك التي يتناولها يومياً، من دون شرح الأسباب. وهو أمرٌ أثار الريبة لدى محمد، الذي قرع جرس الإنذار فما كان من منتحل صفة الممرض إلا أن غادر المستشفى مباشرةً وقد علمت الإدارة بهذا الأمر.
ويؤكد جمال حمد لـ"المدن" أنَّ كل ما نشر عن انتماء ابنه إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وقتاله في صفوفه في سوريا، كذب. ويوضح أنَّ محمد غادر إلى سوريا قبل أن يبلغ الـ18 من عمره بعد إصابته الخطرة ومكث أياماً معدودة في إدلب، وهي معروفة التوجه والانتماء. وسرعان ما عاد إلى لبنان من دون أن يلتحق بأي تنظيم، لا مبايعاً ولا مناصراً.
الأولوية بالنسبة إلى عائلته هي علاجه عبر انتزاع طلقة الكلاشينكوف من خصيتيه قبل موته، مع استبعاد التفكير بإعادة تسليمه حالياً قبل إجراء العملية بسبب فشل التجربة للمرة الثانية. علماً أنه خلال المرة الأولى كان قد أخرج من مستشفى الراعي في الغازية بعد استفاقته من غيبوبة دامت 13 يوماً، وأوقف في الثكنة 4 أيام من دون من دواء ولا غذاء ولا ماء. وهو أمرٌ أدى إلى إخلاء سبيله من الاستخبارات، وفق رواية والده.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها